news-details

رأي: النقابات العمالية بحاجة لمحكمة عمل دولية | جهاد عقل

تعاني الحركة النقابية في العالم من مواصلة بطش القوى الرأسمالية في العالم، ضمن سياسات العولمة والشركات العابرة للقارات أو متعددة الجنسيات، ضمن هذه المعاناة يتعرض العمال وقياداتهم النقابية لممارسات قمعية يصل البعض منها الى السجن وأخرى للاغتيال، وذلك في مختلف الدول، منها دول يحكمها طغاة عسكريون، أو دول تحكمها حكومات "ديمقراطية". وخير دليل على ذلك ما قامت به حكومة البرازيل من تلفيق تهمة باطلة للقائد النقابي العمالي البرازيلي المعروف لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (لولا).

التقارير الصادرة عن لجنة متابعة هذه القضايا في منظمة العمل الدولية، التي تقوم بمتابعة هذه الممارسات غير الانسانية وقضايا منع التنظيم النقابي والحريات النقابية ومنها اغتيال وسجن النقابيين - تبقى "انتقادا" لهذه أو تلك الحكومة، وليس لديها سُبل عقابية رادعة، بل مجرد اشارة الى ما حدث في تلك الدول، ويبقى النقابيون والعمال عرضة لمواصلة التنكيل والقمع والسجن ومنع امكانية تشكيل نقابات عمالية حرة وديمقراطية.

برأيي حان الوقت لتنفيذ واقرار المطلب النقابي الذي تناولته الحركة النقابية العالمية وبخجل ما، الا وهو تشكيل "محكمة عمل دولية" تشبه "محكمة الجنايات الدولية"، يستطيع فيها النقابيون والعمال جماعة أو أفراد، أو حركة نقابية، تقديم شكوى لهيئة هذه المحكمة، ضد حكومة أو حاكم، وضد صاحب عمل أو أصحاب شركة متعددة الجنسيات، إذا قام أي منهم بمنع حرية التنظيم النقابي أو انتهاك الحقوق العمالية، بما فيها اغتيال أو سجن نقابيين وغيرها من الممارسات القمعية، والبت في هذه القضية اعتماداً على "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" وفق المادة 23  (*) خاصة وبقية المواد المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته عامة ومنها المواد من 18 -23. ووضع آلية عقاب رادع لهذه الانتهاكات.

نعم، بما أن قضية حرية العمل النقابي وتشكيل نقابات عمالية يشار اليها في"الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة 23 “، فعلى الهيئات الدولية وفي مقدمتها منظمة العمل الدولية التي تعتبر نفسها "برلمان عالم العمل العالمي"، تطوير هذه الآلية القانونية، وتشكيل "محكمة عمل دولية" تقدم لها الشكاوى لانتهاكات حقوق العمال والنقابيين وحرية التنظيم النقابي، وأن تكون لديها وسائل عقاب رادع للمخالفين. ويكفي أن نذكر هنا ما يتعرض له العمال الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة من تعذيب وممارسات قمعية وبطش بالحقوق، بل والإغتيال وهم في طريق عملهم لكسب لقمة العيش الكريم. فتقارير منظمة العمل الدولية بهذا الخصوص رغم أهميتها هي مجرد "اشارة" الى مواقف كل طرف، وفي احسن الحالات توجيه انتقاد للمحتل الإسرائيلي ليس أكثر.

 حان الوقت لأن تستجيب منظمة العمل الدولية لهذا المطلب والقيام بتشكيل "محكمة عمل دولية"، مقرها قصر الأمم في جنيف، حيث مقر المجلس العالمي لحقوق الإنسان. كلي أمل أن يجد هذا النداء ومعه نداء بعض الحركات النقابية الدولية اذانا صاغية ويجري تشكيل محكمة عمل دولية على غرار محكمة الجنايات الدولية لتختص بمعالجة القضايا الجنائية التي يقوم بها أصحاب رأس المال والحكومات وأصحاب العمل وشركات متعددة الجنسية بكل ما يتعلق بالحقوق العمالية.

 

//هامش:

* المادة 23.

1- لكلِّ شخص حقُّ العمل، وفي حرِّية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومُرضية، وفي الحماية من البطالة.

2- لجميع الأفراد، دون أيِّ تمييز، الحقُّ في أجٍر متساوٍ على العمل المتساوي.

3- لكلِّ فرد يعمل حقٌّ في مكافأة عادلة ومُرضية تكفل له ولأسرته عيشةً لائقةً بالكرامة البشرية، وتُستكمَل، عند الاقتضاء، بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية.

 4- لكلِّ شخص حقُّ إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.

أخبار ذات صلة