news-details

منافـَقـَة للصهيونية بإسم مكافحة اللاساميّة

كرّر الرئيس الفرنسي ايمانويل مكرون تصريحا سابقا له رأى فيه أن "معاداة الصهيونية هي شكل من أشكال اللاسامية". عام 2017 قال: "لن نرضخ امام معاداة الصهيونية التي نعتبرها شكلا جديدا لمعاداة السامية".. وهذا الأسبوع كرّر ذلك بصيغة مختلفة.

لو اجتهد السيد مكرون لكان عاد الى الإرث الفكري والفلسفي الثري في أرشيف بلاده وحدها، ولن نتعبه أكثر في نبش السجل الفكري الأممي الانساني العظيم.. لو ثقف نفسه قليلا لأدرك دون عون من معلم، أن الصهيونية بوصفها ايديولوجيا حكومة ومؤسسة دولة، هي نقيض مطلق لمفهوم الدولة المدنية، دولة المساواة المدنية التي ساهمت في إرسائها الثورة الفرنسية.

من هناك كان سيعيد طرح السؤال المنطقي البسيط: اذا كانت مناهضة الصهيونية معادِلة للاسامية، فمعنى ذلك أن الصهيونية والسامية متماثلتان أو على الأقل قريبتان في البنية السلالية أو البنيوية الاجتماعية. لكن هل هذا معقول؟ طبعا لا. الصهيونية ايديولوجيا والسامية مجموعة انتماء لعدة أعراق. لا يوجد أي تشابه بينهما.

ولو أعملَ رئيس الجمهورية الفرنسية تفكيره أكثر، سيكتشف أيضا ان الصهيونية لا تماثل اليهودية؛ تلك ايديولوجية أوروبية وهذا دين مشرقي قديم. ولكن المشكلة لا تكمن طبعا في قلة المعرفة، بل في الانحياز السياسي لحكومات اسرائيل وطروحاتها. وليس فقط أن السامية بريئة منها بل اليهودية نفسها أيضا لا تتحمل وزر تلك الحكومات وتلك السياسات!

يبدو أن ماكرون يدرك نفاقه السياسي جيدا، إذ اعترض على مبادرة لعدد من نواب البرلمان الفرنسي تقضي بتجريم مناهضة الصهيونية! ما يجب إدراكه هو أن الوقوف ضد العنصرية بحقّ أية مجموعة كانت، والوقوف ضد كل من يمارسها، هو موقف أخلاقي مبدئي كوني. لكن خلط هذا الموقف بالانحياز لمنظومة تمارس بنفسها العنصرية ضد الفلسطينيين، بدلا من إدانتها أو انتقادها على الأقل، هو سلوك يلطخ صاحبه بالعنصرية. لأن من يرفض العنصرية يتوجب عليه مناهضة الصهيونية.

أخبار ذات صلة