news-details

مُفارَقَةٌ..!

على مَشارِفِ مَدينَةِ القُدْسِ، أَو قَبْلَها بِقَليلٍ، نَظَرَ إِلَيَّ سائِقُ سَيَّارَةِ الأُجْرَةِ، وكُنْتُ جالِسًا بِجانِبِهِ، وكُنّا أَثْناءَها نَمرُّ تَحْتَ جِسْرٍ يُوصِلُ جَبَلَينِ. قالَ: أَتَدْرِي ما وَظِيفَةُ هَذا الجِسْرِ؟ أَجَبْتُ: لا! قالَ: أُقِيمَ لِيَكونَ مَعْبَرًا آمِنًا لِلْحَيَواناتِ كَي تَتَنَقَّلَ بِحُرِّيَّةٍ بَينَ الجَبَلَينِ، فَيُجَنِّبَها قَطْعَ الشَّارِعِ والتَّعَرُّضَ لِلْدَّهْسِ. قُلْتُ: إِنَّهُ لَعَمَلٌ إِنْسانِيُّ كَبيرٌ يَجْلُبُ المَديحَ والشُّكْرَ لِلْقائِمينَ عَلَيهِ.

صَمَتَ السّائِقُ، ورُحْتُ أَنا أُسَبِّحُ الخالِقَ في نَفْسِي على أَنْ أَنْزَلَ الرَّحْمَةَ في قُلُوبِ البَشَر.. ولكِنَّنِي وأَنا في هَذِهِ الحالَةِ مِنَ التَّجَلِّي تَساءَلْتُ: ما نَوعُ هَذِهِ الدَّولَةِ الَّتي نَعيشُ فيها!؟ كَيفَ يُمْكِنُ لِمُؤَسَّساتِها أَنْ تَبْنِيَ بِيَدٍ وفي ذاتِ اللَّحْظَةِ نَراها تَهْدِمُ بِاليَدِ الأُخْرى؟! كَيفَ يُمْكِنُ لِهَذِهِ المُؤِسَّساتِ أَنْ تَفيضَ حَنانًا ورَحْمَةً على الحَيَوانِ، فَتَبْنيَ لَهُ جِسْرًا حِفاظًا على حَياتِهِ؛ ومِنْ جِهَةٍ أُخْرى تَهْدِمُ بُيوتًا عامِرَةً على رُؤُوسِ ساكِنيها مِنْ أَطْفالٍ وشُيوخٍ ونِساءٍ بِحُجَّةِ أَنَّ البِناءَ بِدونِ تَرْخيصٍ؟!

لَنْ أَدْخُلَ في دَهاليزِ السِّياسَةِ ومَتاهاتِها المُظْلِمَةِ، ولا بِإِضاعَةِ الوَقْتِ في إِيجادِ الحُلولِ والعَمَلِ على تَوفيرِ الحَياةِ الكَريمَةِ لِلإِنْسانِ وَلِلْحَيَوانِ الَّذي لَهُ الحَقُّ أَيضًا في أَنْ يَعيشَ بِأَمانٍ. فالحُلولُ مَوجودَةٌ، ولِكِنَّ قلوبَ المَسْؤُولينَ قَدْ أَوصَدَتْ أَبْوابَهَا وحَتّى نَوافِذَهَا تِجاهَنا – نَحْنُ العَرَبَ – الى مَتى؟ الى أَنْ يَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كانَ مَفْعولا!!

 

أخبار ذات صلة