news-details

تقرير| "تطبيع بنكهة اسلامية": إذعان "العدالة والتنمية" المغربي للتطبيع يشعل خلافًا إخوانيًا داخليًا واقليميًا

بات حزب “العدالة والتنمية”، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في المغرب، و قائد الائتلاف الحكومي في المغرب، محط سجال حاد منذ أن قررت الرباط، استئناف العلاقات مع إسرائيل. وبعيد إعلان المملكة المغربية التطبيع مع إسرائيل، بات سعد الدين العثماني، أمين عام الحزب، رئيس الحكومة المغربية، نفسه مطالبا بإعلان قرار المملكة استئناف علاقاتها مع إسرائيل، وتأييده لموقف الملك المغربي، محمد السادس.
ويعد هذا الموقف هو الأول للحزب، عقب توقيع سعد الدين العثماني على الإعلان المشترك مع إسرائيل، ما دفع أعضاء من الحزب ونشطاء لمطالبته بتقديم الاستقالة.

ووقع العثماني (يترأس الحكومة منذ 2017)، على "إعلان مشترك" بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة، خلال أول زيارة لوفد رسمي إسرائيلي أمريكي للعاصمة الرباط.


ووقع العثماني في حرج أشد مما وقعت فيه الحكومات التي انتقدها هو نفسه سابقًا بسبب مساعي التطبيع، باعتباره أول رئيس حكومة إسلامي يقدم على هذه الخطوة التي من المفترض أن تتناقض – تصريحيًا على الأقل - مع أهداف حزبه ومبادئه التاريخية، وطرح موقفه تساؤلات حول صدق الإسلاميين تجاه الشعارات التي يرفعونها وهم في المعارضة ومدى التزامهم بها حال وصولهم إلى السلطة.


ومن جانبها، أكدت صحيفة "هسبريس"، مساء اليوم السبت، أن مواقف قيادات حزب "العدالة والتنمية" الحاكم أمام محك المحاكمة البينية، حيث تفرقت الآراء داخل الحزب الإسلامي، خلال الأيام القليلة الماضية، بين منتقدين لخطوة العثماني عبر استحضار مقاطع حديث ودعوات شخصية بثها للاحتجاج ضد إسرائيل، وبين آخرين اعتبروا السلوك امتدادا لفهم الإسلاميين معاني الدولة، بعيدا عن العواطف.


وأكدت الصحيفة أن المحطات المقبلة ستصبح بمثابة قياس مدى تقبل الحزب الإسلامي لعودة العلاقات مع إسرائيل، خصوصا أنها جرت في فترة ولاية الحزب ووقّعها بخط اليد أمينه العام سعد الدين العثماني، بعد سنوات من التجييش ضد أية إمكانية للتطبيع.

ويعتقد طارق أتلاتي رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، في حديث للصحافة المغربية، أن "التنظيم العالمي للإخوان في أزمة فعلية حاليا، وليس فقط الحزب، بسبب اتفاق التطبيع مع إسرائيل."


وفي نفس السياق، قال رشيد لزرق، أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل المغربية، إن حزب العدالة والتنمية يمر بأزمة خطيرة لكنه قادر على احتوائها، "بسبب الخلاف بين الجناحين البراغماتي والمزايد داخل الحزب بشأن التطبيع".


ويرى لزرق أن الحزب سيحصل في نهاية المطاف على "موافقة دينية من الجماعة-التي لطالما استخدمت الدين- على التطبيع، وبالتالي ضمان الكتلة الانتخابية التي تصوت من أجل الدين في الانتخابات المقررة العام المقبل."


وكتب الكاتب في شؤون الحركات الاسلامية ضياء طارق، في مقال على موقع "اضاءات" بعنوان " العدالة والتنمية المغربي: التطبيع بنكهة إسلامية": "قادة العدالة والتنمية اختاروا مجددًا الاصطفاف مع المؤسسة الملكية على حساب شعبية الحزب ومبادئه، وعملت ماكينة التبرير هذه المرة على التركيز على قضية الصحراء الغربية التي اعتُبرت مكسبًا تاريخيًّا وقرارًا لا يُتخيل مدى حجمه بتعبير عبد الإله بنكيران، إلى جانب التهوين من أثر التطبيع على القضية الفلسطينية، وهو ما يناقض المنطق والواقع، فضلًا عن أيديولوجية الحزب ومواقفه السابقة حتى قبل عدة شهور، رغم ذلك يتسق الحزب مع موقفه التأسيسي فيما يتعلق بولائه للدولة الوطنية التي يحظى فيها الملك بالشرعية الدينية والسياسية الأولى باعتباره الضامن لوحدة البلاد وأمنها، وهو ما يستدعي فهمًا خاصًّا للحالة الإسلامية في المغرب."


وأضاف: "قرار الملك تطبيع العلاقات المغربية الإسرائيلية وضع حزب العدالة والتنمية أمام سيناريوهين: الأول هو القبول بالتطبيع ما يعني خسارته رصيدًا لا بأس به من رأس ماله الأخلاقي، فضلًا عن احتمال دفعه ثمنًا سياسيًّا باهظًا في انتخابات 2021، لكنه في المقابل يضمن بقاءه في السلطة، ويوصل رسالة للمؤسسة الملكية أن الحزب مستعد لفعل أي شيء يراه الملك في مصلحة البلاد، ما يعزز الثقة بين الطرفين، وهو ما يهم قادة الحزب. السيناريو الثاني كان يتمثل في الانسحاب من الحكومة، والنأي عن المشاركة في التطبيع حفاظًا على مبادئ الحزب، لكنه باتخاذه هذا الخيار كان سيضع نفسه في مواجهة الملك، ولا يخلو هذا السيناريو من المخاطرة بمستقبل الحزب في وقت تتكالب فيه الأنظمة العربية للقضاء على تيارات الإسلام السياسي، وفي أفضل الأحوال كان سيجد الحزب نفسه مضطرًّا للقبول بالأمر الواقع مجددًا حال فوزه بانتخابات 2021 وعودته للحكم، لكنه وقتها سيكون قد خسر كثيرًا من ثقة الملك، في النهاية رفض الحزب كعادته المخاطرة وفضل التنازل عن مبادئه ولو بشكل مؤقت للخروج من هذه المرحلة بأقل الخسائر، تمامًا كما نجا من موجة الثورات المضادة."

وتابع: "تبريرات الحزب لم ترق رغم ذلك لغالبية جمهوره وأثارت جدلًا متجددًا حول مقاربة “طاعة الملك”، إذ تساءل أنصاره حول الغاية من الحكم إذا كنت مكرهًا على تنفيذ سياسة مخالفة بالكلية لمبادئك، وهو ما ظهر في رفض كل من شبيبة الحزب (منظمة لشباب الحزب) وحركة التوحيد والإصلاح (الذراع الدعوية للحزب) لخطوة التطبيع واعتراف العثماني نفسه بأن الأمر لم يكن سهلًا."

حماس: مؤلم أن يقف زعيم حزب إسلامي إلى جانب مجرم حربٍ تلطّخت يداه بدماء الشعب الفلسطيني

ويذكر ايضًا أن موقف العدالة والتنمية اثار جدلا واسعًا في اوساط الحركات الاسلامية حول العالم العربي، وهاجم رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية، عبد الرزاق مقري، الحكومة المغربية وعلى رأسها سعد الدين العثماني، قائلا إنه خان مبادئه وخطة السابق المعادي للتطبيع.
وعن حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه العثماني، قال مقري إن في الحزب مناضلون صادقون في مناصرة فلسطين، غير أن مؤسسة الحزب إن وافقت على التطبيع فهذه خيانة، على حد تعبيره.


وفي منشور له على فيسبوك، قال مقري إن موقف الحركة من الحزب المغربي واجب على الحركة وعلى الجميع في العالم العربي والإسلامي، مدينا التطبيع، ومعلنا البراءة من كل من يطبع، وداعيا إلى عدم الكيل بمكيالين، وإدانة ما فعله الحزب.


واعتبرت حركة حماس توقيع رئيس الحكومة المغربية الإعلان المشترك لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وتأييد الأمانة العامَّة لحزب العدالة والتنمية لها "خروجًا عن مبادئ الحزب وأدبياته الدَّاعمة والمؤيّدة لفلسطين وشعبها المقاوم، وكسرًا لموقف التيار الإسلامي المجمع على رفض التطبيع."
وقالت حماس: "تابعنا ومعنا شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية بكلّ استهجان وأسف المشهد المدان والصادم الذي أخرج فيه الإعلان المشترك لتطبيع العلاقات برعاية أمريكية بين المملكة المغربية ممثلة برئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية وبين العدو الصهيوني ممثلًا بمستشار الأمن القومي له المجرم مئير بن شبات".


وأضاف: "في مشهد محزن مؤلم أن يقف زعيم حزب إسلامي إلى جانب مجرم حربٍ تلطّخت يداه بدماء الشعب الفلسطيني، وما زالت حكومته المتطرّفة توغل بحربها وعدوانها ضد أرضنا وشعبنا ومقدساتنا".

أخبار ذات صلة