أجرت المقابلة السكرتيرة العامة لحركة النساء، على هامش مؤتمر اتحاد النساء الديمقراطي العالمي الذي عُقد قبل أسبوعين تعريف الرفيقة رندة عبيد، عضوة في اللجنة التنفيذية لـ"الاتحاد النسائي السوداني"، مثّلت الاتحاد في "المؤتمر العالمي للاتحاد النسائي الديمقراطي" الذي عُقد في هافانا – كوبا. تعيش رندة مع عائلتها الصغيرة وأهلها في القاهرة منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023، مثلها مثل ما يقارب ثلاثة ملايين لاجئ ولاجئة من السودان في مصر. وقد قصّت لي وأظهرت لي صور بيتها، وكيف دخلت الميليشيا إلى منزلها وعاثت فيه خرابًا ودمارًا، وأخذوا سيارتها، واضطرت هي وعائلتها، مثل الكثيرين، إلى الهرب من الخرطوم. الاتحاد: لمن لا يعرف أسباب الحرب والنزاع الدائم في السودان، باختصار؟ عبيد: الحرب في السودان هي نتيجة مباشرة لتراكمات طويلة من الحكم الشمولي، وتسييس المؤسسة العسكرية، وغياب المشروع الوطني الديمقراطي، إضافة إلى صراع المصالح بين النخب العسكرية والاقتصادية على السلطة والثروة، على حساب تطلعات الشعب في الحرية والسلام والعدالة. كما تلعب تجاذبات القوى والمصالح الدولية والإقليمية دورًا محوريًا في تأجيج الصراع. الاتحاد: ما موقف الاتحاد النسائي من الحرب وأطراف النزاع؟ عبيد: موقفنا واضح وثابت: نرفض الحرب جملةً وتفصيلًا، وندين كل أطرافها دون استثناء. نحمّل طرفي النزاع المسؤولية الكاملة عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، وننحاز إلى انحيازنا التاريخي للشعب السوداني وخياره المدني الديمقراطي. الاتحاد: عن المرأة السودانية كضحية للحرب؟ عبيد: المرأة السودانية هي الضحية الأولى للحرب: فقدت الأمان، والمأوى، وسبل العيش، وتعرّضت لأشكال متعددة من العنف، خاصة العنف الجنسي والنزوح القسري. ومع ذلك، ظلّت صامدة، تقود الأسر، وتنظم المجتمعات، وتقاوم الانكسار. الاتحاد: هل هناك دور يقوم به الاتحاد النسائي السوداني خلال سنوات الحرب هذه؟ عبيد: نعم، يقوم الاتحاد بدور متواصل ومركّب، يجمع بين العمل الإنساني والعمل الحقوقي والسياسي. فعلى المستوى الإنساني، ساهمت عضوات الاتحاد، داخل السودان وفي بلدان اللجوء، في تنظيم مبادرات لدعم الأسر المتضررة عبر توفير الغذاء والدواء والمساعدات النقدية الطارئة، إضافة إلى دعم المطابخ الجماعية (التكايا) في عدد من المناطق. كذلك يعمل الاتحاد على بناء شبكات تضامن محلية تعتمد على الجهد الشعبي والنسوي في ظل الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة. وعلى المستوى الحقوقي، يواصل الاتحاد توثيق الانتهاكات التي تتعرض لها النساء، ورفع صوت الضحايا في المنابر الإقليمية والدولية، إيمانًا بأن العون الإنساني وحده لا يكفي دون وقف الحرب ومحاسبة المسؤولين عنها. الاتحاد: عندما نتحدث عن غزة ننسى السودان، لماذا برأيك؟ عبيد: لأن الإعلام العالمي انتقائي، تحكمه موازين القوى والمصالح السياسية. مأساة السودان لا تقل فداحة، لكنها تُهمَّش بسبب غياب الضغط الدولي الفاعل وضعف صوت الضحايا في المنابر العالمية. الاتحاد: ما توقعاتك من الاتحاد النسائي العالمي بعد مشاركتك في مؤتمر هافانا؟ عبيد: أتوقع موقفًا أكثر صلابة تجاه الحرب في السودان، ودعمًا سياسيًا وإعلاميًا لقضية النساء السودانيات، وممارسة ضغط حقيقي على المجتمع الدولي لوقف الحرب ومحاسبة الجناة. الاتحاد: ما رسالتك للرفيقات في حركتنا؟ عبيد: تمسّكن بالأمل، وبوحدتنا، وبخطّنا الديمقراطي المستقل. طريقنا صعب وطويل، لكن تاريخ نضال النساء المناضلات يؤكد أن النصر ممكن، وأن المستقبل لنا.