news-details

المناورة والخيال

الصهيونية شرفها في مكانها محفوظ: الحكومات تقام على قاعدة الخطوط الاساس. لا اعتقد أن القائمة المشتركة سترغب في الجلوس في حكومة تقر حملات عسكرية في غزة، ولكن البذرة التي نبتت في هذه الانتخابات تحمل معها وعدا لنبتة مشتركة وباندماج، في السياسة ومن خارجها

 

بدأ الاسبوع الماضي بشكل سيء جدا على كل من يتمنى انتهاء عهد نتنياهو، وانتهى بميل تحسن. التغيير نفسي في اساسه: خيبة الامل من النتائج في صندوق الاقتراع أخلت مكانها لتشخيص اكثر وعيا بقليل للواقع. فقد فهم ليبرمان وبعده غانتس بان رحلتهم السياسية وصلت الى نقطة اللا عودة. فإذا واصلا السير وراء جدول الاعمال الذي يمليه عليهما نتنياهو فسيجران الى جولة انتخابات رابعة وخامسة وسادسة. 

وفي كل جولة سيتقلصان قليلا الى ان يختفيا. فإما أن يجدا السبيل للعمل مع القائمة المشتركة او أن يعيدا العتاد ويرحلا الى البيت. ليس في الافق حل آخر. هذا هو الوضع صحيح حتى الان: للقائمة العربية يوجد مستقبل بدونهما، اما هما فلا مستقبل لهما بدونها. من كان يتصور. 

اذا كنت افهم على نحو صحيح خطوات غانتس وليبرمان فانهما توصلا الى التوافق، او على الاقل الى التفاهم على هدف استراتيجي مشترك: حكومة تقوم على اساس الليكود بدون نتنياهو، كحول لفان، وربما، في الهوامش، العمل- ميرتس ويمينا ايضا. 

ومن أجل الوصول الى مثل هذه الحكومة عليهما قبل كل شيء ان ينتخبا رئيسا من قبلهما للكنيست، وان يرفعا الى الرئيس ما لا يقل عن 59 نائبا يوصون بغانتس، يجيزا أو لا يجيزا قانونا يمنع نتنياهو من تشكيل حكومة، يجتازا عائق محكمة العدل العليا، يقيما حكومة اقلية بتأييد من الخارج لنحو كل القائمة المشتركة، لاستقرار حكومة اقلية اقاماها وعندها يدعوان بكرامة الليكود الى الداخل. 

لا يوجد ما يقال: مناورة رائعة، معقدة جدا، ملتوية جدا. وهي تحتاج الى ذكاء تلاعبي لا يخجل ليئور سوشرات ومرونة جسدية لا تخجل لينوي أشرم. فهل مناورة كهذه يمكن أن تنجح؟ أنا في شك كبير. 

فما بالك أن العجز الذي تخلفه الحكومة المنصرفة وراءها كبير جدا، والاثار الاقتصادية لازمة الكورونا تهدد بان تكون قاسية، والجيش الاسرائيلي يطلب علاوة ميزانية بالمليارات، والوعود التي قطعت للناخبين مبالغ فيها، والاحزاب التي يفترض أن تقيم الائتلاف وتدعمه لم تختبر ابدا في عمل مشترك، وبعضها معادية الواحد للاخر ومتمزقة في حروب داخلية. نتنياهو هو السبب الوحيد الذي يوحدها. لن يكون سهلا ادارة حياتها المشتركة بغيابه. 

هذا هو النصف الفارغ من الكأس. ومشوق أكثر التصدي للجزء المليء. منذ بداية سنة الانتخابات وانا اتابع التغييرات السياسية في الوسط العربي. كان ممكنا ان نتوقع بان التحريضات للناطقين بلسان كتلة اليمين، وعلى رأسهم نتنياهو، ستؤدي الى تطرف وعزلة في الوسط العربي. 

كان هذا هو هدف التحريض، ولكن حصل العكس: المواطنون العرب صوتوا بجموعهم الى جانب الاندماج، الى جانب المشاركة. الضغط جاء من تحت، وفي احيان قريبة بخلاف ارادة النواب. هذه انعطاف تاريخية. يجب مراجعتها ليس وفقا لما قاله هذا النائب أو ذاك في الماضي، كان بينهم من قال امورا رهيبة، بل وفقا للميل الذي يلوح في الافق للمستقبل. 

التغيير طرأ ايضا في الجمهور اليهودي. قادة كحول لفان ارتكبوا كل الاخطاء المحتملة في موقفهم من الوسط العربي: فقد تخلوا، عمليا، عن الناخبين هناك، تحدثوا باغتراب، بتعالٍ، وبالاساس بجهل، عن عرب اسرائيل وعن ممثليهم. مستشاروهم قالوا لهم انهم هكذا سينجحون في جذب الاصوات من اليمين. 

يجدر بنا ان نذكر بالمنسيات: عندما بادر كحول لفان الى مظاهرة مفتوحة، متعددة الاحزاب، ضد نتنياهو في ميدان المتحف في تل أبيب، نشب جدال في الحزب على مسألة هل أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، سيدعى للخطابة. غانتس حسم الى جانب ذلك، ولكنه يوعز هندل وتسفي هاوزر، من رجال يعلون، قاطعوا الحدث. وكانت المقاطعة غبية وصبيانية. اليوم، عندما يدعو يعلون الى العمل مع المشتركة، يحتج هندل وهاوزر مرة اخرى. في السنة الماضية اكثرا من الظهور.؛ لم يكن لهما وقت للنضوج. 

ان رفض المقترعين العرب ليس امرا جديدا. في الماضي تحدثوا عن "اغلبية يهودية"؛ اما اليوم، لاعتبارات السلامة السياسية، فيتحدثون عن "اغلبية صهيونية". في داخل الاغلبية الصهيونية يدرج الحريديم، الذين كراهية حاخاميهم للصهيونية اكثر تطرفا من كراهية العرب؛ يدرج ايضا الحريديم، الذين لهم صهيونية خاص بهم، وما بعد صهاينة ممن صوتوا العمل – ميرتس. 

بالمناسبة، فان ممثلي كل مناهضي الصهيونية اولئك يفخرون في أن يخطبوا في الكنيست بينما صورة ثيودور هيرتسل معلقة خلف ظهورهم. وهم يعرفون بماذا هم مدينون لعقيدته.

الصهيونية شرفها في مكانها محفوظ: الحكومات تقام على قاعدة الخطوط الاساس. لا اعتقد أن القائمة المشتركة سترغب في الجلوس في حكومة تقر حملات عسكرية في غزة، ولكن البذرة التي نبتت في هذه الانتخابات تحمل معها وعدا لنبتة مشتركة وباندماج، في السياسة ومن خارجها. لا ينبغي ان نستبعد امكانية أن يثني وزير التاريخ في هذا الشأن على نتنياهو- فقد ساهم مساهمة هامة لهذه الانعطافة. 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب