news-details

مع نضال صيّادي السمك العادل والمُلِحّ

يخوض صيادو السمك هذه الأيام نضالا عادلا لحقهم في ممارسة عملهم ومواصلة كسب رزقهم بكرامة، على ما في هذه المهنة من تعب ومخاطرة ومصاعب، تتراكم أكثر فأكثر بسبب سياسة الحكومة الحالية وسابقاتها.

ولتجاوز حملات ديماغوغية قائمة ومتوقعة تبتغي تشويه نضال الصيادين ومطالبهم، يجب القول إن وضع تدابير وإجراءات لحماية البيئة البحرية والثروة السمكية هي مسألة في غاية الأهمية بل باتت ملحّة بدرجات الضرورة. لكن مَن يدمر هذه القيَم ليس مراكب الصيد الصغيرة والشباك الممدودة منها، بل كاسحات الصيد الضخمة التي تجرف أرضيّة البحر لتدمّر ما عليها من نبات وأحياء، دون أية مبالاة أو التفات أو مسؤولية.

كذلك، فإن الصناعات المختلفة المقامة على مقربة من الشواطئ، وبعضها صناعات كيماوية ونفطية، والقواعد العسكرية الضخمة، تلحق ضررًا بالبيئة البحرية خلال يوم، بما يعادل ألف يوم صيد من المراكب الصغيرة التي يكدّ ويعرق عليها صيادون يخرجون قبل الفجر لجلب قوتهم اليومي. ولذلك، فإن تصوير هؤلاء الصيادين وكأنهم "أعداء البحر وقيَمه" هو كذب ودجل حكومي خبيث. فالحكومة جبانة لا تجرؤ على الاقتراب من شركات الصيد القوية الضخمة، لكنها تنكّل بالصيادين.

لا جدال على ضرورة التخفيف من الصيد وحتى الامتناع عنه في فترات محدودة محددة خلال السنة، إذا كان الأمر يساهم في نمو الثروة السمكية وترميم البيئة المائية البحرية، لكن هذا يجب أن يتوازى مع وضع إجراءات صارمة تصدّ وتقاوم الملوِّثات الكبرى – الصناعية والتجارية. وقي الوقت نفسه فيجب على الحكومة في حال قررت تقييد مراكب الصيد، أن توفّر تعويضًا كاملا للصيادين، من خلال صندوق حكومي خاص لهذا الغرض.

إن الدول التي تحترم نفسها تقوم بحماية قطاعات تتعرض للصعوبات بسبب خطر حيتان وقروش المال والتجارة، وهذا ينطبق على قطاع صيد السمك على طول شواطئ ساحل البلاد. فهذه ليست مجرد مهنة لعدد من الصيادين، يقلّ دائمًا أكثر فأكثر للأسف، بل هي مصدر لمنتوج غذائي حيوي يتّسم بجودة لا يمكن أن تنافسها "الصناعات السمكيّة" الربحيّة الضخمة! كذلك فهذا القطاع يحمل قيمة ثقافية وتاريخية معتّقة، ويجدر بمن يدرك عمق ومعنى هذه العبارة أن يتحرك لحمايتها، وليس التضييق المتبلّد والتافه عليها!

أخبار ذات صلة