news-details

غانتس تذيّل بنتنياهو ولا مشكلة لديه بدعم بينيت

 

غانتس يهدد بحل الكنيست، ما يفسح المجال أمام فرضية شق كتلة كحول لفان، لا أخلاقيات في السياسة الإسرائيلية، وكل السيناريوهات تبقى مفتوحة

ليس واضحا إلى أي حد بيني غانتس جاد في تهديداته التي ظهرت أمس الأربعاء واليوم الخميس، بأنه في حال لم تقر الحكومة ميزانية حتى نهاية الشهر الجاري، أي بعد أسبوعين من الآن، فإنه على استعداد للانسحاب فورا من الحكومة، وأنه ينسق مع باقي الكتل لحل الكنيست فورا، وبعدها هو على استعداد لدعم كل شخص ما عدا بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة، وإن كان نفتالي بينيت، "فليقرر الشعب، فإذا يريد بينيت فليكن بينيت". 
تصريح غانتس الذي كشف عنه المحلل للشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس" يوسي فيرطر، بناء على أحاديث غانتس لمقربيه، يجب التعامل معه بكامل الجدية، بعد أن أثبت، أكثر من أي وقت سابق، بعد انتخابات آذار الماضي، أن لا ضوابط سياسية له، ولا مشكلة لديه مع اليمين الاستيطاني المتطرف، ليكون شريكا معه في أي حكومة. 
واليوم الخميس، واصل غانتس تهديداته مباشرة، في تصريحات صحفية، دون ذكر نفتالي بينيت، فاليوم لوّح باحتمال إقامة لجنة تحقيق في فضيحة الغواصات.
فحينما فاوض بنيامين نتنياهو، على أساس تشكيل حكومة بين فريقين، كان يعرف مسبقا، أن تحالف أحزاب المستوطنين-التيار الديني الصهيوني "يمنينا"، الذي يحظى بدعم من عصابات استيطانية إرهابية، سيكون ضمن فريق نتنياهو، إلا أن الأخير، بعد أن أيقن أنه لم تبق لحزبه الليكود حقائب وزارية جدية، وأن الأمر سيكون أشد سوءا في حال ضم "يمينا" فقد استغنى عن تلك الكتلة، ولكن ليس قبل أن يقتنص منها نائبا ويعينه وزيرا لديه، وهو رافي بيرتس، رئيس حزب "البيت اليهود-المفدال". 
وفي الأحاديث التي ينقلها فيرطر، جاء أنه "بلغ السيل الزبى" لدى غانتس، ولم يعد يحتمل تعامل نتنياهو معه، والمماطلة في إقرار الميزانية، وأنه قال للمقربين منه، إنه إذا لم تحل مشكلة الميزانية حتى نهاية تشرين الأول الجاري، فإنه سيدعم اقتراحات لحل الكنيست، وأنه تحادث مع رؤساء كتل، وكما يبدو يقصد كتل معارضة بهذا الشأن.
وجاء على لسان غانتس، حسب فيرطر، أن هذا سيقود الى انتخابات، و"أنا سأدعم كل شخص ما عدا نتنياهو لرئاسة الحكومة، وليقرر الشعب ما يقرر، يريد نفتالي بينيت فليكن بينيت"، بقصد زعيم تحالف "يمينا"، الذي تغدق عليه استطلاعات الرأي بمقاعد كثيرة، وتجعله يقفز بقوته الاستطلاعية من 6 مقاعد اليوم، الى 20 وحتى 23 مقعدا. 
واضح أن هذا التصريح يؤكد ما هي خلفية غانتس السياسية، الجنرال الأسبق لجيش الاحتلال، ومن قاد جيشه لحرب على قطاع غزة، وعمليات عسكرية دموية على سورية ولبنان، وما زالت تتملكه العقلية الدموية، بموازاة موقفه من الاستيطان، ففي الأيام الأخيرة أعطى الضوء الأخضر لما تسمى "لجنة التنظيم والبناء"، التابعة لسلطات الاحتلال، لبناء 5400 بيت استيطاني في جميع أنحاء الضفة. 

بين جدية التهديد والسيناريوهات

فيما نقله المحلل فيرطر، جاء أنه "إذا لم تُحل مشكلة الميزانية"، وليس واضحا ما إذا غانتس ما زال متمسكا بإقرار فوري لميزانية مزدوجة للعامين الجاري والمقبل، أم أنه على استعداد للقبول بعرض وزير المالية يسرائيل كاتس، بأن يتم الآن إقرار ميزانية العام الجاري 2020، مع تعهد بأن تقر الحكومة بالقراءة الأولى ميزانية 2021 في أوائل شهر كانون الأول المقبل، وهذه الضبابية ظهرت أمس في تصريحات غانتس المباشرة. 
وعرض كاتس، هو مجرد عرض صادر عمن لا وزن له في القرار لدى سيده، بنيامين نتنياهو، الذي جعل من الليكود حزب الرجل الواحد، نتنياهو، بقوة حيتان المال الداعمة له، والذين لا يبدو حتى الآن، أنهم تخلوا عنه.
ولكن تهديد غانتس حتى لو كان جديا، يفتح المجال أمام سيناريوهات أخرى، وهي مطروحة كفرضيات لا أكثر، فالسياسة الإسرائيلية على مدى عقود، لا توجد فيها ضوابط أخلاقية، ولا التزامات سياسية، فأي أخلاقيات والتزامات لحكم قائم على العنصرية والاحتلال وعقلية الاضطهاد والاقتلاع. 
أبرز هذه الفرضيات، هي مسارعة الليكود لاختراق كتلة "كحول لفان" وإحداث انشقاق فيها، ما يبقي لنتنياهو أغلبية برلمانية ثابتة. فاليوم مع نتنياهو 56 نائبا، منهم 54 نائبا قوة ثابتة، وهم الليكود 36 مقعدا، و"شاس" 9 مقاعد، و"يهدوت هتوراة" 7 مقاعد، والنائب الوزير رافي بيرتس، رئيس حزب المفدال، المنشق عن تحالف "يمينا"، وأيضا النائبين تسفي هاوزر وتسفي هندل (وزير) المنشقين عن حزب "تيليم" المعارض بزعامة موشيه يعلون، وهؤلاء النواب الثلاثة يدركون أنهم في أي انتخابات قريبة لن يعودوا الى الكنيست، وليس من المؤكد أن يجدوا مركبا سياسيا ينقذهم من "الضياع"، خاصة وأن لأي منهم لا يوجد وزن جماهيري. 
المؤكد هو التزام رافي بيرتس، ومن شبه المؤكد بقاء النائبين هاوزر وهندل مع نتنياهو، وهما من التيار اليميني الاستيطاني الشرس، وكانا ضمن التحالف السابق لكحول لفان، وانشقا سوية مع بيني غانتس عن ذلك التحالف، لغرض الانضمام لحكومة نتنياهو، ويقال إن هاوزر لعب دورا مركزيا في شق التحالف. 
في المقابل، فإن لكتلة كحول لفان 15 نائبا، وينضم لهما نائبان من حزب "العمل"، الوزيران عمير بيرتس وايتسيك شمولي. وحسب الاستطلاعات، فإن حزب "العمل" سيختفي عن الوجود السياسي إلى حيث رجعة. أما كحول لفان، فإنه سيخسر ما بين 6 إلى 9 مقاعد من قوته الحالية. وهذا عدا عن أن كحول لفان استخدم ما يسمى "القانون النرويجي"، واستقالة 5 وزراء من عضوية الكنيست، ليدخل نواب آخرين عنهم. 
حينما سيأتي غانتس الى كتلته، وسيعرض حل الكنيست، سيتململ بعضهم، وبعضٌ كثير منهم، على مقاعدهم، لأنهم لن يعودوا لا لمقاعدهم البرلمانية، وبالتأكيد ليست الوزارية، التي وصلوا اليها في غفلة، لم يحلموا بها من حياتهم. 
وهنا سينشأ مكان لحراك متسارع من جهة الليكود لشق كتلة كحول لفان، ويكفيها ضمان 5 نواب، وقد تجد أكثر، تتم اضافتهم للنواب الـ 56، ما يضمن لنتنياهو حكومة ترتكز على أكثر من 61 نائبا، وحكومة كهذه بإمكانها ان تساعد نتنياهو على اجتياز ثلاث عقبات: المحكمة في جولتها الأولى، والأزمتين الصحية والاقتصادية، وبالتالي تمديد أكثر لحياة نتنياهو السياسية. 
واستنادا لحقيقة أنه لا توجد أخلاقيات في السياسات الإسرائيلية، الدائرة في فلك الحكم، فكل السيناريوهات قائمة، حتى وإن لا نلمسها حتى الآن في واجهة الإعلام الإسرائيلي. 
الأيام المقبلة ستكون مثيرة للغاية، في متابعة الحراك السياسي الحكومي، وستكون أشبه بمباراة كرة قدم بين فريقين فاشلين، يعرفان دحرجة الكرة فقط، دون أهداف، سوى قضاء وقت المباراة.

أخبار ذات صلة