news-details

كلمة الاتحاد| رفع القضيّة السياسية لوضع "التلاعبات" في حجمها

تزداد الحاجة يوميا الى رفع الاهتمام بالقضية السياسية الكبرى الى مقدمة أولويات النشاط والتغطية الإعلامية والجدل السياسي. وذلك لأن هناك مصلحة لجهاز الاحتلال في الابتعاد عن هذا الجدل وفرض وهْم وجود "استقرار وهدوء ما" بغية إشاعة فهم عام بانتفاء الحاجة الى التفكير في سبب للبحث عن حل سياسي لقضية عمرها أكثر من نصف قرن اسمها الاحتلال.

حين نقول جهاز الاحتلال، فالمقصود أولا واضعو السياسات ثم أدوات التنفيذ. على رأس الجهاز هناك الحكومة بكافة مركباتها ومركبات ائتلافها. فالجيش وأجهزة الامن المختلفة هي الجهات المنفذّة وإن كانت ليست مجرّد أدوات، لأنها شريكة في بلورة القرارات او التوصية على اتجاهاتها ونطاقاتها. كل هذه المنظومة لديها مصلحة في إبعاد الأنظار والاهتمام عن تعميق الاحتلال وتعزيزه . بل تعمل بتخطيط مستمر بكل الطرق لاختلاق نوع من "التطبيع" مع هذه الحالة الاستثنائية الإجرامية.

منذ عقود تستبدل الحكومات الإسرائيلية الذرائع الواحدة تلو الاخرى للتهرب المحتال من الاستحقاقات السياسية المرتبطة بالقضية الفلسطينية. مرة يتذرعون بالإرهاب وكأن الاحتلال ليس أكبر إرهاب، ومرة بانعدام شريك فلسطيني - وهي الكذبة اللئيمة الكبرى التي فبركها إيهود يراك وحزبه "العمل" منذ عام 2000. لاحقا استفادت سياسة الاحتلال الإسرائيلية، لشديد الأسف والألم، من الانقسام الفلسطيني المعيب وصارت تدّعي أمام العالم انها لا تعود للمفاوضات لأن ليس هناك ما يضمن تطبيق أية اتفاقات في ظل صراع السلطتين في الضفة وغزة.

لكن القضية السياسية لا تزال العامل المؤثر الأكبر على جميع مناحي الحياة على طرفي "الخط الأخضر". طالما لم تُحل فلا يتوقعنّ أحد تغييرًا حقيقيًا يمكن ان يتم ويتطور بعُمق في أي مجال. تكفي الإشارة فقط إلى أن معظم الميزانيات العامة تصرف على تكريس الاحتلال وعلى الحروب اللانهائية التي يفرزها.

إنّ لجماهيرنا العربية مصلحة وطنية عليا ومصلحة مدنية جديّة في التوصل الى تسوية سياسية عادلة بين شعبها الفلسطيني وبين دولة إسرائيل. حاليًا تحتلّ مساحة الجدل السياسي خطوات إذعان وخفض للسقف المدني وليس الوطني فقط، بمسؤولية وممارسة "القائمة الموحدة". ونؤكد أن وقف التلاعبات السياسية المختلفة التي تشوش الأولويات والواقع وتحاول استبدال النهج الوطني الذي اختبرته واختارته جماهيرنا، مشروط بعدم السماح بتغييب القضية السياسية الكبرى، وإنما بالعمل الدؤوب على إعلائها بكل قوة. هذا هو دور الهيات والاحزاب والحركات الرافضة لمسلسل التشويه والتجهيل ونثر الوعود ضئيلة الرصيد وضيقة الأفق وواطئة القامة.

 

أخبار ذات صلة