غاب عنا يوم الاثنين الموافق 29 كانون الأول 2022م الرفيق حبيب زريق ابن عيلبون البار وابن حزبه الشيوعي الأصيل، عرفته من خلال مؤتمرات الحزب وأيام الحزب الكفاحيّة الأساسية مثل أول أيار أو أيام الأرض الخالدة ومسيراتها، رفيقا متواضعا يُشارُ له بالبنان دائما، والتقيته في بعض المناسبات في بلدته عيلبون التي أبى إلاّ ان يبقى حارسها حيّا وميِّتا، ولم تتعدى علاقاتنا المجاملات الرسمية ولكن الاحترام الدائم هو ديدنها.
وكنت كلما التقيت شابا رفيقا أو صديقا معلما أو معلمة من عيلبون أسأل عنه وعن صحته، وأصفه لهم أحيانا بكوفيته ولباسه العربي وأنه من مؤسسي حزبنا الشيوعي في عيلبون، وطبعا لم يكن يخفى عليهم الموصوف، وحتّى قبل وفاته بيومين التقيت بأحد الزملاء المعلمين في مدرسة شعب الابتدائية وإحدى الكاتبات ، الاثنان من عيلبون وتداولت معهما أوضاع عيلبون وكالعادة كان الحديث عن أبي زياد الرفيق حبيب، وعلمت منهما أن وضعه الصحيّ صعبا للغاية ، ولكن لم يخطر ببالي وربما ببال من سألتهم أن نفقده بعد أيّام قليلة جدا من لقائنا، ولذا كان فقدانه صعبا جدا عليَّ.
وقد روى رفيقنا عن فترة النكبة وما رافقها من تشرد أبناء شعبنا أيدي عرب، وبقي من تمسك بحبل الوطن وعيا أو بالحس الوطني العميق، وكان ممن بقي بحسه الوطني ووعيه الطبقي والأممي ممن بقوا جذورا عميقة وصلبة في وطنهم مبشرين بحياة لا بد أن تكون رغم أنف الظالمين وعمالة المطبعين الآثمين.
بقي جذرا راسخا وشامخا وشاهدا في عيلبون رغم محاولات تشريدهم عن مسقط رأسهم ، وما كان في عيلبون بعد 30 – 10- 1948م بعد مغادرة جيش الإنقاذ وانسحابه من عيلبون " وبعد المجزرة الهمجية التي ارتكبت هناك إذ قتلت قوات "الهاجاناه" أربعة عشرة مواطنا من عيلبون وثلاثة عشرة من المواطنين الساكنين حول عيلبون وكان أبو زياد ورفاقه يدعون الناس للبقاء والتشبث بالأرض والوطن ، وينجو أبو زياد من براثن الموت بالصدفة، أما في عرعرة وبعد اتفاقية رودس التي عقدت في جزيرة رودس بين ممثلي حكومة بن غوريون وممثلي الملك عبد الله الأول، وممثلي الملك فاروق، سنة 1949، أي بعد قيام إسرائيل الرسمي، سُلِّم المثلث من كفرقاسم جنوبا إلى سالم شمالا ، لأن هذه القرى لم تستسلم وبقيت تقاوم حتى عقدت هذه الاتفاقية، فقام الجيش الإسرائيلي بوضع السكان في " التقي" بجانب المسجد القديم وبدأ يستدعي واحدا واحدا ويطلق الرصاص في الهواء ليخيف من في داخل التقي، هذا إلى جانب من يضعهم في سياج وعليهم الاّ يغادروه وإلاّ أطلق عليهم الرصاص، من هنا نرى أن مدرسة الظلم والتهجير مدرسة واحدة في الجليل والمثلث، ولذا أيضا تآخينا مثلثا وجليلا.
لم أعرف إلاّ بعد وفاته أنه كان معلما لفترة في حياته، وإذا كانت سلطات الحكم العسكري لم تسمح له بالتعليم ومزاولة مهنته الإنسانية، إلا أنه بقي يعلم في سلوكه الشخصي وفي سلوكه الحزبي والسياسي، موزعا للاتحاد جريدة الشعب ومشاركا في وحدة أهالي عيبلون، ومساهما في النضالات الوطنية في بلده وفي البلاد بشكل عام.
لك الجنّة يا رفيقي... وأنت لنا قدوة سلوكا ونضالا ولتكن ذكراك خالدة
(عرعرة – المثلث).
إضافة تعقيب