على الرغم من إعلان رئيسها قرار سحب القوات العسكرية من أراضي الدولة السورية، فإن الولايات المتحدة تضغط الآن على أنظمة دول خليجية لمنع إعادة سفاراتها أو علاقاتها مع دمشق لمواصلة عزلها. و"حظي" نظاما السعودية وقطر بمديح الإدارة الأمريكية كـ"عون كبير" وكمن يفعل "الصواب" بهذا الشأن. قد تطرح أسئلة كثيرة حول هذه السياسة، وتُصاغ بمختلف المفاهيم والمصطلحات المعتمَدة في العلوم السياسية. سيقال إن هذا ممارسة للضغط ومحاولة للتأثير وتفعيل للقوة الناعمة من أجل صد خصم بمقياس دولي، هو روسيا، وآخر بمقياس اقليمي، هو ايران. لكن في المحصلة هذه محاولة تنطوي على تأبيد وتصعيد للدمار والتدمير في سوريا، وعلى إفشال لأية خطى مهما كانت بطيئة، باتجاه حل سياسي لهذا البلد. والسؤال المطروح، في خدمة من هذا كله؟ إن الانحطاط يبدو جليا في كون أنظمة عربية توصلت بنفسها وإن كانت مكرهة، الى استنتاج مفاده ضرورة إحداث انعطافة في تعاطيها مع هذه الأزمة، لكنها تقوم الآن بالانصياع لواشنطن والتراجع عما يفترض أنه من مصلحتها. والسؤال، في خدمة من هذا؟ الجواب الأكيد أنه ليس لمصلحة السوريين بجميع وبمختلف توجهاتهم. المستفيد هو من يتطابق واقع تفتيت سوريا وابقائها مثخنة بجراح الحرب وطعناتها، مع توجهه العلني وغير الجديد. نقصد أفكارًا وخططًا إسرائيلية تطبيقية تم تجريبها في جنوب سوريا مثلما في جنوب لبنان قبلها. كيان الدويلات كان يطل من دهاليز صنع القرار الاسرائيلي كلما لاحت فرصة وفوضى. وحبّذا لو سُمع موقف إعادة تقييم ومحاسبة ممن اتفقوا تماما ودائما مع حكومتي أمريكا وإسرائيل في كل ما يخص سوريا في السنين القليلة الماضية، ويزعمون في الوقت نفسه أنهم أكبر معارضين لهما.