أعلنت سكرتارية اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية اثر اجتماعها نهاية الأسبوع، عن مواصلة الإضراب العام والشامل والمفتوح في السلطات المحلية العربية جَرّاء عدم حدوث تقدُّم جدي في المفاوضات والاتصالات مع ممثلي الحكومة، ولعدم التجاوب الكامل مع مطالب اللجنة القطرية حول احتياجات وحقوق السلطات المحلية العربية .الإضراب بدأ يوم الثلاثاء الماضي بناءً على قرارات اللجنة القطرية، بسبب رفض الحكومة مطالب اللجنة في تعويض السلطات المحلية العربية عن خسائرها واضمحلال مَدْخولاتها ومواردها الذاتية، خصوصا في ضريبة الارنونا، والتي بمعظمها ضرائب سكن فقط، في الأشهر الأخيرة خلال مواجهتها لأزمة الكورونا، في حين قامت الحكومة بتعويض خسائر السلطات المحلية اليهودية، والتي بمعظمها ضرائب لمحال تجارية وصناعية. وقد شمل الإضراب جميع أقسام ومرافق ومؤسسات السلطات المحلية العربية، حيث يلاقي الإضراب تفهّما وتفاعلا كبيرَيْن من الجماهير العربية، في معظم المدن والقرى العربية، وكذلك لاقى اهتماما إعلاميا واسعاً، رغم الظروف الصعبة والمركَّبة.
تواصلنا في الاتحاد مع رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية مضر يونس وعرضنا عليه بعض الأسئلة حول الاضراب والنضال من أجل الحصول على حقوق متساوية في توزيع الميزانيات.
"الاتحاد": ما هي خلفية الإضراب الاساسية؟
يونس: خلفية الاضراب هي الظروف المادية القاسية وقلة الميزانيات التي تعاني منها سلطاتنا المحلية العربية والتي تفاقمت بشكل كبير في ظل أزمة الكورونا. هذا أساسًا بسبب عدم تمكنها من جباية ضريبة الارنونا السكنية بسبب ظروف وحالة السكان الاقتصادية، ارتفاع البطالة واضطرار العمال للبقاء في البيت، ومخاوفهم الاقتصادية التي تثنيهم عن المبادرة في دفع الارنونا. كل توجهاتنا للحكومة لم يتم التجاوب معها بالشكل الذي نريد لذلك كان علينا اعلان الاضراب.
"الاتحاد": كم هي المخصصات والميزانيات التي قررتها الحكومة لتعويض أضرار جراء الكورونا؟ ما هي حصة السلطات المحلية العربية، وكيف تحاول الحكومة تبرير هذا الاجحاف؟
يونس: الميزانيات التي خصصت حتى الآن للسلطات المحلية هي ميزانيات غير كبيرة بكل حال، كان هناك بعض الميزانيات من الرفاه الاجتماعي بشراكة مع "مفعال هبايس". وهي ميزانيات لم توجه مباشرة للمجلس بل هي في غالبيتها مساعدات خاصة موجهة لذوي الاحتياجات. الميزانيات التي أعطيت للمجالس المحلية وزعت بالأساس من أجل تجنيد دوريات لضبط الأمن والأمان وضمان المحافظة على تعليمات الوزارة في ظل ازمة الكورونا، وأعطيت بعض الميزانيات الى الاعلام من أجل التوجه نحو المواطنين وحثهم على الالتزام بالتعليمات. لكن ليس هنا مربط الفرس، المشكلة الأساسية تكمن في المعايير التي اتخذتها الحكومة من أجل توزيع ميزانية التعويضات للمجالس المحلية بسبب فقدان ضريبة، حيث كان المعيار الذي حدد طبيعة توزيع الميزانيات على السلطات المحلية هو حسب ما يسمى "الارنونا التجارية" أي ارنونا المصالح الاقتصادية. وهنا الطامة الكبرى حيث انه من مبلغ 2,82 مليار شيكل وُزع على السلطات المحلية في البلاد، كانت حصة السلطات المحلية في المجتمع العربي 47 مليون شيكل فقط، أي اقل من 2 بالمئة. وهذا أظهر بشكل واضح فجاجة الاجحاف والتمييز ضد السلطات المحلية العربية التي لا تملك بطبيعة الحال موارد جدية من "الارنونا التجارية". ومن هذا الأساس كان توجهنا أنه لا يمكن اعتماد هذا المعيار لانه لا يأخذ بعين الاعتبار طبيعة السلطات المحلية العربية ويتركها تحت تمييز صارخ في ميزانيات التعويض، ولذلك أعلنا الاضراب، والى الان لم تتم إجابة مطالبنا، لكن الاضراب مستمر.
"الاتحاد": ما هو تقييمك لمجمل تعامل الحكومة مع معالجة ازمة الكورونا في المجتمع العربي وهل التمييز الملحوظ في حصة الجماهير العربي هي خطوه تمييزية واحده منفصلة عن مجمل النهج الذي اتبعته الحكومة في معالجتها مع الأزمة في المجتمع العربي؟
يونس: نحن نتكلم هنا عن تمييز مضاعف، لأن هناك تمييز من الأساس، فنحن نتكلم عن سلطات محلية ضعيفة أصلا رفضت الدولة أن تستثمر فيها وأن تمدها على مدى سنوات بموارد ملائمة لتستطيع أن تعتمد على ضريبة ارنونا تجارية او مؤسسات حكومية او مراكز صناعية. فبالتالي سلطاتنا المحلية تضطر لان تعتمد فقط على ضريبة السكن وفتات الموازنة التي تحصل عليها من الدولة. والاجحاف الإضافي اليوم هو أنه حتى التعويض في ظل ازمة كورونا بني على هذا الأساس غير العادل اصلًا والقائم على التمييز المجحف لذلك فان التعويض لم يأتِ بأي فائدة حقيقية. التمييز يظهر بشكل مضاعف لآنه بالإضافة الى عملية التمييز الاساسية المستمرة عبر عشرات السنين ضد سلطاتنا المحلية العربية بشكل ممنهج بوضع الأماكن التي توفر الموارد المادية الأكبر خارج منطقة نفوذ سلطاتنا المحلية العربية، يضاف له التمييز الذي يحصل اليوم باتخاذ معايير التعويض بناءً على واقع ينضح بعدم المساواة اصلًا قبل ازمة الكورونا بعشرات السنوات.
"الاتحاد": ما هي الخطوات التي اتخذت حتى الان لمحاولة ثني الحكومة عن الإمعان في تمييزها وتغيير المعادلات وضمان ميزانيات اكثر لدعم السلطات المحلية العربية؟
يونس: الخطوات التي اتخذناها لم تبدأ اليوم، بل بدأت منذ فترة. في كل المداولات التي كانت مع الحكومة سابقًا وضمن الخطة الاقتصادية 922، أثبتنا وجود اجحاف في التعامل مع سلطاتنا المحلية. حتى في قضية هبات الموازنة وطبيعة توزيعها اثبتنا أن هناك اجحاف ضد المجتمع العربي. ونحن قدرنا هذا الاجحاف بمبلغ يقارب 500-600 مليون شيكل سنويًا، وهذا ما أجبر وزارة الداخلية على تشكيل لجنة للسعي وراء تغيير المعادلة في تقسيم هبات الموازنة ومنح السلطات المحلية العربية ما تستحقه فعلًا. وطبعًا نضالنا في هذا الموضوع اثمر ما حصلناه في خطة 922 الاقتصادية والذي هو أقل القليل مما نستحقه اصلًا. ونحن مستمرون في هذا المسار النضالي حتى تحقيق ما نستحقه. والآن في ظل ما نمر به في ازمة الكورونا نستحق الحصول على تعويض إضافي أكثر بكثير مما أُقرّ لنا ولهذا انطلقنا في نضالنا وأعلنا الاضراب.
"الاتحاد": ما هي الخطوات التي تعزمون على اتخاذها مستقبلا؟
يونس: أرسلنا في البداية عدة رسائل رسمية للجهات المعنية ولم يكن هناك تجاوب ثم قمنا بالاعتصام الاحتجاجي في القدس بالتزامن مع جلسة المالية ولا زلنا نمارس الكثير من الضغوطات من قبل أعضاء كنيست ورؤساء سلطات محلية هناك. وبالإضافة الى ذلك قمنا بإعلان الاضراب الذي يشمل خدمات المجالس المحلية العربية حيث انها قد أغلقت أبوابها ولا تقوم بإعطاء أي خدمات في الوقت الحالي، استثنينا منها التعليم حاليًا. وهناك التماس للمحكمة العليا ضد هذا الاجحاف الواضح. وكل السبل مفتوحة امامنا، نحن لا نزال في بداية النضال واذا لم يكن هناك تجاوب فسنصعد النضال بكل الوسائل المتاحة أمامنا حتى تحقيق مطالبنا والحصول على ما نستحق.
صورة: رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات العربية مضر يونس خلال كلمته في الاعتصام قبل أسبوع