توقف تحليل في موقع "واينت" عند ما أسماه "المنطقة الرمادية للحرب" وهي مرحلة انتقالية تعقب تهدئة أو وقف إطلاق نار جزئي، وتتركّز فيها الجهود على ترسيم الترتيبات الأمنية والسياسية التي ستحدد شكل الإقليم في السنوات المقبلة. وفي هذه المرحلة يستمر استخدام القوة العسكرية بشكل محدود، لكن وزن الدبلوماسية يصبح هو العامل الحاسم. ورأى أن العامل المباشر وراء هذا الانتقال هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي "أوصى" رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مكالمة هاتفية، الأسبوع الماضي، بالانتقال من المبادرات التصعيدية في غزة ولبنان وسوريا إلى خطوات دبلوماسية وبناء ثقة، بما يتيح تنفيذ المرحلة المدنية من خطة "النقاط الـ20 " الخاصة بغزة، والوصول إلى وقف نار مستقر وإلى اتفاقيات تطبيع إضافية. ويتابع التحليل أن نتنياهو تلقّى توصيات مشابهة أيضًا من قادة الجيش الذين يرغبون بإنهاء الحرب الطويلة والبدء بإعادة بناء الجيش وتحديثه. لذلك، هناك توجّه داخل القيادة العسكرية إلى التماشي مع إدارة ترامب ومع مركز التنسيق العسكري–المدني الأمريكي في كريات غات، لا سيما في ما يتعلق بغزة. في موازاة غزة، تعمل واشنطن على منع التصعيد في لبنان وسوريا. وينتهي في 31 كانون الأول/ديسمبر الإنذار الذي وجّهه ترامب لحكومة لبنان بشأن تفكيك سلاح حزب الله، وقد هدّدت إسرائيل مسبقًا بالتصعيد إذا لم يتحقق ذلك. ترامب يريد منع هذا السيناريو ودفع الأطراف إلى ترتيبات تُثبّت مكاسب إسرائيل العسكرية دون حرب شاملة. في هذا السياق فُتح مسار حوار غير مسبوق بين دبلوماسيين إسرائيليين ولبنانيين للمرة الأولى منذ مؤتمر مدريد، ما يشير إلى رغبة متبادلة – باستثناء حزب الله – بالتقدم نحو تهدئة وربما تطبيع بعيد المدى. دخول المبعوثة الأميركية مورغان أورتيغاس على خط الوساطة يعكس رغبة واشنطن في إدارة الملف مباشرة. ضغط ترامب على نتنياهو أدى إلى إعلان إسرائيلي بقبول فتح معبر رفح لخروج المرضى والجرحى تحت إشراف السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي. لكن مصر عارضت بشدة، خشية أن يكون هذا الخطوة الأولى في خطة "الهجرة الطوعية" التي قد تؤدي إلى نزوح جماعي لغزة نحو سيناء، "بما في ذلك عناصر محسوبة على الإخوان المسلمين"، وفقًا للتقرير. وأشار إلى أن ترامب يسعى لوضع "قواعد يوم ما بعد الحرب"، وأبرزها: نقل مركز الجهد من المواجهة العسكرية إلى الدبلوماسية. السماح لإسرائيل بمواصلة الضغط العسكري، لكن بنيران دقيقة وجوية فقط، لا بتوغلات برية واسعة. تفكيك سلاح حماس وحزب الله سيتم أساسًا عبر ضغط سياسي وليس عبر اجتياحات. ووفقًا لتقدير الموقع، ترامب يريد استقرارًا يسمح بتطبيع أوسع بين إسرائيل ودول الخليج، وصولا إلى إبعاد النفوذ الصيني والروسي. وتقليص الوجود العسكري الأمريكي، وتحقيق إنجاز دبلوماسي شخصي وربما الحصول على جائزة نوبل. أما نتنياهو فيسعى إلى "نصر كامل" يشمل تفكيك حماس وحزب الله وتجريد غزة ولبنان من البنى العسكرية، منع أي دور للسلطة الفلسطينية أو تركيا أو قطر في غزة، فرض منطقة منزوعة من السلاح في جنوب سوريا، وقف تعاظم القوة الإيرانية وخاصة في السلاح الدقيق والطائرات المسيّرة وتأمين الحدود الشرقية من تهديدات الحوثيين والمليشيات العراقية. ونبّه إلى أن يظل نتنياهو يخفي نواياه الاستراتيجية حتى عن كبار قادة الجيش. وتابع أن نتنياهو مستعد لقبول تفكيك حماس بالمسار السياسي، لكنّه يهدد بعملية برية واسعة داخل مدينة غزة ومخيمات الوسط إذا لم يتم الأمر خلال أشهر قليلة. تنفيذ ذلك مشروط بإخلاء السكان وفق خطة "غزة الجديدة" الأمريكية، وهي غير جاهزة بسبب عدم تشكيل قوة التثبيت الدولية. ويقدّر التقرير أن حزب الله فقد معظم ترسانته (من 130 ألف صاروخ بقي 20 ألف فقط)، ويعيد حاليًا بناء قوة المسيّرات بدعم إيراني. ومع أن الجيش اللبناني – بدعم من نيران إسرائيل – نجح في إبعاده من جنوب لبنان تقريبًا، إلا أن تفكيكه شمال الليطاني يبدو صعبًا. هناك ضغوط داخل لبنان على الحزب بسبب الدمار وانهيار الاقتصاد، وهي ورقة يعوّل عليها ترامب لتحقيق تهدئة أو حتى تطبيع مستقبلي. وهو يخلص إلى أن المنطقة تقف أمام مرحلة إعادة رسم قواعد اللعبة بعد الحرب: ضغط أمريكي نحو التهدئة والدبلوماسية، مقابل رغبة إسرائيلية لدى نتنياهو "بنصر كامل"، وسط سباق بين إعادة بناء القوى الإقليمية وبين ترتيبات قد تقود إلى هدنة طويلة أو تطبيع جزئي، إن نجح الوسطاء في منع الانفجار المقبل.