news-details

تشكيلة حكومية تونسية جديدة تفاجئ السياسيين| باسل ترجمان


حكومة من خارج الأحزاب، وتضم 7 نساء ووزير من ذوي الاحتياجات الخاصة، و5 قضاة سابقين

دقائق قبل انتهاء المهلة الدستورية التي تمنح للمكلف بتشكيل الحكومة الجديدة هشام المشيشي وبعد طول انتظار، وحالة من غياب المعلومة عن وسائل الاعلام والاحزاب السياسية، اعلن الليلة الماضية، اسماء اعضاء الحكومة التونسية الجديدة، وسط حالة يمكن وصفها بالمفاجئة للكثيرين، إذ غابت عنها تماماً اسماء عُرفت في المشهد السياسي في السنوات العشر الماضية.
الاعلان عن التشكيلة الحكومية التي ضمت اربعة وعشرين وزيرا وثلاث كُتّاب دولة، تعد الحكومة الاصغر التي اعلن عنها منذ سقوط النظام السابق في 2011، جاء حاملا لمفاجئات عدة، فللمرة الاولى تضم سبع نساء، كما ان وزير الثقافة الدكتور وليد الزيدي هو من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي المرة الاولى في تاريخ تونس منذ الاستقلال، يعين وزير من ذوي الاحتياجات الخاصة، والذي يعكس تغيراً غير مسبوق في رؤية وتعاطي الحكم مع هذه الشريحة، التي رغم كل القوانين والتشريعات ما زلت خارج اهتمام الاحزاب السياسية، التي تجاهلتهم وتنكرت لقدراتهم العلمية التي تحصلوا عليها.
منسوب الثقة في الحكومة الجديدة يبدو مرتفعاً مع مشاركة خمس قضاة ومحاميين، مما يعكس اهتمام غير مسبوق لدى رئيس الحكومة في ان يكون احد اهم الملفات التي يسعى للنجاح فيها التصدي للفساد ومحاربته، وانهاء تغلغله داخل مؤسسات الدولة والتي اصبح الكثير من مؤسساتها موضع شبهة جراء ذلك.
رئيس الحكومة المكلف اعلن خلال عرض اسماء اعضاء حكومته لوسائل الاعلام، أن التحدي الاكبر الذي يواجه حكومته في المرحلة المقبلة، وبعد نيل الثقة من مجلس النواب، هو اعادة تحريك عجلة الاقتصاد والتخفيف من نتائج واثار جائحة كورونا، التي نجم عنها خسائر اقتصادية لم يتوقعها أحد في العالم.
الحكومة التي ستتقدم في الايام القليلة المقبلة لمجلس النواب لنيل الثقة، ستجد مواقف متناقضة، منها ما هي داخل الكتل البرلمانية، خاصة وان عدم التصويت بنعم سيكون سبباً بحسب الدستور لمنح رئيس الجمهورية الحق في حل المجلس والدعوة لإجراء انتخابات نيابية سابقة لأوانها في الاشهر الثلاث من يوم حل المجلس.
هذا السيناريو تخشاه الكثير من الاحزاب الممثلة في المجلس حالياً، خاصة وان عددا منها تنكر لتعهدات قطعها لناخبيه وانقلب عليها، سواء في ما يخص التحالف مع حركة النهضة ذات التوجه الإخواني، أو في ما يخص العمل لتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس، كما أن جُل الاحزاب تنكرت لدورها في السعي لإصدار قوانين لمكافحة الفساد والتصدي له، واعتبرت أنها ستبقى في المجلس للسنوات الخمس المقبلة، ولا يوجد مبرر لكي تسعى لتحقيق وعودها وتعهداتها لناخبيها التي انقلبت عليها.
في المقابل، بدأ يظهر في الافق السياسي داخل المجلس مجموعة احزاب تختلف في توجهاتها، ولكنها تتفق على ضرورة دعم الحكومة ومساندتها، باعتبار انها حكومة الرئيس قيس سعيد الذي يحظى بدعم شعبي غير مسبوق يفوق في عدده كل ما نالته الاحزاب مجتمعة من دعم ناخبيها في الانتخابات النيابية الماضية، نهاية سنة 2019، هذه الاحزاب ترى ان الفرصة مناسبة لدعم حكومة لا حزبية، بل تتشكل من مستقلين وتكنوقراط، يكون هدفها انجاح اعادة اطلاق عجلة الاقتصاد وتحقيق جملة من المطالب الشعبية، واهمها الحد من الفوارق الاجتماعية والتخفيف من نسب العاطلين عن العمل وخاصة بين خريجي الجامعات والتي تعتبر النسبة الاكبر حالياً في عدد العاطلين عن العمل ومحاربة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة وايضاً كشف ملفات وحقائق ما تعرضت له تونس في السنوات العشر الماضية من عمليات اغتيال وجرائم ارهابية.
انتظار شعبي كبير لما ستقوم به حكومة الرئيس الجديدة، ومخاوف الاحزاب التي شاركت في الحكم في السنوات العشر الماضية كبيرة، جراء امكانية نجاح حكومة لا حزبية في انجاز ما فشلت في تحقيقه وكشف ملفات الفساد التي صارت الشغل الشاغل للشارع في تونس بعد ان فاق حجمها وتورط كثيرين فيها أكثر مما توقعه الجميع.
في انتظار مواقف الاحزاب السياسية وتحديد موعد جلسة مجلس النواب لمنح الثقة للحكومة يبقى الترقب سيد الموقف لما ستؤول له الاوضاع في تونس في الايام القادمة.

أخبار ذات صلة