هآرتس- 7/12/2020
ربما تكون جولة كوشنر في دول الخليج استهدفت ايضا تمهيد الارضية المالية له ولترامب قبل مغادرة البيت الأبيض
يوم الجمعة الماضي، بعد يومين على عودة جارد كوشنر، صهر دونالد ترامب، من زيارة في دول الخليج، أعلن وزير الخارجية الكويتي عن اختراق في حل النزاع بين دول الخليج وقطر. زعماء الدول العربية سارعوا الى مباركة هذا التقدم الذي يمكن أن ينهي النزاع الذي اندلع قبل نحو ثلاث سنوات ونصف.
مصر، الشريكة في العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على قطر السعودية والبحرين ودولة اتحاد الامارات، اظهرت الرضى من هذا التقدم، وايضا الاردن والكويت التي هي عرابة المصالحة، وحتى إيران. وإذا كانت المفاوضات السرية ستتمخض عن اتفاق فان ترامب يمكنه أن يسجل لنفسه عملية سياسية اخرى من شأنها ربما أن تضم قطر الى الدول العربية التي تطبع علاقاتها مع اسرائيل.
ولكن هذا النسيم المتفائل يجدر أن نرفقه بملاحظة تحذيرية. الاتفاق على انهاء النزاع لم يوقع بعد، وقطر اوضحت بأنها لن توافق على حل بينها وبين السعودية فقط. فهي تطالب باتفاق يشمل جميع الدول التي فرضت عليها الحصار بحيث يسمح لها بمواصلة ادارة سياسة خارجية مستقلة ولا يمس بسيادتها.
اضافة الى ذلك اوضحت بأن التطبيع مع اسرائيل غير مطروح على جدول الاعمال. وحتى الآن من غير الواضح على ماذا وافقت السعودية، وهل دولة الامارات التي تعارض في هذه الاثناء المصالحة، ستوقع على الاتفاقات. وليس من الواضح ايضا موقف مصر التي بينها وبين قطر توجد حسابات مريرة بسبب دعم قطر للإخوان المسلمين.
قبل فرض العقوبات على قطر وضعت لها الدول المعادية لها 13 شرطا من اجل عدم فرض العقوبات، منها تقليص علاقتها مع إيران واقتصارها على العلاقات التجارية فقط، وازالة القاعدة العسكرية التركية من اراضيها، واغلاق قناة "الجزيرة" ووسائل اعلام اخرى ممولة من قبلها، ووقف تأييدها لتنظيمات ارهابية والامتناع عن التدخل في شؤون دول المنطقة.
قطر رفضت جميع هذه الشروط، وبدلا من الاستسلام والخنوع، ورغم الاضرار الاقتصادية الكبيرة التي لحقت بها، أظهرت قدرة على انشاء بنية تحتية انتاجية محلية توفر احتياجاتها تقريبا بدون قيود، واستمرت في تسويق النفط والغاز والحفاظ على مكانتها كحليفة للولايات المتحدة، التي توجد فيها قاعدتها الاكبر في الشرق الاوسط، واستمرت في التخطيط لاستضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم في العام 2022.
إن النزاع بين قطر ودول الخليج، لا سيما السعودية، ورط ترامب في شبكة علاقات معقدة. فقد كان عليه الحفاظ على علاقة جيدة مع الدولتين دون اظهار تفضيل لأي واحدة منهما. مثلا، امتنع عن التدخل مباشرة في الحرب في ليبيا التي فيها وقفت السعودية ومصر والامارات الى جانب الجنرال الانفصالي خليفة حفتر، امام قوات قطر وتركيا اللتان أيدتا الحكومة المعترف بها.
وحسب موقع "ذي انتر سيبت" فان وزير الخارجية الامريكي السابق ريكس تاليرسون فقد وظيفته، ضمن امور اخرى، بسبب هذا النزاع لأنه حاول ثني السعودية والامارات عن مهاجمة قطر. تاليرسون حتى لم يعرف أن هاتين الدولتين تنويان فرض الحصار على قطر، في حين أن كوشنر عرف ذلك قبل نحو ثلاثة أشهر على فرض الحصار. ترامب امتدح الحصار واتهم قطر بتمويل تنظيمات ارهابية "بأعلى المستويات" في الوقت الذي شكك فيه تاليرسون بمشاركتها في تمويل الارهاب. وامتدح البنتاغون قطر على اسهامها في محاربة الارهاب.
توجد لكوشنر علاقة وثيقة مع ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، وقد اعتاد على أن يجري معه محادثات ليلية وأن يتبادل معه الرسائل في الواتس أب، لكنه ايضا مدين بالشكر لقطر على المساعدة التي قدمتها قبل نحو سنتين، دون أن تعرف كما يبدو، لشركة الاستثمارات خاصته قبل الانتخابات الرئاسية. شركة استثمارات عائلة كوشنر تورطت في مدفوعات على برج "الشارع الخامس 666" في نيويورك واستعانت بصفقة تأجير وقعت عليها مع شركة الاستثمارات الضخمة في روكفيلد، والتي يمتلك فيها صندوق الاستثمارات القطري نحو 9 في المئة.
هل يمكن أن الجولة الاخيرة لكوشنر في دول الخليج لم تستهدف فقط الدفع قدما بحل للنزاع المحلي أو التطبيع بين السعودية واسرائيل، بل تمهيد الارضية المالية له ولعائلة ترامب قبل مغادرته للبيت الابيض؟ محللون كثيرون في امريكا يعتقدون أن ترامب وأبناء عائلته سيرغبون في استثمار علاقاته السياسية مع دول الخليج من اجل الحصول على عقود استثمار في العقارات بمئات ملايين الدولارات.
الحفاظ على علاقات تجارية مع رئيس امريكي، وعد بأنه لا ينوي الانسحاب من الساحة السياسية، هو عملية مطلوبة. هكذا تصرفت السعودية مع الرئيس جورج بوش الأب، وجنت ارباح ذلك مع بوش الابن. الاسابيع الاخيرة التي بقيت لترامب في الحكم من غير المتوقع أن يتمخض عنها ثورات سياسية كبيرة. السعودية قررت أن تؤجل في هذه الاثناء عملية التطبيع والانتظار حتى دخول جو بايدن الى البيت الابيض من اجل محاولة الحصول على شهادة تأهيل وتطهير اسم ابن سلمان مقابل التطبيع مع اسرائيل.
وبنفس المستوى، السعودية يمكنها ايضا أن تطيل المفاوضات مع قطر لبضعة اسابيع وأكثر دون أن يصيبها أي ضرر. ولكن عندما سيعلن بايدن بأنه ينوي "فحص وضع حقوق الانسان في السعودية" والعودة الى الاتفاق النووي مع إيران، فان السعودية تكون بحاجة الى رص الصفوف على الاقل في اوساط دول الخليج من اجل وضع سور واقي ضد السياسة الامريكية الجديدة.
إضافة تعقيب