news-details

طوفان إهمال البنى التحتية

شهدت البلاد أمس، وفي الأيام الماضية، أمطارا شديدة، كتلك التي تشهدها بلادنا في كل عام، فموسم الأمطار حتى الآن، هو دون المعدل السنوي، الذي من المفترض أن يكون، ورغم هذا، فقد باتت مشاهد الفيضانات في المدن الكبرى والبلدات، التي تغمر الشوارع والبيوت، وتتسبب بقتلى ضحايا، مشهدا مألوفا لغاية الأسف.

ولكن هذا يعكس مستوى اهمال البنى التحتية، وشح الميزانيات، إذ يتم تفضيل ميزانيات ماكينة الحرب وتسمين الاستيطان والمستوطنين، على كل الجوانب الحياتية الاجتماعية، وسد الفجوات الاجتماعية، التي تعد الأعلى من بين الدول المتطورة.

في دولة تعتبر نفسها "متطورة" وتنسب نفسها للغرب العصري، لا يمكن أن تتفاجأ من كميات هذه الأمطار، فعاما بعد عام، تصبح البنى التحتية، ومسار تسريب مياه الأمطار، متهالكة، لا تقوى على الاستيعاب. وكان على جهات التخطيط العليا، إن كان على المستوى القطري أو البلدي، أن تعمل بشكل دائم، على تطوير البنى التحتية، وزيادة قنوات تسريب مياه الأمطار، والسعي للاستفادة منها، بقدر الإمكان، إذ أن 30% فقط من الأمطار تصل الى تجمعات تخزين المياه، إن كانت بحيرة طبرية، أو الآبار الجوفية، وهي نسبة قليلة نسبيا. 

ولكن عمليات التخطيط تحتاج لميزانيات، كما أن معدي مشاريع التطوير، يجب أن يكون بعملهم إمكانيات الخزينة العامة لتمويل المشاريع، ولكن هذا ليس موجودا ولا نسمع عنه. ومشاريع البنى التحتية أصلا تسير ببطء، مشاريع شوارع بين مدن، تستمر لسنوات، الى حد لا يستوعبه العقل، في القرن الـ 21، فمثلا، تطوير وتوسيع شارع بطول 3,5 كيلومتر، بين صفورية والناصرة، يحتاج الى أكثر من 4 سنوات ونصف السنة.

وفي المقابل، فإن الجالس على رأس الهرم الحاكم منذ عشر سنوات، يحارب من أجل زيادة سنوية لميزانية الحرب بأكثر من 4 مليارات شيكل سنويا، لتتراوح ما بين 76 إلى 80 مليار شيكلا سنويا، وهذه ميزانية الجيش وحده، ولا تشمل، مثلا، الجيش الآخر المسمى "حرس الحدود"، ولا المليارات التي تدفعها مختلف الوزارات، على مصاريف متعددة في المستوطنات، وعلى المستوطنين.

إن هذا الإهمال يحصد الأرواح، ومنذ بدء الموسم، قتل، 7 اشخاص من آخرهم أمس في نهاريا بينهم ثلاثة عرب، ولا نعرف الكارثة الى أين ستمتد، فهذا واقع نظام عنصري عدواني، ينظر الى العالم كله، من خلال مصالح حيتان المال التي تبقي شخصياته على مقاعدهم، ومن خلال قمع الشعب الفلسطيني، وحرمانه من الحياة والحرية والاستقلال.

أخبار ذات صلة