news-details

الحَجَرُ والحَجْرُ

الحجَر قديم قِدَم الأَرض والانسان، وحين نقول: في البدء كانت الكلمة يجب أن نُسجّل أنَّ أوّل كلمة كُتبت كانت على حجر...

والحجر كان للإنسان سِلاحهُ الأوّل، وحين كان وحيدا خائفا، كان ينام وسلاحه الحجر الى جانبه، كي يؤْنس وحشته ويُخيف الحيوانات المفترسة،  وحين أراد أن يُبدّد صمتهُ ووحدنه، كان يضرب حجرا بحجر فتخرج قعقعة تُؤْنسهُ وتُدخل الرَّهبة في قلب الحيوان فيلوذ بالفرار... ومن هذا الاحتكاك انطلقت أوّل شرارة لمعت، ففرح بها وفي غمرة فرحهِ يستعيدها، فعرف النّار... وللحجارة أنواع، منها: الزّمرّد، الياقوت، الزّبرجد، العقيق، الجرانيت والألماس وما إليها من الحجارة الكريمة... ولها ألوان كالأسود المقدّس وهو حجر الكعبة، والأبيض وهو حجر الصّخرة في المسجد الأقصى...

ولا بخفى على المسافر في قطار دلالات ومعاني الحجر، أنّ عالمه غريب عجيب، يجمع المتناقضات ويبقى حجرا، له عوالم كامنة، ونيران مخبوءَة، وتاريخ مُحتشد... ويكفي أن نعود الى السيّد المسيح، فقد انتصر للحجر المهجور والمنسيّ، فجعله حجر الزّاوية، فهو النّاصريّ الذي بارك أحد تلاميذه قائلا: أنت الحجر الذي أبني عليه كنيستي، ومنذئذ أخذ اسم بطرس – بيتر – معنى الحجر، ولا بُدّ أن مضيف أنَّ بالصخرة الكبيرة أُغلق باب قبر يسوع المخلّص في الجمعة العظيمة، ليدحرجها ويُبعث من جديد قيامةً وحياة في عيد الفصح المجيد...

أُسجّلُ هذا، رسالةَ تهدئة وطمأنة لما فُرض علينا قَسْرا مِمّا يُعرف بـ: الحَجْرِ الصّحي، وقد لجأت إليه مضطرّةً وزارة الصّحة، لمنع انتشار وانتقال وتفشّي بلاء ووباء الكورونا في البلاد...

وهنا، يجب أن نُميّز بين الحَجْر والحَجْز وهو أشمل من الحَجْر، لكونهِ حًبْسًا، بينما الحَجْر فيه معنى الحبس ولكنَّهُ ليس دائما، وهو أيضا مُشتقٌّ من الحَجَر...  وفي القديم عرف الانسان الحَجرْ وقايةً من تفشّي الأوبئة، حفاظا على حياة الانسان الذي خلقهُ الباري تعالى على صورتهِ...

والمعروف أنَ الأعراب كانوا يصنعون عنان الحصان تحت حَجر ضخم فيحجرونه ويحْجزونهُ فلا يتمكن من الهرب...

وهكذا نرى جليًّا أنَّ الحَجَرْ يخدم الفعل ونقيضَهُ، فهو فعل حريّة وفعل حماية وأمان في مواجهة وباء لئيم خبيث ماكر لا يرحم غزانا على حين غرّة، ولمّا يزل عدوّا نجهله!

لكنّنا، وبقلوب مطمئنة عامرة بذكر اللّه، نبقى على موعد مع الفصح المجيد قيامة وخلاصا...

 

أخبار ذات صلة