news-details

المغرب قطفت ثمار التطبيع قبل موسم "كامب ديفيد"| تقرير: شادي نصار

لم تكن في السنوات الأخيرة، وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، "علاقات رسمية مع المغرب، لكن كانت هناك نشاطات واتصالات خلف الكواليس". شاركت عدة جهات في ذلك، الموساد، مجلس "الأمن" القومي، وأيضاً وزارة الخارجية الإسرائيلية. التقارير المتشابهة المؤلفة من تسريبات ذكرت أنه في السنوات الأخيرة "حصلت زيارات رسمية لمسؤولين إسرائيليين، بمن فيهم رئيس الموساد"، لافتةً إلى أنه "حصلت محاولات متقدمة لتنسيق زيارة لرئيس الحكومة نتنياهو الى المغرب". فهل بالفعل يعتبر الإسرائيليون هذا التطبيع نقلة نوعية في العلاقات مع المغرب، وهل يمكن اعتبار بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة المتورط باتهامات الفساد والذي يتربع على عرش حكومة متهالكة، هو عرّاب العلاقات الإسرائيلية المغربية؟ أم أنّ المغرب ولواقع التاريخ فقد قطف ثمار التطبيع مع إسرائيل قبل موسم "كامب ديفيد"؟

عقب حادثة غرق سفينة "اجوز" التي كانت تقل يهودا مغربيين الى إسرائيل، في عام 1961، بدون اذن الحكومة المغربية، وعقب تغيير الحكومة المغربية بين الملك محمد الخامس وابنه الحسن الثاني، جرت مفاوضات سرية بين إسرائيل والمغرب وتم التوصل إلى اتفاق يسمح لليهود المغربيين بمغادرة البلاد. كجزء من الاتفاقية، تعهدت إسرائيل بدفع مبلغ 250 دولارًا للحكومة المغربية عن كل يهودي توافق الحكومة المغربية على مغادرته للبلاد. بالإضافة إلى ذلك، تعهدت إسرائيل بمساعدة المغرب في تطوير آليات الأمن الداخلي كما نقلت القناة الإخبارية "فرنسا 24". بعد إزالة القيود المفروضة على مغادرة اليهود للمغرب، هاجرت الغالبية العظمى من الجالية اليهودية المغربية إلى إسرائيل أو هاجروا إلى أوروبا على مدى السنوات المتتالية.

أقيمت العلاقات بين الأجهزة الأمنية من البلدين، في عام 1963، بقيادة دافيد شومرون ويعقوب كروز من الجانب الإسرائيلي، ومحمد أفقير رئيس جهاز الأمن المغربي، وأدت العلاقات إلى لقاء بين يعقوب كروز ورئيس الموساد ومئير عميت من جهة والملك الحسن الثاني من جهة أخرى، ومن ثم تم لقاء آخر بين كروز مع الملك، حيث أبرمت صفقة أسلحة إسرائيلية مغربية.

واستمرت العلاقات السرية بين إسرائيل والمغرب منذ تلك الفترة، وانعكس ذلك أيضًا في قضية بن بركة. في 29 تشرين أول 1965، تم اختطاف وقتل المهدي بن بركة، وهو ناشط سياسي مغربي معارض للبيت الملكي. وبحسب ما تم الكشف عنه لاحقًا، أضرت هذه الحادثة بالعلاقات الإسرائيلية الفرنسية وأثارت ضجة سياسية في إسرائيل، وأوضحت المعلومات أنّ المؤسسة الاستخباراتية الإسرائيلية هي التي زودت أجهزة الأمن المغربية بالمعلومات حول مكان بن بركة.

وشارك المغرب في جهود الوساطة بين إسرائيل ومصر على مر السنين، وكذلك في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين. وكجزء من جهود الوساطة هذه، كان المغرب من أوائل الدول العربية التي سمحت للقادة الإسرائيليين بزيارتها. خلال فترة توليه منصب وزير، التقى الحسن الثاني بموشيه ديان بحضور الدكتور حسن التهامي، المبعوث والمستشار الشخصي للرئيس المصري أنور السادات في عام 1977. وكان هذا الاجتماع بمثابة اختراق سياسي أدى إلى اتصالات مباشرة بين إسرائيل ومصر، وبلغت ذروتها بزيارة السادات التاريخية لإسرائيل. في أيلول 1977، قبيل زيارة السادات للكنيست، التقى مبعوثه، نائب رئيس الوزراء حسن التهامي، بوزير الخارجية الإسرائيلي موشيه ديان في المغرب، وفي كانون أول، التقى الإثنين مرة أخرى في قصر الملك الحسن الثاني الواقع في مراكش.

زار رئيس حكومة إسرائيل شمعون بيرس المغرب، في 22 تموز 1986، والتقى بالملك الحسن الثاني في منتجع إفران، وفي عام 1995، عقب اتفاقيات أوسلو، أقيمت علاقات دبلوماسية وطيدة بين البلدين كما نشرت صحيفة "هآرتس". في عام 2000، عقب أحداث الانتفاضة الثانية، قطع المغرب علاقاته الرسمية مع إسرائيل، لكن بقي من الممكن للسياح التنقل بين البلدين.

على مر السنين، تميزت المغرب بكونها واحدة من الدول العربية الوحيدة التي تعتبر "صديقة للسياح الإسرائيليين" ووجهة سياحية للإسرائيليين، وزار السياح الإسرائيليون المغرب منذ السبعينيات والثمانينيات. عدد السائحين الإسرائيليين الذين يسافرون إلى المغرب كل عام يتراوح بين 10000 و13000 بحسب وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية.

 

تجارة مفتوحة قديمة

في التسعينيات، ومع إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كانت هناك تجارة مفتوحة بين إسرائيل والمغرب. في عام 1994، قدر معهد التصدير الإسرائيلي أن إجمالي الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب في مجالات مثل الزراعة والتكنولوجيا وخدمات الأعمال تصل إلى 220 مليون دولار في السنة. وبحسب التقديرات، تقوم الشركات الإسرائيلية أيضًا بتصدير المنتجات إلى المغرب من خلال دول خارجية وبدون ظهور ملصق "صنع في اسرائيل" عليها.

في نيسان 2020، أُعلن عن أن المغرب اشترى طائرات بدون طيار من طراز "هيرون" من إسرائيل في صفقة بلغت قيمتها نحو 50 مليون دولار وفقا لموقع "والا" الإسرائيلي.

وفي 10 كانون أول 2020، أعلنت الرئاسة الأمريكية إعادة العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، وأشارت الأخبار الإسرائيلية الى أنه، وفي المستقبل القريب، ستتم الموافقة على الرحلات الجوية المباشرة بين الدولتين. في المقابل، اعترفت الولايات المتحدة بالسيطرة المغربية على الصحراء الغربية.

وأثار هذا المستوى العلني من العلاقات المغربية الإسرائيلية جدالا حادًا داخل المجتمع المغربي، وربطت عدة قوى وحركات سياسية شعبية في المغرب هذا التطبيع بمحاولات السلطة المغربية بالتخلي عن القضية الفلسطينية مقابل قضية الصحراء الغربية المتنازع عليها مقابل جبهة البوليساريو المدعومة تاريخيا من الجزائر والاتحاد السوفييتي سابقا.

ورفع هذا التطبيع العلني ما بين المغرب وإسرائيل من توتر الحالة السياسية الجزائرية التي رفضت عبر تاريخها الممتد أي علاقة دبلوماسية أو اقتصادية مع إسرائيل، وقال رئيس الوزراء الجزائري، عبد العزيز جراد، إن بلاده مستهدفة من عدة جهات، إضافة للخطر الإقليمي الداهم وعدم الاستقرار بالجوار، داعيا إلى الاتحاد لمواجهة التهديدات.
وخلال مشاركته في ندوة تاريخية حول أحداث 12 كانون أول 1960، قال جراد إن "هناك إرادة حقيقية لوصول الكيان الصهيوني إلى حدودنا في إطار مخطط خارجي لاستهداف الجزائر".
وشدد الوزير على ضرورة تكاثف جهود كل الجزائريين لحل المشاكل الداخلية كما نقلت صحيفة الخبر الجزائرية.
وفي سياق التطبيع المغربي مع إسرائيل، دانت الأحزاب والمنظمات المغربية المُقاوِمة للتطبيع مع اسرائيل والداعمة للشعب الفلسطيني، مبادرة المغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وقالت هذه الأحزاب والمنظمات في بيانٍ مشتركٍ لها، الجمعة الماضي: "يوم أسود ينضاف إلى تاريخ النظام المخزي التطبيعي الطويل بعد إعلانه عن الشروع في تطبيع شامل لعلاقاته مع دولة إسرائيل".
كما عبَّرت عن رفضها لقرار التطبيع الذي لا يُعبّر أبدًا، بل يتنافى مع موقف الشعب المغربي وقواه الحية، ويشجّع على استباحة الدم الفلسطيني، وينتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

 

 

 

أخبار ذات صلة