اعتبر عصام مخول رئيس معهد إميل توما وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي في مقابلة أجرتها معه "وكالة معًا" الفلسطينية للأنباء، في مقرها في بيت لحم - السبت 2 شباط 2019، أن الانتخابات القريبة للكنيست الاسرائيلي تحمل في أحشائها فرصة حقيقية للتخلص من حكم نتنياهو وفكر الرفض العدواني والاستيطاني العنصري بقيادته، الجاثم على سدة الحكم في اسرائيل وعلى صدر الشعب الفلسطيني منذ سنوات طويلة.
واعتبر أن أي تحرك سياسي تفكيكي انفصالي على ساحة الجماهير العربية والقوى الديمقراطية اليهودية التقدمية من شأنه أن يعيق استنفاذ هذه الفرصة، وسوف يحمّل أصحابه مسؤولية خطيرة ومدانة على المستوى الوطني والديمقراطي والتقدمي سواء بسواء. وأضاف: من المشروع ان يقوم أي طرف من أطراف المشتركة بالمناورة لتحسين مواقعه ووزنه في إطار القائمة المشتركة، ولكن اذا كان هناك من يحمل مشروعا لتفكيك المشتركة، وأتمنى ألا يكون ذلك هو الحال، فإن قراءة المشهد والنوايا السياسية ستكون مختلفة.
انتخابات الكنيست ليست بمعزل عن المشاريع الاقليمية
وشدد مخول، على أن الانتخابات الإسرائيلية ليست شأنًا محليًا فقط، ولا تجري بمعزل عما يدور في منطقة الشرق الاوسط والعالم من أحداث واصطفافات ومن مشاريع إمبريالية وصهيونية ورجعية عربية، وحذر مخول من مشاريع الرجعية العربية للتطبيع مع اسرائيل ومشاريع تفكيك القضية الفلسطينية وتفتيت عناصرها من خلال إقامة دولة بديلة وجهتها نحو الجنوب في قطاع غزة وأجزاء من سيناء على مقاس المصالح الامبريالية والاسرائيلية وحاجات الهيمنة الامريكية في المنطقة وترك الضفة والقدس العربية ليبتلعها الاستيطان والتهويد، وصولا الى القضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين، عبر الهجمة على الاونروا، والتنكر للحقوق القومية والمدنية للأقلية العربية الفلسطينية المواطنة في اسرائيل في إطار "صفقة القرن" وقانون القومية كجزء عضوي منها.
وأضاف مخول: إن الاصابع الإقليمية الرجعية ذاتها التي تعبث بوحدة الشعب الفلسطيني وتغذي الانقسام بين غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، وتنقل حقائب الدولارات الى غزة تحت رعاية نتنياهو، لن تكون غائبة عن ساحة الجماهير العربية الفلسطينية المواطنة في اسرائيل ولن تسلّم بوحدتها ولو في إطار القائمة المشتركة على محدوديتها. لقد كنت قد تحفظت على الملأ على إقامة القائمة المشتركة قبل أربع سنوات، وأتحفظ بقوة أكبر اليوم على تفكيكها في الظرف القائم، لأن ذلك سيصب في خدمة مشاريع إقليمية رجعية مشبوهة، تتناوب عليها الحركات الوهابية والعثمانية الجديدة والإخوان المسلمون التي تمد أذرعها الملطخة الى ساحتنا.
تعمّق أزمة الحكم في إسرائيل، من عجز المشروع الامريكي في المنطقة
وقال مخول ردا على سؤال "وكالة معًا" إن نتنياهو وكتلة المستوطنين الفاشيين الحاكمة في اسرائيل اليوم والمتحكمة برقاب الشعب الفلسطيني وبأرضه وحقوقه الوطنية والانسانية، تواجه أزمة عميقة بسبب عجزها أولا عن إخضاع الشعب الفلسطيني، ولأنها تواجه تبعات هزيمة المشروع الارهابي الامريكي – الاسرائيلي – والرجعي العربي في سوريا. وهي مأزومة بفعل عجزها عن تحقيق أي من مشاريعها العدوانية الجوهرية محليا وإقليميا، وهي مأزومة بفعل التدهور الفاشي الحاد في اسرائيل وتعامل حكم اليمين الفاشي مع الحريات الديمقراطية داخل اسرائيل على انها عائق يجب ازالته من طريقها، وهي مأزومة بفعل حدة التقطّب الاقتصادي والاجتماعي بين العاملين وأصحاب الاقتصاد الكبير، وهي مأزومة بفعل الفساد المستشري الذي يطبق نهائيا على أنفاس نتنياهو وما يواجهه من لوائح اتهام ناجزة يحاول استغلال الانتخابات للهروب منها.
وأشار مخول الى إن كتلة رأس المال الكبير والمستوطنين الفاشيين بقيادة نتنياهو، تؤمن بوجود فرصة تاريخية قد لا تتكرر في ظل الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة ترامب لإخضاع الشعب الفلسطيني لإملاءات اليمين الاستيطاني الاسرائيلي المتطرف، والقضاء على كل مقومات الدولة الفلسطينية، وتراهن هذه الكتلة على الفرصة التاريخية الحاضرة لإنجاز مشروعها التاريخي، معتمدة على تزامن حكم الرئيس ترامب في واشنطن ومشروع صفقة القرن، مع وجود حكومة المستوطنين ورأس المال الكبير بقيادة نتنياهو في إسرائيل، وتزامن هذان العاملان مع تهافت أنظمة رجعية عربية وإسلامية خليجية وغير خليجية في المنطقة، تتحالف بشكل فظ وسافر مع حكومة اليمين الفاشي الحاكمة في اسرائيل وتطبّع معها، على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية وعلى حساب شعوب المنطقة وقواها الرافضة لمشاريع الهيمنة الامريكية والاسرائيلية، وأن في ذلك فرصتها التاريخية التي قد لا تتكرر للقضاء على القضية الفلسطينية نهائيا وإسقاطها من جدول الاعمال.
وقال: إن هذا يجعل الامتحان الوطني والأخلاقي والسياسي الحقيقي لكل الاصطفافات القائمة والمستجدة على الساحة الاسرائيلية، وخصوصا بين مكونات القائمة المشتركة، هو مدى مساهمتها في توحيد الطاقات (وليس تفكيكها وتفتيتها) لوضع حد لحكم نتنياهو وكتلته الاستيطانية الفاشية.