تظاهر حشد من المواطنين ضد السلطة في تونس أمس السبت تحت شعار “المعارضة ليست جريمة” مطالبين بالإفراج عن نشطاء معتقلين، ومنددين بتراجع الحريات. ونُظمت التظاهرة بدعوة من أحزاب سياسية ومنظمات بعد توقيف ثلاث شخصيات معارضة خلال الأيام الماضية دينوا على غرار كثيرين آخرين بـ”التآمر” على أمن الدولة، وهم الشريك المؤسس لائتلاف المعارضة الرئيسي (جبهة الإنقاذ الوطني) أحمد نجيب الشابي، والمحامي عياشي الحمامي، والناشطة شيماء عيسى. هؤلاء هم آخر النشطاء الذين سُجنوا في تونس، كما نقلت وكالة فرانس برس. ويُسجن عشرات المعارضين من محامين وصحافيين وعاملين في المجال الإنساني بتهم ومزاعم التآمر أو استنادا إلى مرسوم رئاسي لمكافحة التضليل الإعلامي. ورفع متظاهرون صورا لعدة شخصيات بارزة مسجونة بينهم زعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي، زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، والخبير في القانون الدستوري جوهر بن مبارك، والناشطة في مجال مكافحة العنصرية سعدية مصباح. ورُفعت شعارات عدة ضد الرئيس قيس سعيد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ العام 2021 حين قرر تجميد أعمال البرلمان ثم حلّه وإقالة رئيس الحكومة. وقالت هاجر الشابي إحدى بنات أحمد نجيب الشابي لوكالة فرانس برس “منذ 25 تموز/يوليو 2021، أي منذ الانقلاب، تغيرت الأمور تماما. رأينا حرياتنا تُنتزع تدريجا، رغم أننا قمنا بثورة”، في إشارة إلى انتفاضة 2011 التي أطاحت حكم زين العابدين بن علي الديكتاتوري. وأضافت “إنه انحدار نحو الجحيم”. وأكد المحامي والمعارض سمير ديلو أن “أطرافا سياسية كانت متنافرة ولم يجمعها حتى الميدان. إن لم يجتمعوا على برنامج أو رؤية مشتركة، فليجمعهم على الأقل النضال الميداني دفاعا عن الحقوق والحريات، والمطالبةً بإخلاء السجون من المعتقلين السياسيين”. تقرير آخر لوكالة رويترز قال إن المظاهرة ضمت محتجين من مختلف التيارات السياسية رفعوا لافتات كتب عليها “المعارضة ليست جريمة” و”الحرية لتونس”، كما حملوا صور عشرات القادة والنشطاء المعتقلين. وجابت المسيرة أحياء شعبية وسط العاصمة تونس، وردد خلالها المحتجون شعارات “لا خوف لا رعب الشارع ملك الشعب ” و”فاشل الرئيس يحكم فينا بالبوليس”، و”الشعب يريد إسقاط النظام”، وهو الشعار الذي أصبح رمز الثورة في 2011 التي أشعلت انتفاضات الربيع العربي. وقالت وحيدة الخالدي، زوجة السياسي المعتقل العياشي الهمامي، لرويترز “طيلة حياتي لم أشاهد وضع أسوأ مما هو عليه اليوم في تونس… القمع، الاستبداد، الظلم والقهر.. أي شخص ينتقد، سواء كان معارضا أو صحفيا أو ناشطا، ينتهي به المطاف في السجن”. ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل إلى إضراب وطني في 21 كانون الثاني/ يناير للاحتجاج على قيود الحقوق والحريات والمطالبة بمفاوضات حول الأجور. ويعكس التحرك النقابي تصاعد الإحباط نتيجة ما تقول إنه تراجع في الحريات وحملة شديدة ضد المعارضة والصحفيين والمجتمع المدني في ظل أزمة تكلفة معيشة حادة. وسيطر سعيد على سلطات واسعة في 2021، وأغلق البرلمان، وبدأ في الحكم عبر مراسيم، وعلق عمل المجلس الأعلى للقضاء، وأقال عشرات من القضاة، وهي إجراءات اعتبرها معارضوه انقلابا. وزعم سعيد إن إجراءاته قانونية وتهدف إلى وقف الفوضى المتفشية. وتعتبر منظمة العفو الدولية أن الاعتقالات الأخيرة تؤكد “تصميم السلطات التونسية المخيف على قمع المعارضة السلمية”، فيما تقول هيومن رايتس ووتش إنه “بعد 15 عاما من الثورة، يبدو الأمر كما لو أن الديكتاتورية عادت رسميا”.