news-details

كلمة الاتحاد| المتفجّعون على الأوكرانيين وتبلّدهم على الفلسطينيين

من يتابع الاعلام الإسرائيلي الطاغي سينتبه الى كميات تجارية من التفجّع على مصير اللاجئين الاوكرانيين، وكثير من الأصوات التي تنتقد تقصير الحكومة وسائر السلطات الإسرائيلية في استقبال أعداد جدية من أولئك اللاجئين.

لو اكتفى السامع والمشاهد بهذا النطاق المحدد للجدل والتغطية والتقرير والنقد، فمن الطبيعي أن يشعر بإعجابٍ من هذا المستوى الأخلاقي الرفيع وهذا التضامن الإنساني مع من يحتاجون ملاذًا وملجأ من فظائع الحرب.
لكن الواقف أمام هذا المشهد الإعلامي سيكون عاجزا عن تجميد اللحظة الإعلامية السياسي، مهما اجتهد وكدّ وجدّ، إذا ما كان يتمتع بقدرات عادية جدا على رؤية وفهم الواقع ومركباته الرئيسية.

مثلا، سيقول لنفسه: ولكن ماذا بشأن ملايين اللاجئين الذين تم اقتلاعهم من بيوتهم وقراهم وأحياء مدنهم في هذه البلاد، وهو أمر لم يقترفه بحقهم من سبقوا إسرائيل في حكمهم هذه البلاد، من مستعمرين سابقين، لا بل حكام إسرائيل وزعماء الحركة الصهيونية أنفسهم؟ فكيف يمكن تفسير هذه القلوب الكسيرة والمشاعر المرهفة والصدور المفجوعة على مصير الأوكرانيين، والتي ترفض بالتزامن بمعظمها الساحق جدا ليس فقط التفكير باستقبال اللاجئين الفلسطينيين، لا بل مجرد الموافقة على أي نقاش لهذه القضية؟

كذلك، كيف لذلك النفر المتأخلق الذي يهاجم الحكومة على انها تميّز بين لاجئ أوكراني يهودي وآخر غير يهودي – كيف له أن يرفع عقيرته صوته بهذا الوضوح الجليّ، لكنه يصمت صمت الغنَم على الركيزة العنصرية الأساسية في هذه الدولة، وهي يهودية الدولة؟ لماذا تتجاوز دائمًا الأحكام الأخلاقية في معظم هذا المجتمع الإسرائيلي، كل ما يخص الشعب الفلسطيني؟

قد يكون السبب هو النفاق، صحيح، لكن قد يكون ما هو أخطر: الوعي الذاتي المعدوم، ذلك الذي يجعل صاحبه يقتنع بكل جدية ودون تشكيك بانه أخلاقي وصاحب ضمير، لأنه لا يرى آثار أفعاله – ممثلاً بدولته وحكوماته وجيشه – بحق شعب كامل ما زالت إسرائيل تبطش به احتلالًا وحصارًا وتهجيرًا وتمييزًا. هذه العدمية في الوعي ليس مردها قصورًا معرفيًا، بل هو قصور أخلاقي سببه واحد وبسيط وفظيع: عنصرية بدرجة الفاشيّة باتت تتحكم في كافة مفاصل هذه المؤسسة وتشلّ بالكامل يقظة وضمير ومشاعر معظم هذا المجتمع.

أخبار ذات صلة