الحرب الحالية هي حرب طبقية تحاول فيها الطبقة الجديدة ترسيخ مكانتها كطبقة نخبة وأن تشق طريقها إلى مقدمة المنصة، الأمر الذي لم يتسنى لها خلال العشرين سنة من وجودها في الحكم بسبب التشريعات القديمة التي كانت تحول دون ذلك.
في نهاية المطاف هذه حرب طبقات. النضال من اجل الديمقراطية يستخدم كزينة، ذريعة معقولة مبدئية وفكرية. ولكن النضال الحقيقي هو طبقي وثقافي. الحرب تتركز كما يبدو على طبيعة النظام في إسرائيل بين طرفين يقولان بأنهما الديمقراطية الحقيقية. ولكن كلاهما ليس كذلك. من يؤيدون الانقلاب الدستوري يقولون إنه سيقود الى الديمقراطية، التي هي بالنسبة لهم ديكتاتورية الأغلبية (بالطبع هذه ليست ديمقراطية).
من يعارضون يقولون بنفس الحماسة إن الخطة ستدمر الديمقراطية، رغم أن الديمقراطية بصورة مطلقة لا يمكن أن تكون في دولة أبرتهايد. لذلك، لا يوجد ديمقراطيون حقيقيون في المعسكرين. بنيامين نتنياهو الذي هو بالتأكيد يندفع بسبب غضبه من جهاز القضاء، ويحاول النجاة من المحاكمة، وياريف لفين وسمحا روتمان اللذان بالتأكيد هما غير ديمقراطيين، هم أعداء الديمقراطية.
ولكن أيضا من ينظمون الاحتجاج المضحك في أيام السبت القادم، في (مستوطنة) أفرات غير ديمقراطيين. التغيير النظامي هو كارثي ويبشر بالفاشية، ولكن أيضا الحرب المضادة ليست على الديمقراطية في الوقت الذي فيه معظم الذين يشنونها غير ديمقراطيين.
الديمقراطي كان سيحارب من أجل ديمقراطية للجميع في بلاده. معظم ابطال المعارضة الحالية لم يهتموا في أي يوم بوضعية الديمقراطية على بعد مسافة نصف ساعة سفر من بيوتهم. لذلك من الصعب اعتبارهم ديمقراطيون. من يقومون بالانقلاب القضائي بالتأكيد لا يهتمون بالديمقراطية. فبالنسبة لهم هي فقط وسيلة لمحاربة النظام القديم، والمعاقبة والانتقام من طبقات وثقافة تسير اسرائيل على ضوئها منذ اقامتها. الحرب الحالية تتركز على شيء هو أكثر عمقا من النظام؛ على النظام الاجتماعي.
من يعارضون الانقلاب القضائي هم النخبة القديمة. هذا ربما غير سار للسمع، لكن يصعب التنكر لهذا التعريف. الأطباء والمهندسون وعلماء النفس والجنرالات ومن يؤيدون جودة البيئة وعاملو الهايتيك والاقتصاديون والحقوقيون، وبالطبع أهارون براك وإيهود باراك، جميعهم جاءوا من طبقة واضحة تماما في المجتمع الاسرائيلي. قبالتهم تقف النخبة الجديدة التي تحاول شق طريقها بشكل عنيف ووحشي الى مقدمة المنصة، بعد سنوات كثيرة في الحكم فشلت فيها في فعل ذلك. على ذلك تتركز الحرب، على الاعتراف بأنهم نخبة.
هم يريدون فقرة التغلب (في قانون المحكمة العليا) وتشكيلة مختلفة للجنة تعيين القضاة من أجل التقرير من سيكونون القضاة، ومن اجل أن يكونوا مثلهم وعلى شاكلتهم. على الطريق يمكنهم مصادرة أي رقابة قانونية على الحكومة. هذا يعتبر مسا خطيرا بالديمقراطية، لكن هذا أيضا بسبب ما يعتبرونه تشكيلة مشوهة للمحكمة.
لو أن المحامي تسيون أمير كان رئيس المحكمة العليا، لكان من المشكوك فيه أن يضروا بالرقابة الدستورية، أو اذا كانوا سيغيرون تشكيلة لجنة تعيين القضاة. المعارضون لا يريدون تشكيلة اللجنة لنفس السبب. فهم يريدون أن يبقى القضاة على شاكلتهم.
عدد قليل منهم لديهم فكرة هل استر حيوت هي قانونية مهمة وهل هي في الحقيقة أفضل من مرشح كان السياسيون في اليمين سينزلونه بالمظلة. ولكنها من ليس من جماعتنا. من غير المهم أن المحكمة خانت وظيفتها خلال السنين، ولم تراقب السلطات التي نفذت جرائم حرب. في المقابل، لا أحد قام بالتهديد بحرب اهلية أو بالبنادق.
المعركة الطبقية تدار على يد أشخاص هم ايضًا جاءوا من النخبة القديمة. نتنياهو، لفين وروتمان، لم يتربوا في حتسور الجليلية، لكنهم نجحوا في أن يصوروا أنفسهم على أنهم الصوت المخلص والاصيل للطبقات الدنيا. لن تستطيعوا إقناعهم بأنهم على خطأ. محبتهم لنتنياهو هي أمر لا يمكن تغييره بسهولة. سيكون من الأسهل النضال ضد الانقلاب القضائي إذا تقبلنا التيارات العميقة التي تحركه.
نصف سكان إسرائيل يشعرون بأنه مُبعدين. شخص ما نجح في إقناعهم بأن الانقلاب القضائي هو الأمل في تغيير موقعهم هذا ، وأن الكنيست الإسرائيلي الجديدة هو ممثلتهم، ويجب منحها كل القوة، وأن هذه هي الديمقراطية الحقيقية. ليست هناك كذبة أخطر من هذه، لكن طريقة إفشالها تبدأ بفهم دوافعها.
هآرتس- 9/2/2023
إضافة تعقيب