news-details

نتنياهو يخوض معركة كسر عظم ضد غانتس وحزبه| برهوم جرايسي

تحليل اخباري

أتباع نتنياهو  لا يتوقفون عن تصريحات إذلال لكتلة كحول لفان ورئيسها، والهدف تفتيت هذه الكتلة في الانتخابات المقبلة

غانتس يعرف نتيجة دخوله بيت العناكب عاريا، ولم يُسعفه انقاذ نتنياهو ومعسكره، وتماهيه مع مواقف اليمين الاستيطاني

يخوض بنيامين نتنياهو معركة كسر عظم، وللدقة أكثر، ما تبقى من "عظم سياسي" لدى بيني غانتس وحزبه الورقي، المسمى كحول لفان. ويظهر نتنياهو في اليومين الأخيرين كمن يتسلى في السياسة، ويطلق مواقف ضبابية، بينما هو يندفع أكثر نحو انتخابات رابعة؛ كما يبدو سيدفع الليكود فيها ثمنا بقوته البرلمانية، ولكن معسكره سيفور بأغلبية مطلقة، حسب الاستطلاعات التي تحوم حولها علامات سؤال كثيرة. ونتنياهو لا يتسلى فقط بغانتس، بل بحزب الليكود، الذي غالبية ساحقة من نوابه ووزرائه لا تريد الانتخابات، لما تشكل تهديدا لقسم جدي منهم، بما يتعلق بمستقبلهم السياسي.

فصباح اليوم الثلاثاء، أطلق رئيس الائتلاف ميكي زوهر، تصريحات تهديد لكحول لفان، في حال أيدت الكتلة مشروع قانون يش عتيد، الداعي لمنع شخص متهم بالجنائيات، من تشكيل حكومة جديدة. وزوهر هو ليس أكثر من بقايا دمية قماشية مهترئة تتحرك بخيوط نتنياهو، وهو ليس مخولا بالتحرك قيد أنملة من دون قرارات من زعيمه الأوحد.

ونتنياهو يعرف، كما يعرف زوهر وغيره، أن كحول لفان ستشترط عدم التصويت على قانون يش عتيد، بموافقة الليكود على مشروع قانون تسفي هاوزر من كتلة "ديرخ إيرتس" الشريكة بالائتلاف، والقاضي بتأجيل الموعد النهائي لإقرار الموازنة العامة بمائة يوم إضافي بعد 25 آب الحالي، الذي هو ما زال الموعد النهائي، ومن دون ميزانية سيتم حل الكنيست تلقائيا.

ومشروع قانون هاوزر، الذي اعرب نتنياهو عن تأييده له مساء الأحد، سيحظى كما يبدو اليوم الثلاثاء بإعفاء من مدة الانتظار 45 يوما حتى طرحه على الهيئة العامة. ولكن السؤال الذي سيطرح نفسه، وهو انعكاس لعدم الثقة بين كحول لفان والليكود: أي مشروع سيُطرح للتصويت غدا الأربعاء في الهيئة العامة أولا: قانون هاوزر أم قانون يش عتيد؟

وحتى اذا لم يمرّ قانون هاوزر غدا الأربعاء، وسقط مشروع قانون يش عتيد، فإن السؤال التالي سيكون: هل سيوافق الليكود على انهاء تشريع قانون هاوزر حتى يوم الأربعاء من الأسبوع المقبل، بمعنى قبل الوصول ليوم 25 آب؟

وهذه ليست مجرد أسئلة حول عمليات إجرائية، فخلف كل سؤال كهذا، هناك سياسة ونوايا. فبعد أن وافق نتنياهو على قانون هاوزر، واصل تمسكه بموقفه المنقلب على اتفاقية الائتلاف مع كحول لفان، بأن يتم إقرار ميزانية العام الجاري فقط، وليس للعامين الجاري والمقبل، بحسب الاتفاق. فأصلا حتى ان لم يتم ما يريده نتنياهو، فإنه سيكون بذلك قد أقر ميزانية عام يشارف على الانتهاء، وسيتم تأجيل إقرار ميزانية 2021 للسنة المقبلة. والجميع يعرف أن نتنياهو يريد اختلاق أزمة حول ميزانية 2021 بهدف حل الكنيست والتوجه لانتخابات رابعة.

هدف نتنياهو واضح: فهو كما يبدو بات على يقين بأن المحكمة العليا ستفرض عليه تجميد صلاحياته في الشهر الأول من العام المقبل، لأنه سيقضي غالبية أيام العمل الأسبوعية، على كرسي الاتهام في محاكمته، وعلى مدى أسابيع ليست قليلة، إذ أن الحديث يجري عن مئات الشهود من الادعاء والدفاع. وبموجب الاتفاق مع كحول لفان، فإنه في حالة تجميد الصلاحيات ستنقل الصلاحيات لشريكه غانتس. ومن ناحية نتنياهو فهذه بداية نهايته السياسية.

واستنتاج نتنياهو يعود الى أمرين: تولي غانتس الصلاحيات سيُضعف تأثير نتنياهو على الحكومة. ولكن الأخطر من ناحية نتنياهو، أن تولي غانتس الصلاحيات، سيزيد من شهية شخصيات مركزية في الليكود للتمرد على نتنياهو.

ولهذا لا يريد نتنياهو الوصول الى تلك النقطة الافتراضية، وباعتقاده أن انتخابات مبكرة، ستفتت الكتل التي تنافسه على الحكم، وسيحظى معسكره بأغلبية مطلقة من دون "يسرائيل بيتينو"، كما يظهر هذا في استطلاعات الرأي، وحينها سيعين نتنياهو نائبا من الليكود ليتولى صلاحيات رئيس الوزراء، وسيختار نتنياهو من يعتبره جروا صغيرا تابعا له كليا، كي يواصل الإمساك بخيوط الحكم، حتى يعود الى مقعده في رئاسة الحكومة.

حسب الاستطلاعات التي يطلع عليها نتنياهو، يرى أيضا أن الأغلبية التي سيحصل عليها الليكود وحلفاؤه الفوريون، سيكون فيها أيضا خسارة الليكود ما بين 5 إلى 7 مقاعد، لصالح تحالف أحزاب المستوطنين "يمينا"، ولكن هذا لا يهم نتنياهو طالما الأمر يخدم أهدافه الشخصية.

وفي المقابل، هذا المشهد يُرعب قسما جديا من نواب الليكود، وليس فقط أولئك المتذيلين في نهاية قائمة الليكود، بل أيضا وزراء وأعضاء كنيست آخرين، في حال قرر حزبهم اجراء انتخابات داخلية لانتخاب قائمة مرشحين جديدة للحزب، فقسم منهم يعرفون أن نتنياهو يتوعدهم.

وتقول التقارير، إنه في اجتماع كتلة الليكود الأسبوعية أمس الاثنين، ظهرت غالبية تريد التوصل الى حل وسط مع كحول لفان وعدم حل الحكومة والكنيست، ولكن بالنسبة لنتنياهو فهذه أصوات كقرقعة التنكة الصدئة، لا يلتفت لها.

هذا المشهد، هو مشهد إذلال لجنرال الحرب بيني غانتس، وشريكه في الحزب جنرال الحرب غابي اشكنازي، الذي اختفى عن الواجهة في الأيام الأخيرة. فغانتس يعرف نتيجة دخوله بيت العناكب عاريا. إذ لم يُسعفهما شق التحالف السابق لكحول لفان، خدمة للسيد الأكبر، نتنياهو، ولم يسعفهما التماهي كليا مع اليمين الاستيطاني، وهما مرتعبان كليا من انتخابات جديدة، وأكثر منهما، هو باقي أعضاء الكتلة، الذين غالبيتهم الساحقة، استيقظت ذات يوم، ورأت نفسها تجلس على كرسي وزاري، لم تحلم به في كل حياتها، وأصلا لم يحلموا في الوصول الى الكنيست: فكيف بين صبح ومساء، سيطير كل هذا، ويتبخر؟

هذا السؤال الأخير، يجعل فرضية سعي نتنياهو لشق حزب كحول لفان، لضمان أغلبية من دون غانتس، قائمة، ولكن هناك شك فيما إذا سيكون نتنياهو معنيا بمناورة كهذه الآن.

ما هي إلا أيام ليست طويلة، حتى نعرف ما إذا سيقبل نتنياهو بدحرجة الأزمة لأسابيع، أم أنه سيقطع الطريق منذ الآن، نحو انتخابات مبكرة، التي ستجري حسب الاعتقاد، إما في نهاية تشرين الثاني، في حال حسم نتنياهو أمره، أو في الربع الأول من العام المقبل، رغم أنه سيكون تاريخا اشكاليا بالنسبة لنتنياهو، إذ أن الحملة الانتخابية ستدور بتزامن مع محاكمته، إلا إذا نجح في تأجيل المحاكمة مرّة أخرى بذريعة الانتخابات.

 

أخبار ذات صلة