news-details

روغل الفر: هرتسي هليفي عرف مسبقا بأنه سيُقتل اطفال وهذه جريمة حرب  

المصادقة على العملية من قبل هرتسي هليفي رغم معرفته بأنه سيقتل فيها اطفال، هي جريمة حرب لا يخفف منها توقفه للحظة قبل العملية وتأجيلها، أو القول إن الجميع يفعلون ذلك

 
"الدراما كانت كبيرة"، كتب ناحوم برنياع يوم الجمعة الماضي. "قبل لحظة من اعطاء المصادقة، رئيس الأركان هرتسي هليفي أمر بالتوقف. عدم اليقين بخصوص النتائج جعله يأمر بالتأجيل. وفي اليوم التالي تمت المصادقة على العملية رغم أنهم عرفوا بأنه سيصاب اطفال، حتى لو كان بعدد قليل... هل موت الاطفال جعل عملية "درع ورمح" الى جريمة حرب؟ لا اعتقد ذلك. ثمانية قاصرين قتلوا في العملية، اربعة منهم في التصفية المركزة لكبار قادة الجهاد... مقارنة مع السابق، وبالتأكيد مقارنة بجيوش اخرى ومواجهات اخرى، هذا ثمن متدن. للاسف الشديد، لا توجد عمليات عسكرية نظيفة تماما" (حسب تعبير برنياع).
المقطع المذكور اعلاه هو نموذج بهلواني اخلاقي من بيت المركز الصهيوني الاسرائيلي، المعتدل في نظر نفسه، وهو يمثل بصورة مخلصة خط الادعاء التلقائي الذي يعرضه المعسكر ازاء قتل الاطفال في غزة في الضربة الافتتاحية التي قام بها سلاح الجو، الذي افتتح جولة القتال الاخيرة. يبدو أن حقيقة أن رئيس الاركان، هرتسي هليفي، ضغط على الفرامل مرة واحدة، تدل على حساسية ضميره المتطورة.
هذا هو الشاهد الذهبي للدفاع: بالنسبة له، المهم هو الحساسية الظاهرية بحد ذاتها. هل المخربون في غزة يتوقفون للتفكير لحظة قبل إطلاق الصواريخ على السكان المدنيين بدون تمييز؟ اذا كان الامر هكذا فها هو الدليل الدامغ على تفوقنا الاخلاقي. لدينا شكوك، لدينا اعتبارات، نحن نتألم جدا، لكن الحقيقة هي أنه اذا أمر رئيس الاركان بالتوقف والتأجيل فهذا يدل على أنه عرف جيدا بأنه توجد مشكلة اخلاقية في أمر التصفية الذي أعطاه. 
ورغم أنه اعطى المصادقة "رغم أنهم عرفوا بأنه سيصاب اطفال، حتى لو بدرجة اقل"، أي جريمة حرب بامتياز وتامة مع علم اسود. بشكل متعمد وضعهم في موقف يقتلون فيه هم وجيرانهم الابرياء. لماذا هذا لا يعتبر جريمة حرب؟ كيف يكون هذا على ما يرام؟
المعسكر العقلاني في نظر نفسه يحب مقولة "في الحرب كما في الحرب"، و"لا توجد عمليات عسكرية نقية تماما"، قال برنياع. هذا صحيح، هذا ادعاء مقبول يعد صالحا في حالات فيها يقتل الاطفال حقا بالخطأ، بالصدفة، لكنه اضاف وكتب: "رغم أنهم عرفوا بأنه سيصاب اطفال". بناء على ذلك لا توجد هنا حالة "في الحرب كما في الحرب"، ولا توجد "صدفة"، يوجد هنا قتل أطفال مع سبق الاصرار. من اجل ماذا؟ هل "درع ورمح" حسّنت وضع اسرائيل الاستراتيجي؟ أو أنقذت على الفور حياة الكثير من المواطنين؟ هل ردعت الجهاد الاسلامي؟ لا، هي جعلته يطلق نحو اسرائيل اكثر من ألف صاروخ. هل منعت الجولة القادمة؟، ايضا لا. ما هي الفائدة من موت هؤلاء الاطفال، الذين بموتهم لم ينقذوا حياة؟ تصفية القادة الكبار للجهاد. الآن تم استبدالهم. من جاءوا مكانهم يعرفون أنهم معرضون للقتل، مع ذلك، هم تسلموا المناصب.
كمخرج اخير فإن صحافيين مثل برنياع، وبالأخص آريه شبيط من  صحيفة "مكور ريشون" يتمسكون بذريعة أن ما يسميه برنياع "جيوش اخرى"، القصد في الاساس قوات الولايات المتحدة في افغانستان وفي العراق – قتلوا مدنيين، من بينهم اطفال، بعدد اكبر بكثير، وكأن القتل الجماعي الذي لا لزوم له، الذي قامت به الولايات المتحدة في حروبها المجرمة وعديمة الفائدة، قادر على شرعنة "في اليوم التالي تمت المصادقة على العملية رغم أنهم عرفوا سيصاب اطفال". هل يوجد شخص عاقل قادر على أن يبرر اليوم التدخل العسكري المدمر للأمريكيين في هذه الدول؟ في وصية "لا تقتل" لا يوجد بند ثانوي يستثني "إلا اذا كان الجميع يفعلون ذلك".

هآرتس- 15/5/2023
 

أخبار ذات صلة