المعركة التي يخوضها مستشفى الناصرة، وحسب اسم الشهرة، "المستشفى الإنجليزي"، في الأسابيع الأخيرة، هي قضية وطنية عامة، لأنها قضية تتسبب بها سياسة التمييز العنصري الحكومية، تجاه مستشفيات الناصرة الثلاثة، ولكنها أكثر وقعا على المستشفى الإنجليزي، حتى بات عاجزا عن تسديد الرواتب للعاملين هذا الشهر، وبلغ الأمر حد اغلاق قسم الطوارئ الذي يستقبل سنويا 70 ألف مريض. فالمستشفى الإنجليزي، واحد من 7 مستشفيات أهلية في البلاد، ثلاثة منها عربية في الناصرة، وأربعة يهودية، وهذه المستشفيات تعاني على مر السنين من التمييز في الميزانيات، وبشكل خاص المدفوعات من صناديق المرضى مقابل علاج مرضاها في هذه المستشفيات. ولكن التمييز الأخطر هو بحق مستشفيات الناصرة الثلاثة. ففي حين تفرض صناديق المرضى خصما بنسبة 25% على المستشفيات الأهلية الأربعة، فإن نسبة التخفيض التي تفرضها على مستشفيات الناصرة 40%. إن التمييز بالأساس هو حكومي، إذ وضعت الحكومة في أعقاب وباء الكورونا خطة مساعدة لكل المستشفيات الأهلية، وكان يجب أن تحوّل للمستشفى الإنجليزي عن العام الماضي 15 مليون شيكل، إلا أن الحكومة ووزاتي المالية والصحة تتعنت بعدم الدفع. من جهة أخرى، وضعت الحكومة مقياسًا لدعم المستشفيات الأهلية السبعة، ولاحقا تلاعبت بالمقياس بحيث يخفض قيمة الدعم لمستشفيات الناصرة، وهذا ما أدى الى عجز بقيمة 30 مليون شيكل في ميزانية المستشفى الإنجليزي. إن من يدفع الثمن هم العاملون، الذين يعيلون 800 عائلة، وأيضا المرضى بعد إغلاق قسم الطوارئ والاستقبال. وبالرغم من كل هذا النضال، فإن الحكومة تواصل تعنتها، وأصدرت قرارا مخادعا بدعم مستشفيات الناصرة الثلاثة بنحو 25 مليون شيكل موزعة على عامين، للمستشفيات الثلاثة معا، وهذا لا يسد النقص ولا يفي بالمستحقات التي على الحكومة دفعها. إن المستشفى الإنجليزي يخدم الناصرة ومنطقتها منذ 160 عاما، وهو يواجه مؤامرة خطيرة لضربه، خاصة بعد مشاريع التطوير والتوسع التي شهدها في السنوات الأخيرة، واستيعابه لـ 92 طبيبا للتخصص، بدلا من 23 طبيبا حتى قبل ثلاث سنوات، وهو ما خفف ولو جزئيا من حالة الحصار التي يعاني منها الأطباء الخريجون العرب. إن قضية المستشفى الإنجليزي، هي اثبات آخر على العنصرية المتجذرة في المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، وعمّقتها أكثر حكومة يائير لبيد، وبدعم من حزب ميرتس، التي يتولى وزيرها حقيبة الصحة، فيما لعبت "الموحدة" الشريكة في الائتلاف الحاكم، دورا في التحايل على مطالب المستشفى، وتبييض وجه الحكومة القبيح.