news-details

كسيف لـ"الاتحاد": حكومات اسرائيل تثبت مرارا وتكرارا، انها عدوانية متغطرسة ولا تتعلم من دروس الماضي

20 عاما على قلع الاحتلال الاسرائيلي من جنوب لبنان، بعد احتلال دام 18 عاما مليئات اولا وثانيا وثالثا بالصمود والتحدي والشموخ، مخلفا وراءه عشرات آلاف العائلات الثكلى والكثير الكثير الذين تركت لهم الحرب ندوب ونتوءات في أجسادهم محفورة، لتذكرهم بالانتصار الذي خرج من رحم المعاناة والقهر.

بعد 20 عامًا من دحرهم وانصرافهم وصرفهم للمليارات وتكبدهم للخسائر الجسيمة في الأرواح والعتاد، لم تتعلم حكومات اسرائيل الدرس، ولا تزال تحاول اللعب مع شعب لغى من قاموسه كلمة المستحيل، وتحاول اليوم أن تقدم للعالم شكلًا جديدا من أشكال الاستعمار القذر، بمحاولة ضم مناطق واسعة من الضفة، بدون ان تستخلص العبر من دروس الماضي، والأسوأ في هذه الجولة، أن الأصوات المعارضة قد خفتت وتضاءلت.

 

"الاتحاد" ما رأيك بالادعاءات في اليمين والوسط حتى، بأن الانسحاب من لبنان عجّل الانتفاضة الثانية عام 2000؟

كسيف: يمكن وصف هذه الادعاءات بكلمة واحدة "هراء"، أولًا الانسحاب من لبنان جاء متأخرًا كثيرًا ومنقوصًا، حيث بقيت مزارع شبعا اللبنانية تحت الاحتلال الاسرائيلي حتى يومنا هذا.

بالحديث عن الانتفاضة الثانية، على عكس الاكاذيب التي اطلقتها حكومة الاحتلال حينها، فالسبب اللحظي وقتها كان الاقتحام الاستفزازي للمسجد الأقصى الذي نفذه شارون بحماية قوات جيش الاحتلال.

اما السبب الأساس، فكان تعثر المفاوضات لإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية، لم يكن اي دخل للانسحاب من جنوب لبنان بالانتفاضة الثانية، هذا احتيال.

 

"الاتحاد" ما هي العبرة السياسية والتاريخية من هذه التجربة؟ وهل تعلّم النظام والمجتمع الاسرائيلي من تلك التجربة؟

كسيف: في البداية، يجب التأكيد على أنه لا يمكن حل أي مشكلة أو خلاف من خلال العمليات العسكرية.

العمليات العسكرية، سببت وتسبب الكثير من المعاناة والويلات للشعب الواقع تحت الاحتلال، كما أنها تعود بالضرر على المحتل نفسه.

في عام 82 إسرائيل اجتاحت لبنان، تحت ما سموه حينها "حرب سلام الجليل" أو "حملة سلام الجليل"، في حين ما جرى لم يكن  حملة ولا يمت للسلام بصلة ولم يأتي للدفاع عن الجليل، انما كانت حرب مدروسة جيدًا، بالاساس من قبل السفاحين، رئيس اركان جيش الاحتلال حينها رفائيل إيتان ووزير الحرب شارون، تحت رعاية كاملة من قبل رئيس الوزراء مناحم بيجن.

اجتياحهم هذا كان لأسباب سياسية، بالاساس من اجل تدمير البنى التحتية للقيادة الفلسطينية وذرائع أخرى.

هذا الاجتياح ادى للعديد من المجازر منها صبرا وشتيلا، وادى لاحتلال واضطهاد الشعب اللبناني والمخيمات الفلسطينية، وكان لهذا الاجتياح نتائج سلبية على اسرائيل، حيث كانت نتيجته الالف القتلى والجرحى من الجانب الإسرائيلي وسبب الكثير من الضرر لاسرائيل.

بقيت اسرائيل عالقة في جنوب لبنان ما يقارب الـ20 عامًا، حسب تعبيرهم المبتذل "المستنقع اللبناني"، لكن هذا كان اسوأ من مستنقع، في الواقع كان مستنقع من الدم، وهذا بالتأكيد لم يكن هدف الفلسطينيين ولا اللبنانيين ولا حتى الاسرائيليين.

انسحاب اسرائيل من الجنوب اللبناني، جاء متأخرًا كثيرًا، كما يجب التشديد على ان الانسحاب كان محدودًا، طالما لم ترجع مزارع شبعا اللبنانية، لا يمكن القول ان إسرائيل انسحبت من الأراضي اللبنانية.

ويجب التشديد مرة اخرى ان اي خطوة احادية الجانب لا يمكن أن تشكل حلا، وأن الحل الوحيد لإنهاء الصراع، هو الوصول لاتفاقية سلام عادلة يقضي بانسحاب الاحتلال من كل الأراضي المحتلة.

على غرار الاجتياح والانسحاب، الذي جاء من خلال خطوات احادية الجانب، حكومات اسرائيل لم تتعلم الدرس، فهي لا تزال تعمل بنفس الطريقة، حيث تخطط الآن لضم مناطق من الضفة.

أعيد وأؤكد أن الطريق الوحيد للوصول لحل عادل، هي الحوار من أجل الوصول لاتفاق، والطبيعي نتحدث عن اتفاق عادل يقضي بإنهاء احتلال كل الأراضي المحتلة.

لكن حكومات اسرائيل تثبت مرارا وتكرارا، انها عدوانية متغطرسة، و تتصرف كقوة كولونيالية كلاسيكية.

 

"الاتحاد" كونك من أوائل رافضي الخدمة العسكرية أثناء الانتفاضة الأولى، حيث رفضت ان تكون شريكًا في المجازر والجرائم التي ينفذها جيش الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني المنتفضين من أجل العيش الكريم في أرضهم وتحقيق استقلالهم، ما هو تأثير الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان والمجازر البشعة التي نفذها ضد اللاجئين الفلسطينيين واللبنانيين على قرارك حينها؟

كسيف: صحيح، رفضت الخدمة العسكرية أثناء الانتفاضة الاولى، هذا كان في نهاية عام 87، وكانت حينها اسرائيل غارقة في مستنقع الدم في لبنان، هذا أثر علي، كما أثر على من رفضوا الخدمة العسكرية في لبنان في عام 82.

الوحشية الإسرائيلية التي لا تعرف الحدود، أثرت على الاشخاص الطيبين، الذين قالوا: "نحن لسنا مستعدين ان نكون جزء من هذه المهزلة"، وكانت المرة الاولى بتاريخ اسرائيل التي يرفض فيها مئات الشباب الخدمة العسكرية، بالطبيعي هذا اثر علي.

لكن ما اثر علي بالأساس، كان الانتفاضة الأولى، حيث رأيت شعب كامل ينتفض  ضد المحتل والمضطهد، وانا لم أكن مستعد ان اكون جزء من هذا الاضطهاد.

أخبار ذات صلة