news-details

كلمة الاتحاد | إما أن نكون شعبا تعدديا أو أن نكون شعبا تعدديا

لا نملك خيارا آخر، ولا نعيش في ترف فيه ما يسمح لنا بالإحتراب الداخلي، كلنا مستهدفون بحراب المؤسسة الحاكمة.

هذا ليس كلاما عاطفيا ولا شعبويا. فلينظر كل واحد منا إلى نفسه، إلى محيطه القريب، إلى مجتمعه. وليقارن ويسأل نفسه: لماذا؟ وسيصل بسرعة إلى سياسات التمييز العنصري السلطوية.

كلنا ضحايا.. وحينما ندرك هذه الحقيقة، ونستوعب ضرورة تعاضد الضحايا ليواجهوا بوحدة، مصيرهم المشترك، فإن الكثير من ظواهر البؤس في ساحاتنا ستتغير.

نحن مجتمع كباقي الشعوب، فيه من التعددية في كافة الاتجاهات، والتعددية مسألة طبيعية. والجدل والحوار مع من يختلف معك هو أمر صحي ومطلوب، ولكنه ليس شرعيا إذا تحول إلى ممارسات للضغط، و"الاقناع" بالإكراه والتحريض ومحاولات الاقصاء.

القضية لم تبدأ في شركة "طحينة الأرز"، وليس في فاجعة رحيل الفنان الشاب أيمن صفية. هذا بدأ منذ سنوات طوال؛ في محاولات فرض انماط أحادية على مجتمع تعددي، حتى في ساحات النضال، والمظاهرات الكفاحية، وفي النشاطات الثقافية والفنية، وفي الحياة العامة ككل. هذا بدأ بخطاب التكفير والتحريض، ومحاولات اقصاء الآخر.

والسكوت على ما يجري، سيستفحل أكثر، إلى ما هو أبعد في القضايا التي نشهدها حاليا. وما يجري من جدل في صفحات شبكات التواصل، وصل الى خطوط خطيرة جدا، خطوط النار التي ستأكلنا جميعا، وستقف السلطة فوقنا، كمن يقف فوق كانون النار، يدفع بالريح لتشعل النار أكثر.

التحريض في كثير من الأحيان، يبدأ بكلام منمق، ولكن كثرة المساحيق اللغوية البلاغية، إن صح التعبير، لا يمكنها أن تخفي التحريض المبطن، التحريض الشرس، ليلتقطه الأتباع مباشرة، لينطلقوا بهجمات من دون ضوابط أخلاقية... هذا حال كارثي، له عنوان واضح، وعلينا أن لا نغرس رؤوسنا بالرمل كالنعام، بل أن ننطلق بسرعة النعام لنطفئ الحريق.

إذا قررنا أننا جميعا في خندق وطني واحد في مواجهة السلطة التي تستهدفنا جميعا، فإن لوقفة الخندق أصول وأخلاق، ولا يمكن لأي طرف، أيا كان في داخل الخندق الافتراضي، أن يطعن بمن من المفروض أن يحارب إلى جانبه، فهذا يقود إلى الهاوية، إلى الحريق الجماعي.

الجريمة المستفحلة، نار تأكلنا.

سياسات التمييز العنصري والاقصاء السلطوي، نار تأكلنا.

الاحتلال والاستيطان والحصار والتنكيل بشعبنا، نار تأكلنا نحن أيضا.

نحن لم نولد لنرضى بأن نكون لحم شياء لمن لا يريد لنا الحياة في وطننا.

نحن لم نولد لنرضى بالإكراه والكبت والعربدة على أشكالها.

لكل هذا سنتصدى، لأننا شعب بكافة تلاوينه المجتمعية الفكرية، اختار أن يعيش بكرامة على أرض وطنه.

ولا خيار لنا إلا أن نكون شعبا تعدديا، يقف في خندق واحد، ضد من يستهدفنا جميعا.

أخبار ذات صلة