news-details

من تاريخ الحركة النقابية الفلسطينية: حكومة الاستعمار تجاهلت مطلب العمال العرب، فتحرّكوا..

 

في هذه الحلقة ننشر أخبارا إضافية عن موضوع تشغيل مقاول يهودي لعمال يهود في ثلاث مدارس عربية يجري بناؤها في مدينة يافا، وفي كلمة محرر جريدة فلسطين يوجه انتقادا للخبر العابر الذي نشرته جريدة "اللواء" دون التعمق بالموضوع، أي فقدان العمال العرب فرص العمل في ورشات عمل عربية، أو دون ضمان تشعيل قسم منهم في هذه الورشات خاصة أنهم يعانون من بطالة مستفحلة في صفوفهم.

كما نستعرض عددا من نشاطات جمعية العمال العربية بداية العام ١٩٣٦، في مختلف المجالات.

ج.ع

 

"مسائل اليوم": غضب العمال العرب لحقوقهم المباحة

كتبنا قبل اليوم اننا نأخذ على الحكومة إعطاءها تعهد بناء ثلاث مدارس عربية في يافا لمقاولين من اليهود، وبينا أنها قصرت في الإعلان عن المناقصات حتى يتقدم لها طلاب من العرب، وقلنا أن اليهود الذين يجاهرون بوجوب إبعاد العرب عن الأعمال اليهودية، والذين يؤلفون حاميات لتنفيذ فكرهم، هم أولى الناس بالحرمان من تعهد أعمال عربية في بلد عربي.

ولكن الحكومة لم تعن بما أثاره العرب من إعتراضات على ذلك ولا عنيت حتى بنصح المقاولين اليهود الذين فازوا بالمناقصات المذكورة بوجوب تشغيل عمال عرب في تلك التعهدات العربية،فكان من جراء ذلك أن تذمر العمال العرب العاطلون وغضبوا لهوان شأنهم لدى الحكومة، فأصدر أحدهم محمد راغب قدورة* نداء يجد القارئ خلاصته في غير مكان من هذا العدد، يبسط فيه ما أصابه وإخوانه من العرب العاطلين من غبن بسبب تلك المناقصات، واقتصار المقاولين على تشغيل العمال اليهود، ويهيب بإخوانه حتى يؤلفوا حاميات عربية لتخليص تلك الأعمال العربية من الأيدي الصهيونية. ويشير النداء الى أن جمعية الهستدروت قررت الإستعاضة عن الحاميات اليهودية برصد نصف مليون جنيه للمضاربة في جميع مقاولات الحكومة والحصول عليها بالمناقصة. والإستيلاء بذلك على الأعمال الحكومية وتسليمها للعمال اليهود دون حاجة الى حاميات.

والذي نرجوه أن تفيق السلطة قبل إتساع الخرق، وقبل أن تصبح المسألة من الخطورة بحيث يعسر حلها ونرجو كذلك أن تعنى باقي الصحف العربية بهذه القضية الخطيرة وأن لا تقتصر فيها على الإشارة الخاطفة كما فعلت اللواء.

(جريدة فلسطين الثلاثاء 18 شباط 1936 ص1)

* لم نجد أي نشر لهذا الإصدار في نفس عدد فلسطين هذا.

 

مزاحمة العمال اليهود للعرب

-حاول رجال جمعية الهستدروت منذ أمد بعيد الإستيلاء على سوق بيع الكاز وإقصاء العمال ألعرب عنه وقد لجأوا منذ مدة قريبة الى الخديعة فدفعوا بأحد تجارهم اليهود الى الإتصال بأحد العمال العرب وتقديم الكاز له بسعر أرخص مما تقدمه شركات الكاز. وقد احتج العمال العرب الآخرون في هذه المنافسة المضرة، بكتاب رفعوه الى شركات الكاز طالبين اليها وضع حد لهذا العمل الضار بمصالحهم وننتظر أن تهتم الشركات بكتاب الجمعية، فإن هذه المحاولة التي قام بها رجال الهستدروت من شأنها القضاء على آمال فئة ضئيله من العمال تعتمد في حياتها على هذا العمل.

 

(جريدة الدفاع الخميس ٢٠ شباط ١٩٣٦ ص ٤)

 

المتعهد اليهودي وحقوق العمال العرب.. المصلحة تقضي بإنصاف هؤلاء والتفاهم معهم.

لا يزال متعهد بناء مدارس الحكومة في يافا يُشغل اليهود فقط، وقد كان لعمل المتعهد هذا أسوأ الأثر في نفوس العرب الذين اعتبروه تحدياً لهم ينتزع أعمالهم من أيديهم ويقدمها للمهاجرين النازحين عن بلدان اوروبا المختلفة.

وقد زارنا أمس لفيف من العمال أظهر لنا استياءه الشديد من الحكومة ومما قالوه :لو أن عربياً تعهد ببناء مدارس في تل ابيب وإقتصر في عماله في العرب فقط، لملأت الصحف أعمدتها في أخبار ما يتحتم وقوعه، وما وقع مثله في بيارات يكون الضامن عربياً ولحظنا من خلال أحاديث هؤلاء عزماً على المحافظة على حقوقهم، فأردنا لذلك لفت نظر الحكومة لتعمل من جانبها على تفادي الخطأ التي وقعت فيه،وكان سبباً لهذا الإستياء، ونرى أن لا بأس من اجتماع حاكم اللواء بوفد منهم، فإن إغفال أمرهم لا يسر الحكومة.

(جريدة الدفاع الخميس ٢٠ شباط ١٩٣٦ ص ٤)

 

سكتوا طويلا فلما يئسوا تكلموا:

 العمال العرب يوقفون العمال اليهود عن العمل المدارس عربية لماذا تكون المقاولة يهودية !

أقرت الحكومه إنشاء ثلاث مدارس للعرب في هذا البلد العربي فعينت لها ثلاثة مقاولين من اليهود بعد ان نشرت مناقصة العمل في هذه المدارس في الصحف العبريه دون الصحف العربية التي لم تطلع على نصوص هذه المناقصة الا في جريدة الحكومة الرسمية.

 

تشغيل العمال اليهود

وقد شاء المقاولون -ولا بدع- أن ينتخبوا مساعديهم وعمالهم من اليهود وبذلك أصبحت المدارس العربية الثلاث الواقعة في وسط عربي والتي لم تنشأ الا للعرب، ومن أموال العرب - وقفاً على المقاولين والعمال اليهود. ولكن أحس العامل العربي بحراجة الموقف وشعر بالخطر الذي يتهدد حياته فقام يطالب بالحق الهضيم وقامت الصحافة تسنده وتلفت نظر الحكومة الى ما ينجم عن تسليم مقاولة مدارس عربية تقوم في وسط عربي الى اليهود-من وخيم العاقبة ولم تشأ الحكومة أن تعير هذا إهتماماً الى أن وقع أمس ما توقعناه.

 

إنسحاب العمال اليهود

في صباح أمس قصد عدد كبير من العمال العرب العاطلين عن العمل الى حي النزهة حيث يقوم العمال والمقاولون اليهود على بناء مدرستين واحدة للذكور والثانية للإناث وطلبوا الى اليهود أن يوقفوا العمل وينسحبوا،فأجاب هؤلاء طلبهم وانسحبوا بانتظام. وبذلك وقف دولاب العمل وظل العمال العرب يخفرون العمل دون أن يقوموا بأي شيء من شأنه تكدير صفو الأمن العام.

 

اتصال المقاول بالسلطة

ثم قصد عدد آخر من العمال الى حي العجمي حيث يعمل المقاولون والعمال اليهود الآخرون في إنشاء المدرسة الثالثة للذكور وفعلوا معهم ما فعل اخوانهم مع أولئك فلم يتأخروا عن الانسحاب من العمل.

على أن المقاول اليهودي اتصل بدائرة البوليس وأطلعها على جلية الأمر،فخف المستر كفراتا ومعه نفران من البوليس الى حي النزهة ومنه الى حي العجمي وتبعهم قائمقام المدينة عزمي بك النشاشيبي وضابط بوليس العجمي السيد مصطفى درويش مع نفر من رجال البوليس واخذوا يرقبون سير الحالة الى أن وصل السيد ميشيل متري رئيس جمعية العمال فطلب الى العمال التزام جانب الهدوء والسكينة. ولكن العرب صرحوا بأنهم عازمون على نيل حقوقهم بسلوك هذا الطريق بعد أن أبت الحكومة إنصافهم والنظر الى مطالبهم الحقة العادلة. وأبانوا أنهم يمارسون فن البناء والعمل وأنهم أجدر من اليهود بالعمل في مشروعات تقوم على أكتاف ألعرب وورائهم عائلات تعاني آلام الفقر، وزادوا على ذلك بأنهم لن يدعوا عاملاً يهوديًا زاول هذه الأعمال فينازعهم على كسرة الخبز التيي يبلغونها بكد اليد وعرق الجبين.

 

اهتمام الحكومة

وقد عاد السيد كفراتا الى مركز البوليس بعد ان ترك نفرين من البوليس البريطاني في حي العجمي،ثم اجتمع عزمي بك النشاشيبي الى مساعد حاكم اللواء وأطلعه على جلية الأمر، إلى أن خرج من دار الحكومة فصادف السيد ميشيل متري في بهو السراي،فطمأنه الى أن الحكومة مهتمة بأمر العمال إهتماماً جديًا، ولذلك فقد صار خيراً للعمال أن يلتزموا جانب الصبر والهدوء.

 

العمال في أماكنهم

وقد قصد مندوبنا المحلي، قبيل الظهر، مكان حي النزهة،والعجمي،وراقب سير حركة العمال، فألفاهم هادئين ينتظرون تصريحات الدوائر المختصة في شأن هذا الامر الذي يؤمل أن تهتم له الحكومة، وتعالجه بحكمة وشيء من العدل يضمن حقوق العرب، وعمالهم العاطلين المعوزين ونكتب هذه السطور والعمال العرب لا يزالون واقفين يخفرون مكان العمل.

(جريدة الدفاع الجمعة ٢١ شباط ١٩٣٦ ص ٤(

الصورة: توضيحية من الأرشيف ليافا قبل النكبة
 

 

أخبار ذات صلة