news-details

وإذا آية سُئلت بأي ذنب قتلت امها تحت الأنقاض| د. شكري عواودة

كم كان مؤثرًا وما زال منظر تلك المولودة "آية السورية" وهي تخرج وحبل السرة يلوح في الهواء البارد. وآثار الكدمات والبرد القاتل يرسم خارطة وطن جريح على جلدها الطري. وأم آية وأهلها يلفظون انفاسهم تحت الركام، تحت "الصفيح المتجمد".

 

قصة آية في شمال غرب سوريا هي قصة شعب جريح ووطن مذبوح، حان الوقت لتضميد جراحه.

 

المأساة الإنسانية، بل الكارثة التي ضربت في العمق شعبين متجاورين، وخاصة الفقراء والمساكين من بينهم، هي قصتنا جميعا من عرب وعجم. قصة الناس الغلابة والأوطان الممزقة والشعوب المقهورة.

 

كم كان مثيرًا للاشمئزاز تباكي العهر الرأسمالي الغربي بعد خمسة أيام على الزلزال، أن يخرجوا الى إعلامهم الموظف ليتباكوا على أوطاننا، بعد أن باتت فرص الانقاذ للأحياء تقارب الصفر او ما دونه.

 

يتباكون على سوريا وتركيا، ونراهم يفرّقون بين دم الضحايا بحجة الأمن.

عن أي أمن يا ترى تتكلمون؟

أمن جيوشكم وعملائكم أم أمن الشعوب!

 

لم تصل الشمال السوري إمدادات ومساعدات حقيقية، قادرة على إحداث التغيير النوعي في أعمال الانقاذ!

تارة يتشدقون بمعارضة سوريا الدولة بفتح المعابر!

أي معابر تلك المفتوحة على الجنوب التركي أصلًا، وتسيطر عليها قوى المعارضة الموالية للأنظمة الغربية والتي تمدها بالسلاح والعتاد؟

لم لا نراكم تهرولون الى هناك كما هرولتم الى اوكرانيا بعتادكم وجندكم وراجمات حقدكم؟

 

أحسنت بعض الدول العربية صنعًا عندما عملت ولو القليل، وهذا كثير بالنسبة لقدراتها؛ كفلسطين الجريحة على موائد حقدكم، وروسيا والصين والجزائر البطلة، الأردن، تونس، الامارات وفنزويلا وإيران وغيرها.

تصل تركيا فرق من ستين دولة بتعداد يصل ستة الالف منقذًا، ولديها حصة الأسد من الاصابات بينما تصل سوريا النزر اليسير من المعونات.

ولو تعاملنا بنسبة القتلى لكان من المفروض أن تتوزع بشكل عادل بنسبة متناسبة مع حجم الدمار.

 

قلوبنا مع اخوتنا في ديار بكر وغازي عنتاب، وكل المناطق المنكوبة في جنوب تركيا، وبنفس الانسانية والتضامن مع أخوة لنا في اللاذقية وحماة وادلب وحلب.

لا فرق بيت دم ودم وبين دين ودين وبين ضحية دون سواها.

فمن يفرّق لا ينتمي للإنسانية بشيء وهو ربيب الغرب اللعين.

ألم يحن الوقت يا شعوب الشرق والأمم المستضعفة أن نتعاون لبناء "حلف للإنسانية" وجيش للإنقاذ، معد بكامل العتاد والمختصين، ونحن قادرون؟

نحن نعيش على فوهة بركان، ومنطقة زلازل حتمية وأخذ الحذر والحيطة مستوجب جدًا لإنقاذ الارواح البريئة، وعدم انتظار فتات المساعدات الغربية لحلف الناتو واشلائه وعملائه.

 

يجب العمل وفورًا على بناء "جيش للسلام" يكون قوامه عشرات الآلاف من الأطباء والمهندسين وعناصر الإنقاذ وكل المختصين والمختصات، من كافة المهن الخدماتية الضرورية للانطلاق وقت الشدة ونحن بدورنا الباقيين هنا بإمكاننا المساهمة بشريا لأجل البشرية.

 

ليس أرقى وأجمل من مساعدة الغير بدون مقابل بدون تفرقة لإنقاذ "آية الشام" وأمها واهلها قبل أن يقضوا نحبهم في باطن الأرض، وأنين بكائهم يقطع القلوب وصوتهم يخفت في النهاية، ويتحولوا الى أرقام تسجل في سجلات الصحة الدولية!

صدق محمود الدرويش حين قال:

"ووحِّد الراياتِ والأممَ الحزينةَ والفصولَ بكُلِّ ما أوتيتَ من شبق الحياةِ بطلقةِ الطلقاتِ باللا شيء وحِّدنا بمعجزةٍ فلسطينيِّةٍ....

كمْ كُنْتَ وحدك يا ابن أُمِّي يا ابنَ أكثر من أبٍ كم كُنْتَ وحدكْ القمحُ مُرُّ في حقول الآخرينْ والماءُ مالحْ والغيم فولاذٌ. وهذا النجمُ جارحْ وعليك أن تحيا وأن تحيا وأن تعطي مقابلَ حبَّةِ الزيتون جِلْدَكْ كَمْ كُنْتَ وحدكْ".

 

تركيا وسوريا شعبًا ودولة في قلوب الامم التي تتوق للحرية وتحب السلام والعدل الالهي على الأرض.

الرحمة للشهداء والوحدة والنصر للشعوب المقهورة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب