مقابلة خاصة بـ"الاتحاد" مع الرفيقة نبيلة اسبنيولي، مديرة مركز الطفولة:
أزمة الكورونا كشفت الكثير من العورات، لكن يمكننا جعلها فرصة لترتيب بيوتنا
ربّما لم تدع أزمة انتشار فيروس كورونا أي شائبة في هذا العالم الرأسمالي الّا وعرتها، عمقّت أزمات الفئات المسحوقة وقيّدت حركة العالم بشكلٍ غير مسبوق، وزلزلت أساسات أنظمة كانت تتظاهر العظمة. تكشف جزء بسيط من إسقاطات هذه الأزمة ولا يزال الجزء الأعظم مجهولًا، ونحن لا نعلم إلى أي مدى سيصل تأثيرها.
"الاتحاد": تشير المعطيات التي نشرها مركز مساعدة ضحايا العنف الجنسي والجسدي أن التّوجّهاتِ في الأشهرِ الثّلاثةِ الأولى من العام 2020 ازدادت بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي، ممّا يعكس بشكلٍ واضح تأثير الأزمة على العنف ضدّ النّساء. ما هو تحليلك لهذا الارتفاع، وما هي سبل علاجه؟
اسبنيولي: الكورونا والأزمة المرافقة لها كشفت عورات المجتمع والدولة، فكما نشهد، هنالك مشاكل عديدة على سبيل المثال في موضوع الصحة أو الفقر والبطالة وجميعها مشاكل كانت موجودة والأزمة كشفتها اكثر، كذلك في موضوع العنف ضد النساء فالمشكلة قائمة، لكنّها ظهرت على السطح بشكل أكبر، وذلك بسبب الحجر المنزلي وما يرافقه من ضغط وإحباط أوّلا وثانيًا بسبب تعامل الحكومة مع الأزمة حيث اتصف من اليوم الأول بمنهجية عسكرية، حيث تطورت غرف الطوارئ المختلفة بتسميات عسكرية وتفكير عسكري ولذا كان تقصير في التفكير بقضايا مدنية كقضية العنف ضد النساء بينما شاهدنا تعاملًا مختلفًا من الدول المختلفة في العالم حيث طوّروا طرقًا ابداعية لضمان دعم النساء. ففي فرنسا مثلًا يكفي أن تدخل امرأة إلى صيدلية وتطلب نوعًا معينًا من الكمامات حتى يعرف الصيدلي أنّها معنّفة ليستدعي الدعم لها وطرق أخرى مبدعة.
تخيلوا عائلة تعاني من عنف منزلي في الماضي، وتخيلوها في ظل أزمة الكورونا. فالعنف لن يزول بل سيزداد وبقوة لذا نشهد زيادة في العنف ضد النساء في العالم وفي البلاد، المرأة المعنّفة في حجر بيتي مع من يعنفها ٢٤ ساعة.
أما بالنسبة لما العمل؟ فمهم أن تعرف النساء أنّهن لسن وحيدات وبإمكانهن التوجّه لخطوط دعم النساء في الجمعيات النسوية مثل نساء ضد العنف، كيان والسوار وإلى خطوط الدعم المختلفة التي تعمل في ظل الكورونا، وهكذا تحصل على دعم وتوجيه.
كما من المهم ان نأخذ نحن الجيران والأصحاب والأهل مسؤولية ولدى سماعنا أصوات، ألّا نقف مكتوفي الأيدي فالاتصال بالجهات المسؤولة وتبليغها ممكن أن ينقذ حياة امرأة تتعرض لتعنيف.
"الاتحاد": اذا كانت التقارير والأبحاث تشير الى ان نسبة العنف داخل المنزل قد تزايدت بشكلٍ ملحوظ، وسلوك الناس حول العالم قد تغير، بسبب تغيير الروتين والبقاء في المنزل بشكل غير معتاد لفترة طويلة. فكيف أثّر الحجر الصحي على الأطفال وسلوكهم، وما هي النصائح في كيفية التعامل معهم من قبل الأهل؟
اسبنيولي: كما ذكرت سابقًا زيادة التبليغ لا تعني تغييرا بالسلوك دائمًا. ولكن الحجر المنزلي يترافق بضغط وإحباط في ظل التعطيل عن العمل والمدارس وما يرافقها من أزمات مالية وعدم توفير الدعم الكافي للطبقات المهمشة أصلًا، والتي تعاني من الفقر قبل التعطيل عن العمل فما بالكم الآن.
أمّا بالنسبة للأطفال فالحجر يؤثر عليهم أكثر ويسبب لهم الملل وقد يسبب مناوشات فيما بينهم على من سيستخدم الحاسوب أو الهاتف النقال او مناوشات دون سبب نابعة من الضغط وتغيير الروتين المفاجئ. وهم كأطفال بحاجة إلى دعم ويمكن ذلك من خلال تقسيم الوقت بشكل يمكنهم من اللعب، الدراسة والراحة.
هذه فرصة لإعادة ترتيب البيت وتقسيم مساحاته من جديد فرصة للعب المشترك فرصة للعودة إلى الكتب والقصص، على سبيل المثال، تنظيم حفلة ليلية مع فعاليات مختلفة خاصة اليوم في ظل رمضان وتواجد العائلة على الإفطار سوية، إنها فرصة لنجتمع ونسرد قصصا ونعمل زينة للبيت والأفكار لا تنتهي.
"الاتحاد": سياسيا لعب فيروس الكورونا دورا كبيرا على الساحة الاسرائيلية، فقد منح رئيس الحكومة المتهم بالفساد الذريعة لتعزيز عبثه، وأيضًا منح منافسه لما يقارب السنة فرصة رفع علمه الأبيض والانصياع لمصالحه الشخصية. ما هي توقعاتك لحكومة نتنياهو-غانتس، وكيف سيؤثر انكفاء غانتس على الانتخابات القادمة؟
اسبنيولي: الأزمة الكورونية سياسيًا عمقت وستعمق المشاكل السياسية القائمة في ظل نظام رأسمالي نيوليبرالي، والحكومة بتركيبتها الجديدة لا تشكل بديلًا لما كان. لذا فمن المتوقع أن الطبقات المسحوقة ستدفع الثمن غاليًا ولن تلتفت الحكومة وسياساتها للذين سيعانون جراء الأزمة الاقتصادية التي سترافق الكورونا (والتي على ما يبدو ستبقى معنا لفترة طويلة).
من الواضح أنّ الحكومة الجديدة جدًا ستتابع سياسات الاحتلال والضم وإهمال الفئات المستضعفة وستعمق الفجوات القائمة. كما أظهرت المفاوضات أنّ الهم الأساسي لكلّ من نتنياهو وغانتس هي المصالح الشخصية لذا جاءت هذه الحكومة كأكبر حكومة بتاريخ الدولة بتكلفة مضاعفة فمن سيدفع الثمن برأيكم؟ طبعا الأموال من الضرائب التي يدفعها المواطنون.
غانتس لم يمنح فقط رئيس الحكومة الذريعة لتعزيز عبثه بل أصبح شريكًا به، أما بالنسبة للانتخابات القادمة فمن المتوقع ان يفرز الوضع الجديد اصطفافات جديدة ومن المتوقع ان يحدث تغيرات على الخارطة السياسية بما في ذلك القضاء على أحزاب وتحالفات خرقت كل تعهداتها ووعودها لجمهور مصوّتيها.
(زكي شواهنة)