news-details

في الطريق الى رئاسة الحكومة: لا خطوط حمراء أمام نتنياهو

وجّه رئيس حكومة اليمين الإسرائيلية بنيامين نتنياهو دعوة واضحة مساء الأحد للعمل على إدخال أكثر أحزاب اليمين تطرّفا وفاشيّةً إلى البرلمان الإسرائيلي، وذلك من أجل ضمان استمرار حكمه وعدم المخاطرة بضياع أصوات اليمين تحت تهديد نسبة الحسم المرتفعة، النسبة التي قام برفعها –لسخرية القدر- من اجل القضاء على التمثيل العربي في الكنيست.

وجّه نتنياهو دعوته هذه عشيّة انتخاب رئيس جديد لحزب "البيت اليهودي" بعد خروج وزير التربية والتعليم نفتالي بينت من الحزب وتشكيل حزب "اليمين الجديد"، إذ تحدّث نتنياهو  مع زعماء في البيت اليهودي ووجّه لهم دعوة إلى الائتلاف مع حزب "عوتسماه يهوديت" وذلك على ضوء التراجع المستمر في قوّة "البيت اليهودي"، حيث رجّحت استطلاعات الرأي عدم عبوره نسبة الحسم مما قد يؤدي إلى استحالة تشكيل حكومة يمين بعد الانتخابات.

ويعتبر حزب "عوتسماه يهوديت" من أكثر أحزاب اليمين في إسرائيل تطرفا وشخوصه هم في الحقيقة أتباع كهانا وحركة كاخ التي تمّ إخراجها خارج القانون واعتبارها حركة إرهابية عام 1994. ينادي أعضاء وقيادة هذا الحزب بفرض السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينيّة وطرد العرب من أرضهم وتوطينهم في الدول العربيّة.

ان الخطوة التي قام بها نتنياهو بداية الاسبوع تحمل في طياتها دلالات خطيرة جدّا ولا يمكن المرور عليها مرور الكرام. انّ الحملة الانتخابيّة الاخيرة "العرب يهرولون لصناديق الاقتراع" ستكون مجرّد نزهة قياسا بما ينتظر الجماهير العربيّة من تحريض خلال الحملة الانتخابيّة؛ التحريض الذي تجرعنا عيّنة منه خلال الحملة الداخليّة لليكود في الاسبوع الاخير والتي شكلت منافسة فاشيّة في مستوى العداء (والانحطاط) تجاه العرب وممثليهم في الكنيست.

ان مصطلح "الحكومة الاخطر على الجماهير العربيّة" شكّل مادّة للدعابة والسخرية واعتباره شعارًا انتخابيّا نستهلكه كل اربع سنوات قبل الحملة الانتخابيّة. لكن التغييرات النوعيّة والجذريّة تتعمق عبر السنوات، وفي حالتنا هذه يدور الحديث حول تغييرات جرت على الخارطة السياسية خلال عقود ثلاثة مضت، منذ حظر حركة كهانا العنصريّة ووضعها على قائمة "الارهاب" العالميّة وحتّى دعوة نتنياهو لضمها لحكومته بداية الاسبوع.

في قمّة "عطائه" حصد كهانا دعم عشرات الالاف ونجح بالدخول الى الكنيست مع توجهات فاشيّة تتشابه بشكل مخيف مع تلك التي عرفتها المانيا النازيّة في بداية اربعينيات القرن الماضي. بالمقابل، في البرلمان الاسرائيلي، واجه كهانا عداءً شديدًا، القاعة افرغت من نوابها وقت خطاباته وقوبل بمقاطعة النواب حتى اولئك المنتمين لحزب الليكود. الليكود لم يكن وحيدَا، فقيادة الصهيونيّة المتديّنة أيضًا لم ترق لهم فكرة كهانا، قد تكون الدوافع انتخابيّة بحت، وقد تكون العوائق شكليّة فقط ، لكن اختفاءها اليوم له تداعيات كبيرة جدًا.

انّ التغييرات التي تجري على الساحة السياسيّة الاسرائيليّة والتوجهات اليمينيّة المتصاعدة تحمل في طياتها اشارات كثيرة عمّا ينتظر الجماهير العربيّة والمنطقة. هذه الأفكار الفاشيّة والعنصريّة كانت أسيرة الغرف المغلقة ولكنها اليوم، وبفعل الصمت الجماهيري أصبحت حاضرة وبقوّة ومن على أعلى منصّات هذه الدولة. وفي عصر مواقع التواصل الاجتماعي والثورة التكنولوجيّة في هذا المجال، يمكن التنبّؤ بأنّ التغيير الجماهيري الذي استلزم اكثر من ثلاثة عقود للخروج من الغرف المغلقة الى العلن، قد يستغرق في زماننا هذا بضع سنوات قلائل، والضحيّة الأساس هم اصحاب البلاد الأصليين. وما يثير القلق، أكثر فأكثر، انّ هذه التصريحات والممارسات الفاشية لم تعد تضايقنا، نحن الضحيّة، اعتدنا عليها، كما يعتاد الضفدع بداية الغليان في طنجرة حتفه، فهل نجد من يطفئ الغاز تحت طبخة حتفنا؟ او على الاقل من يرفع اللهيب محذَرًا قبل قتلنا!

أخبار ذات صلة