حيفا – الاتحاد – جاء في بيان من اللجنة الإعلامية في "الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين – الكرمل 48" أنه بالتعاون مع رعية الروم الكاثوليك في حيفا، أقام أمسية أدبية احتفاء بإصدار كتاب "السيرة الحرفوشية آل خوري – إقرث" للكاتب نايف خوري، مساء يوم الثلاثاء 9 أيار 2023، حضرها جمهور واسع من الكتاب والشعراء ورجال الدين والمجتمع إلى جانب أصدقاء وأبناء عائلة الكاتب، في قاعة كنيسة مار إلياس للروم الملكيين الكاثوليك في حيفا.
افتتح الأمسية وأدارها الشاعر كميل شقور، وقدم الأرشمندريت أغابيوس أبو سعدى، الرئيس الروحي لرعية مار إلياس في حيفا كلمة ترحيبية هنأ فيها الكاتب وعبّر عن اعتزازه باصداره الأخير. وقال: "نحن نعرف مدى انتماء الكاتب إلى كنيسته وبلده وعائلته، فهو يستحق هذا التكريم."
وألقى الكاتب المحامي سعيد نفاع، الأمين العام لاتحاد الكتاب الفلسطينيين – الكرمل 48، مداخلة قال فيها: "هذه الأمسية الحرفوشية تقام، بالشراكة ما بين رعية مار إلياس للروم الملكيين الكاثوليك في حيفا، والاتحاد العام للكتّاب الفلسطينيين الكرمل 48، إكراما للكاتب نايف خوري عضو الاتحاد، وإكراما لإقرث البلدة الرمز والجرح المفتوح. وإني في صدد نايف خوري عضو الاتحاد غير النائي بنفسه ككاتب عن العمل الميداني التنظيمي الجماعي والجمعي، إلى الصوامع المكيّفة والأرائك الوثيرة نكوصًا نحو الأنا على حساب نحن".
واستعرض الكاتب نفاع أهم وأبرز نشاطات الاتحاد على المستوى القطري، من مؤتمرات ومهرجانات التي نظمها وشارك فيها، وتطرّق إلى أهمية التنظيم الأدبي وصيانة الوحدة والاتحاد وتجاوز العقبات على أكثر من مستوى. واختتم بالقول: "إن الكاتب والشاعر الذي ينأى بنفسه عن العمل التنظيمي الجمعي لا يملك الحق الأخلاقي أن يطالب السياسيين بعمل جمعي أو يلومهم على افتقاده. فهنيئا للمفترش الشوارع.. وهنيئا لنا به. هنيئا لك يا نايف كاتبا.. وقبل ذلك هنيئا لنا بك مفترشا تراب الشوارع في الحراك الثقافي. وكم بالحري إذا كان هذا التراب تراب إقرث".
وفي باب قراءة الرواية قدم الكاتب الأديب فتحي فوراني، عضو الأمانة العامة في "الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين – الكرمل 48" مداخلة أدبية، تحدث فيها عن مرافقته للرواية قائلا: "لقد كان لي الشرف أن أرافق هذه السيرة الحرفوشية وهي في مهدها، منذ ولادتها وقبل اكتمالها حتى انطلاقها إلى عالم النشر". وأضاف: "تشكّل هذه السيرة الحرفوشية رحلة طويلة في دنيا التوثيق والبحث عن الجذور، للكشف عن ملامح الهوية التاريخية والاجتماعية والحضارية للشعب الفلسطيني في أرض الآباء والأجداد. إنها عيّنة من التوثيق الذي نصبو لتحقيقه حفاظًا على الهوية القومية وحفاظًا على هويتنا وانتمائنا وجذورنا العريقة التي تضرب عميقا في رحم هذا الوطن. وفي هذه السيرة الحرفوشية نموذج لتعزيز العملية التوثيقية من خلال التأريخ لشجرة القبيلة. انطلاقًا من رأس النبع قدس الأب الخوري سمعان حرفوش الرومي الكاثوليكي.. الذي بنى كنيسة إقرث وكان سادنًا وخادمًا لرعيتها حتى وفاته".
وبارك فوراني الكاتب والإعلامي نايف خوري على هذا العمل الروائي الوثائقي الميداني الدقيق والشامل في البحث عن الجذور. وتمنى "أن يحذو حذو هذه السيرة الواعون من أبناء شعبنا، ويمتشقوا أقلامهم لتسجيل القصص والطرائف والحكايا التراثية.. ليكشفوا تاريخ عائلاتهم وتاريخ بلداتهم وقراهم، وتاريخ الأماكن التاريخية والحضارية والمقدسات الفلسطينية. وهذا البحث الميداني الحرفوشي يشكّل شاهدًا على وجودنا التاريخي والاجتماعي والحضاري الذي تضرب جذوره عميقًا في رحم الأرض.. أرض آبائنا وأجدادنا".
وقدم الكاتب زياد شليوط، سكرتير "الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين – الكرمل 48" قراءة في الرواية استهلها بالحديث عن علاقته بقرية اقرث وأهلها منذ مطلع شبابه ومن خلال التقارير الصحفية التي أعدها عن القرية، وقال: "إن هذه السيرة التي هي عبارة عن مسيرة العائلة الحرفوشية عبر التاريخ والمواقع والأماكن التي حطت فيها، ووصولا إلى إقرث إنما يؤكد مواصلة أهل هذا البلد ومتابعة نضالهم ومسيرتهم للعودة. وأدعو بهذه المناسبة سيادة المطران يوسف متى الذي بدأ مسيرة إقرث قبل عامين، أن يتابع هذه المسيرة بحضور أبناء شعبنا إلى إقرث وسائر القرى المهجّرة."
ولفت الكاتب شليوط إلى لوحة الغلاف التي وضعتها الفنانة تغريد حبيب، وقال إنها لوحة تعبر تعبيرا صادقا عن فحوى هذه السيرة، لا سيّما أهالي إقرث الذين التفّوا حول كنيستهم وكاهنهم الخوري سمعان الذي يتطلع إلى جهة العودة". وختم مداخلته قائلا: " من الصعب تحديد هوية الكتاب، رغم أن الكاتب أطلق عليه صفة "الرواية"، لكنه لا يخضع لقالب الرواية المتعارف عليه، فقصة آل حرفوش تجمع بين الرواية والتأريخ فالأحداث حقيقية والشخصيات حقيقية وذكرت أسماؤها الواقعية، وهي تروي لنا سيرة عائلة الكاتب نفسه، الذي نجح في سردها بقالب قصصي واضح، حيث يمكن اعتبارها رواية تاريخية كروايات جورجي زيدان التي نقل من خلالها تاريخ العرب بقالب قصصي جميل".
وألقى المحامي علي رافع كلمة تحية وثناء على الكاتب والكتاب، وقال إن هذه السيرة تنضم إلى محاولات توثيق الحياة في إقرث وقضيتها وكنيستها ونضال أهلها. وأشار إلى المؤلفات السابقة للكاتب التي تصور الأحداث الخاصّة والعامّة في إقرث ككتاب "تذكار"، وكتاب "حياتي معركة لم تنته بعد".
أما الشاعر راضي مشيلح، ابن دالية الكرمل فقد ألقى قصيدة معبّرة بهذه الأمسية وقال:
نايف الخوري اليوم داعينا ع سهرتو ونحنا سوا جينا
ولما دخلنا كنيسة الإيمان لقينا المحبة عم تلاقينا
تلاقوا الأحبّة زهور بالبستان وعطورهن عمّا بتحيينا
كنيسة وخلوة وجامع الرحمان اجتمعوا سوا وحليت ليالينا
إن شاالله الأدب يبقى لنا عنوان ومع بعض نتلاقى بهالسهرات
وهيك أكيد رح نحقق أمانينا
واختتم الأب سهيل خوري الكلمات بقوله: إنه يأتي حفيد حفيد الخوري سمعان حرفوش، وسائرا على درب الكهنوت وخدمة الرب، وأضاف: "إن هذا ليس كتابا عاديا، ولا مجرد رواية تقليدية، بل هو فيلم سينمائي، ويشاهد القارئ فيه المشاهد المعبّرة والحياة التي عاشها الخوري سمعان وأهل البلد". ومضى يقول إنه زار بلدة خبب في سوريا وحاول معرفة جذور الحرافشة والخوري سمعان، والأحداث الواردة في الكتاب هي توثيق رائع، ولذا كل عائلة وكل شخص يتوق لمعرفة جذوره وأصول عائلته وانتمائه."
وكانت الكلمة الأخيرة للمحتفى به الكاتب نايف خوري، الذي شرح بداية الفكرة من وراء هذه السيرة الحرفوشية، مستذكرا جدّه الذي حدّثه عن جدّه الأول الخوري سمعان، وكان هذا ضريرا في أواخر عمره، كيف كان يجرّه إلى الهيكل في الكنيسة ليخدم القداس، فأثارت حياة هذا الكاهن الذي دفن في كنيسة إقرث، حبّ الاستطلاع التنقيب عن جذور هذا الكاهن وأبنائه وأحفاده وصولا إلى أحفاد الأحفاد. وأن الرواية كانت سببا لوضع شجرة عائلة الخوري في إقرث، ثم قرأ بعض فقراته المتعلقة بوصية الخوري كما تخيّله يقولها لأبنائه المتحلّقين حول فرشته في الكنيسة وهو في النزع الأخير من حياته.. وقال جملة رددوها من بعده: ليكن مدفني في الكنيسة لكن اجعلوا قبري في قلوبكم.