news-details

نتنياهو، السّلطة مفسدة حرفيًّا

قديمة جدًا، وقد تكررت صياغتها، تلك المقولة التي تلاحظ كيف يمكن أن تتحوّل السلطة الى مصدر للفساد ومسبب له. ليس السلطة بكونها جزءا من المبنى الاجتماعي، القديم والحديث، بصفتها المجرّدة، بل حين تصبح هي الهدف والمعنى وما يُحارب عليه صاحبها. من هنا تقصر الطريق نحو الغطرسة، والى عقليّة الغاية التي تبرر كل واسطة.

إذا صحّت الشبهات المنسوبة لزعيم اليمين، حليف الكهانيين العنصريين، بنيامين نتنياهو، مثلما قدّمها في تقرير توصياته المستشار القضائي للحكومة، فعلى ما يبدو أن الغطرسة ونزعة الاستبداد ووضع الذات فوق القوانين والأنظمة والمصالح العامة للناس، والناس أنفسهم، قد أوصلته الى ما يتطابق مع تصريح سابق لمستبدّ آخر: انا الدولة والدولة أنا. وإلا، فكيف يتصرف كأنه ملك مرفوع فوق البشر، لا حدود أمامه بغية الحصول على وسائل الترف وأغراض البذخ، مستغلا وجوده في مقعد الحكم؟ أما ما يُفترض أنها مسؤولية وامانة نالها بفضل ممارسة الناخبين/ات حقهم الديمقراطي باختيار حكومتهم، فتتحوّل الى وسيلة لإرواء غريزة الجشع.

في الوقت نفسه، لا يُفصل ما ورد أعلاه عن الحمولة الفكرية التي ترتبط بالسياسي اليميني نتنياهو، وفي مركزها التعصب القومجي واعتبار الشعب الفلسطيني في هذه البلاد تفصيلا فائضًا عن الحاجة وأشبه بعبء يجب التخلص من ثقله. ولا يُفصل أيضًا عن حمولة سياسية اجتماعية تنصّ على أن القانون الناظم لحياة المجتمع يجب أن يكون الصيغة الأكثر توحشًا لليبرالية الجديدة – تلك التي ترى في الذوات البشرية والشخوص المدنية (المواطنين) أدوات وظيفتها تكريس صعود دالة زيادة الأثرياء ثراءً بوصفهم الصفوة والضمانة للـ"التقدم"..

إن السلوك وكأن كلّ شيء متاح للحاكم الذي وصل السلطة على سلالم التحريض وإذكاء الكراهية وتكتيك "فرّق تسُد"، له منابع عميقة تلتقي جميعها في مصدر واحد هنا: حمولة فكرية يمينية متشددة متطرفة متعصبة إن كان في جانبها القومجي، أو في جانبها الاجتماعي. وليس غريبًا أن يجد صاحبها لغة مشتركة مع زعماء فاشيين في أوروبا وأمريكا اللاتينية، وحكّام استبداديين هنا في منطقتنا. فهذه الطيور القمّامة فعلا على أشكالها تقع.

أخبار ذات صلة