يتراكم نقاش في الآونة الأخيرة حول ما يوصف بـ الخطر المحدق بأحزاب اليسار في الانتخابات القادمة للكنيست. ويُقصد، وليس على سبيل التهكم، ما يتهدد حزب العمل، مثلا. هناك من يتمكّن من رؤيته يسارًا! كذلك، بدرجة أعلى من الجدية، يجري التنويه لميرتس. وعليه، فهناك أصوات تنطلق بمناشدة للحفاظ على اليسار، وعدم الذهاب خلف الوسط فقط. مشكلة هذا التوجه تكمن في ركاكة التعريفات الأساسية، التي تضع حزب عدوان 1967 في خانة اليسار، "العمل" الذي قاد أيضًا كل عملية الخصخصة الهائلة في الثمانينيات، خلال ما عرف بحكومة الرأسين، شمعون بيرس ويتسحاق شمير. وكيلا نظل في التاريخ وحده، نسأل: أي يسار هذا الذي وقف في صف كل عدوان وحرب واجتياح منذ حزيران المشؤوم؟ نفس التساؤل وإن بدرجة أقل يتناول ميرتس. فهل من يهاجم رفض الخدمة في جيش الاحتلال بل حتى رفض الخدمة في المناطق المحتلة فقط، هو يسار يستحق كل اسمه؟ هل مَن يتمسك بحق في التميّز الإثني لقضايا مثل الأرض، ومن يقبل بقانون عودة ليهود من كل العالم بينما يرفض حق عودة أهل البلاد الذين تهجروا بالقوة والمجازر، هو حزب قادر على تحمُّل عبء تعريف اليسار؟ فالأمر ليس تسمية لضرورة التميز ولا التسويق السياسي. هناك التزام ومسؤولية وتبعات، من رئيسياتها رفض أية امتيازات من جهة أو تمييزات سلبية من جهة أخرى، لأية مجموعة فقط بحكم انتمائها وهويتها. أي أنك يجب أن تكون أمميًا بالضرورة لتكون يساريًا. ولكن هذا بالضبط ما فعلت نقيضه وتفعله الصهيونية، لذلك حين تكون يساريًا وصهيونيًا فأنت إمّا منفصم لا يدرك هويته السياسية بعمق، أو تاجر بالهويات السياسية. في الخلاصة لا يمكن للصهيونية واليسار أن يتوافقا، إلا اذا كان وضع غير اليهود في درجة متدنية، أمرًا مقبولا باعتياد. لكن عندها ستكون صهيونيًا كاملًا، ويساريًا إثنيًا غير أممي، فأي يسار هذا بالضبط؟!