news-details

مؤتمر في قلب المعركة: النقابة اليسارية الكونفدرالية العامة للشغل "سي جي تي" | جهاد عقل

 تحت هذا الشعار عقد اتحاد النقابات العمالية (سي جي تي) مؤتمره الـ 53 أيام 27 إلى 31 آذار 2023 في كليرمون فيران الواقعة في إقليم بوي دي دوم بالجزء الجنوب الشرقي من فرنسا. وبالرغم من مواصلة النضال ضد تغيير قانون التقاعد، لم تقم قيادة الإتحاد بتأجيل المؤتمر، بل قررت عقده في موعده تحت شعار "مؤتمر في قلب المعركة"، وشمل برنامج المؤتمر تقديم تقارير حول نشاطات اتحاد السي جي تي بين مؤتمرين، بما في ذلك تقارير عن النضالات التي خاضها العمال والوضع التنظيمي والوضع المالي ومجريات النضال الحالي التي يقوم بها الإتحاد ضمن الهيئة النضالية النقابية المشتركة التي بادر الإتحاد لتنظيمها، من أجل افشال قانون التقاعد الذي طرحته الحكومة الفرنسية ويشمل رفع سن التقاعد وتخفيض مخصصات التقاعد التي يحصل عليها العامل عند خروجه الى التقاعد. هذا بالإضافة إلى القضايا التنظيمية ومنها انتخاب قيادة جديدة وأمين عام، وأن "تكون القيادة، أكثر من أي وقت مضى، على اتصال مباشر بالميدان والواقع اليومي"، وأن هذا المؤتمر "سيكون فرصة للتحضير للمستقبل، وتحديد آفاق النشاط، وتحديد استراتيجية والنهج النقابي للسنوات الثلاث المقبلة”.

ضم المؤتمر 942 مندوباً من مختلف مواقع العمل في فرنسا ليبحثوا ويناقشوا العديد من القضايا العمالية والنقابية التي جرى تداولها منذ المؤتمر الأخير في عام 2019، مع التأكيد على ما جاء في وثيقة تقرير المؤتمر بأنه "لم يكن هناك نقص في النضالات".

وشمل جدول الأعمال التركيز على مواضيع: "إصلاح المعاشات التقاعدية، الحريات النقابية، الوظائف والأجور" وتناول ما تعرض له العمال من أضرار خلال فترة جائحة كوفيد – 19، وتأثير ذلك على عالم العمل، خاصة قضايا العمل من البيت والبطالة، ومناقشة النموذج الاجتماعي وظهور مطالب جديدة للعمال من خلال علاقات العمل بما في ذلك البيئية والتي جميعها تعتبر في صميم اهتمام العمال الفرنسيين.

خلال متابعتنا لأبحاث المؤتمر لاحظنا قضية التركيز على الحرية في النقاش والشفافية في طرح القضايا بما فيها القضية المالية، حيث قدم تقرير شامل حول هذا الموضوع، خاصة أن القوى الرأسمالية حاولت في السنوات الأخيرة نشر معلومات مغلوطة تهدف من خلالها للإساءة لقيادة الإتحاد خاصة وللتنظيم النقابي عامة.

واتضح من الأبحاث والقرارت أن المؤتمر ّإتخذ العديد من القرارات الهامة الهادفة الى وضع استراتيجية نضالية تتصدى للقوى الرأسمالية وتعمل على توسيع قاعدة النضال النقابي من جهة وتوسيع عدد العمال المنضمين للاتحاد، بالإضافة الى مواصلة النضال من أجل اسقاط قانون التقاعد الجديد.

//النقابيات في مركز الحدث

منذ عدة مؤتمرات للاتحاد خاصة منذ فترة النقابي برنارد تيبو الأمين العام السابق والذي عرفته شحصيا واجتمعت به عدة مرات، وضعت قضية النقابيات في الإتحاد في مقدمة الأبحاث وضرورة أن تشمل قيادة الإتحاد عدد واسع من هؤلاء المناضلات النقابيات، وبالفعل عُرف هذا الإتحاد اليساري في قياداته النقابية في الميدان وغيره بمناضلات نقابيات لهن باع نضالي شديد في القوة النقابية للاتحاد خاصة وعلى المستوى الفرنسي عامة، بل كان هدفه أي برنارد تيبو أن تتولى قيادة الإتحاد نقابية معروفة بنضالها الميداني، وضمن هذا الهدف تقرر أن تتقدم وتترشح للانتخاب لمهمة الأمين العام للاتحاد وفي هذا المؤتمر فقط نقابيات، وتعتبر هذه الخطوة غير مسبوقة في تاريخ الإتحاد منذ تأسيسه في العام 1895.

//نقابيات مرشحات وتوتر غير متوقع

توقع الكثير من الخبراء انتخاب النقابية المرشحة لمهمة الأمين العام ماري بويسون (46 عاما) المدعومة من قبل الأمين العام المنتهية مهمته النقابي فيليب مارتينيز والذي انتخب في العام 2015 أمين عام للسي جي تي والذي عرف عنه بأنه متشدد في المواقف لكن التجربة أثبتت لرفاقه بأنه كان "معتدلاً" بمواقفه أمام الحكومة.

بالمقابل قام مندوبون عرف عنهم بأنهم الـ "جناح متشدد" بتقديم ترشيح منافسه أخرى وهي النقابية سيلين فرزيلتي (56 عاما) والمدعومة بشكل واسع من قوى لها وزن بمواقع العمل الكبيرة. لكن لم تحصل أي منهما على الأكثرية المطلوبة، وبالمقابل كانت مرشحة ثالثة نقابية شابة معروفة بدورها النضالي الميداني ولها باع طويل في النضال من فترة نضالها وقيادتها للاتحاد الطلابي في فرنسا وهي النقابية صوفي بينيه ابنة الـ41 عاماً وهي عضو في قيادة السي جي تي المنتهية مهمتها في هذا المؤتمر، وكانت نتائج الإنتخابات وفق تقديرات معظم الخبراء بأنها مفاجأة للجميع، حيث انتخبت النقابية الشابة صوفي بينيه لمنصب الأمين العام للسي جي تي، وبذلك سجلت تاريخا هاما، الا وهو أنها أول أمرأه تنتخب لهذا المنصب منذ تأسيس هذا الإتحاد النقابي الفرنسي اليساري.

في كلمتها بعد انتخابها أكدت أنها ستقوم بدورها النضالي وفق قرارات وإستراتيجيات المؤتمر، وأنها ستقف مع رفاقها ورفيقاتها في طليعة النضال من أجل افشال قانون التقاعد الجديد، ومن أجل تحسين ظروف العاملين والعاملات في فرنسا.

كما انتخب المؤتمر قيادة الإتحاد المكونة من 66 نقابية ونقابيا يضاف اليهم الأمين العامة صوفي بينيه ليصل عددهم الى 67.

//محاولات مشبوهه ستفشل

هذا ولاحظنا أن بعض وسائل الإعلام المعروفة بمواقفها المعادية للطبقة العاملة، قد حاولت دق الإسفين من خلال نشرها أن خلافات حدثت في المؤتمر واحتمال وقوع انقسام بسبب فشل المرشحتين ماري بويسون وسيلين فرزيليتي، الأمر الذي دحضه أعضاء المؤتمر من خلال وقوفهم جميعاً بالتحية لقيادتهم، للأمينة العامة صوفي بينيه ورفاقها من أعضاء القيادة المنتخبين.

بدون شك أن هذا المؤتمر النقابي اـ السي جي تي، له أهمية خاصة في ظل ما تمر به الطبقة العاملة الفرنسية من مواجهتها لبرامج حكومية تهدف الى اجراء تغييرات في قانون التقاعد خاصة وقانون العمال الفرنسي عامة، والتي تهدف من خلالها الحكومة إلى الإساءة للعاملين في فرنسا على مختلف مهنهم.

تصريحات النقابية صوفي بينيه عند اختتام المؤتمر تؤكد أن اكبر قوة نقابية في فرنسا والمعروفة بأنها القوة اليسارية والطبقية الحقيقة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الخطوات الحكومية بل ستواصل النضال من أجل افشال تلك الخطوات الحكومية.

أخبار ذات صلة