تمرّ اليوم، الخامس من حزيران، 58 عامًا على عدوان حرب عام 1967 التي احتلت فيها إسرائيل أراضي عربية، ما زالت حتى اليوم تحتل الفلسطينية والسورية منها، وتهيمن على خيراتها وتستوطنها بشكل مناقض للقانون. صحيح أن تلك الحرب انتهت فعليا في ستة أيام، لكن آثارها الكارثية تتواصل لما يقترب من ستة عقود. وعلى امتدادها، اندفعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بلوثة العنجهية والغطرسة السياسية والعسكرية، إلى رفض أي انسحاب من الأراضي الفلسطينية. وحتى حين تم توقيع اتفاقات "أوسلو"، كان الأمر أقرب لإعادة الانتشار العسكري منه إلى الانسحاب الحقيقي. وما زالت مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية تُنتهك كأية منطقة محتلة دون أي فرق بالمرة.. بذلك، منعت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية المشروعة بالاستقلال والتحرر والسيادة، أسوة بجميع شعوب الأرض ووفقًا لما اتفقت عليه الشعوب ممثلا بالأعراف والقوانين الدولية. وهو ما يعتبر بالتالي جريمة حرب إسرائيلية متعددة الأوجه والطبقات. إن حرب 1967 وما تلاها من احتلال واستيطان ونهب أرض وممتلكات وثروات من أصحابها الشرعيين، كبّدت الشعب الفلسطيني خسائر هائلة في الأرواح والحقوق والمصالح والعيش الطبيعي. كذلك، جبت هذه السياسة الإسرائيلية أثمانًا قاسية من مجتمعها ومواطنيها كقرابين على مذبح عنف وجشع سياساتها. والكارثة أن هذه السياسات مستمرة، بل وصلت ذروات دموية وتدميرية غير مسبوقة، باتت جهات عديدة جدًا تصفها بحرب الإبادة في قطاع غزة. إن التعنّت على عقلية وسياسة وممارسة العنف الحربي ومحاولات تغيير الواقع بالدبابات والقذائف والبارود والقتل والدمار لن يعود إلا بمزيد من الجرائم والموت والخراب، وليس على ضحية تلك الموبقات، أي الفلسطيني، فقط. لا نصر أبدًا بالحرب. وقد آن الأوان من زمان كي يستفيق المجتمع الإسرائيلي من هذا السكوت على الخراب، الذي لن يتوقف ما لم تحدث انعطافة في التوجه برمّته. إنه لمؤكد وواضح بأن جميع الحروب وجرائم الحرب لن تمحو الحق الفلسطيني. واليوم بعد أكثر من 600 يوم من حرب الإبادة على غزة، ترتفع الأصوات وتنطلق المبادرات الدولية لتعيد التأكيد: لا حل بدون دولة فلسطينية.. فعلا، لا حل بدون إنهاء الاحتلال والاستيطان ونيل الشعب الفلسطيني كافة حقوقه الوطنية والإنسانية.