news-details

واشنطن تحيي الحرب الباردة مع روسيا والصين في شمال افريقيا | تقرير: باسل ترجمان 

واشنطن تحيي الحرب الباردة مع روسيا والصين في شمال افريقيا


 

تقرير: باسل ترجمان 

خاص بـ"الاتحاد"، من تونس

قبل فترة قصيرة من موعد الانتخابات الامريكية، توجه وزير الدفاع الامريكي مارك اسبر لزيارة شمال افريقيا، شمل فيها تونس والجزائر والمغرب، الزيارة التي تأتي في زحمة عملية انتخابية في الولايات المتحدة، لتظهر أن نتائج الانتخابات لا تغيير في السياسات الدفاعية للولايات المتحدة، سواء فاز ترامب او خصمه بايدن، وأن هذه الادارة تعمل بحرية وتواصل ولا تؤثر عليها المتغيرات السياسية، حتى ولو كانت انتخاب الرئيس الجديد.

العلاقات العسكرية بين واشنطن وتونس والمغرب علاقات قديمة متواصلة، وتعد تونس اول حليف استراتيجي من خارج دول حلف الناتو في المنطقة، والدعم العسكري الامريكي الكبير لتونس في تأمين حدودها وحربها ضد الجماعات الارهابية يعرفه الجميع، وليس خافياَ على أحد.

كما أن العلاقة مع المغرب تعد ايضاً مهمة وأساسية لواشنطن في الماضي والحاضر، لكن الزيارة الاكثر اهمية كانت للجزائر التي لا تربطها بواشنطن علاقات عسكرية، حيث ما زال الجيش الجزائري يعتمد على الاسلحة الروسية، وينوع بعض احتياجاته من دول اوروبية متعددة. الزيارة الاولى لوزير الدفاع الامريكي للجزائر منذ خمس عشرة سنة، كان عنوانها التعاون لمكافحة الارهاب في شمال إفريقيا ودول الساحل والصحراء، كان فيها الرد بأن الجزائر هزمت الارهاب لوحدها، في رسالة واضحة للدور الذي لعبته في التصدي للجماعات الارهابية.

الوزير الامريكي وجه رسالة من مقبرة للجنود الامريكيين الذين سقطوا في تونس إبان معارك الحرب العالمية الثانية، قال فيها "إن الصين وروسيا، منافسانا الاستراتيجيان، تواصلان اليوم ترهيب جيرانها وإكراهها، وهي توسّع نفوذها الاستبدادي في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك في هذه القارة، وفي الوقت عينه، لا يزال المتطرفون العنيفون يشكلون خطرا على الاستقرار الإقليمي وعلى وطننا أيضا. تمثل شراكة الولايات المتحدة الثابتة مع البلدان التي تشاطرها رؤياها، بما في ذلك بلدان شمال أفريقيا، المفتاح لمواجهة هذه التحديات".

هذه الرسالة التي وجهت من تونس لروسيا والصين اعادت للأذهان محاولات من قيادة الجيش الامريكي لاستعمال مفردات الحرب الباردة، في الحديث عن الدور الروسي والصيني في شمال افريقيا وحوض البحر الابيض المتوسط، وهي ليست جديدة، لكن يعاد تكرارها منذ اكثر من سنتين، من قبل قيادات مختلفة في البنتاغون، او في قيادة القوات الامريكية في افريقيا "الافريكوم".

ومنذ مطلع السنة تحدثت هذه المصادر عن قيام روسيا بإرسال سرب طائرات ميغ وسوخوي الى ايران، ومنها الى سوريا، ثم نقلت الى مناطق شرق ليبيا لدعم قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، كما تحدثت عن قيام موسكو بنصب صواريخ طويلة المدى في الصحراء الليبية، وهذه التصريحات المستغربة لم يتم التعاطي معها بجد في مستوى الردود الدولية عليها، لكنها عكست رؤية ومقاربة جديدة تسعى واشنطن لاستعادتها في منطقة شمال افريقيا، مما يعني تهديد أمن واستقرار كامل دول المنطقة، الممتدة على مساحة جغرافية شاسعة.

المخاطر التي يطرحها هذا النوع من استعادة الخطاب التحريضي، والمشبع بمفردات الحرب الباردة، يعني أن قيادة البنتاغون انتقلت من مرحلة التفكير الى بدء التحرك في تصعيد لآليات هذه الحرب في المنطقة، ولأنها حرب ليست مباشرة بين القوى العظمى الثلاث، فالحاجة تبدو ملحة لإيجاد عناصر محلية تقوم بالاشتباك، وتسعى للبحث عن معارك استنزاف تذكر بما شهدته افغانستان في ثمانينات القرن الماضي.

مكامن الخطر في هذه العودة تنبع من أن واشنطن ستعيد الاستنجاد بحلفائها القدم، الذين شاركوها بحماس في التصدي للمد الشيوعي حينها، واليوم في التصدي للتمدد الروسي الصيني في القارة الافريقية، وهذا يعطي الكثير من الايحاءات بأن واشنطن ستعيد لهذه الجماعات المتطرفة فرصة استعادة دورها في خدمة صراعاتها في المنطقة.

في انتظار ما ستفرزه نتائج الانتخابات الامريكية في اول الشهر المقبل، تبقى المنطقة بشعوبها ودولها تراقب بقلق ما يمكن ان تقود اليه السياسات الامريكية المغامرة، من صناعات لأزمات جديدة، العالم اجمع بغنى عنها، لأنها لن تحقق سوى الخراب والدمار وتشجيع صناعات الأسلحة، التي تجرب على المغلوبين على أمرهم من شعوب المنطقة. 

 

 

أخبار ذات صلة