تختلف أشكال تعميق الفصل العنصري في إسرائيل، ولكنها تجتمع معًا في كونها لا تتوقف بل تتصاعد بتفاقم موازِ للانحدار في مجمل الثقافة الساسية هنا. وعبارة الفصل العنصري المرتبطة بشكل رديف بالأبرتهايد البغيض سيء الصيت، لا تثير الغضب فقط في صفوف المؤسسة ومعظم الرأي العام الاسرائيلي، بل تضرب أعصابا مكشوفة حساسة تُفقِد أصحابها الرشد السياسي (وغيره حتى!) في بعض الأحيان.
ففي هذه الدولة يحبون التشبه بالديمقراطيات الحديثة وحدها، وهذا على الرغم من أن حشدا كبيرا من ممارسات الدولة الرسمية لا تمتّ بصِلة ولا تربطها أوهى علاقة قرابة بالديمقراطية أصلا.. هناك استحالة ومعضلة في رؤية مَن يمارس الاحتلال ونهب أرض وحرية ومياه وثروات الغير، وهو يستصعب استيعاب أنه بهذا لا يتحول الى لاديمقراطي فحسب، بل الى عدو شرس للديمقراطية أيضًا.. هذا إلاّ اذا كان صاحب هذه الفلسفة السياسية العجيبة يعتقد أنه بالإمكان تطبيق نظام ديمقراطي وآخر عسكري بالتزامن، وهنا سنكون مضطرين لتصحيح جهله (أو لؤمه) والقول: هذا الفصل لنظامين قانونيين لمجموعتين قوميتين، هو هو الابرتهايد..
الآن، هذا الحال المناهض لحقوق الإنسان الفلسطيني في المناطق المحتلة له اشتقاقات ضد المواطن الفلسطيني في الدولة. وهو الدليل على الفكرة الثاقبة بأن الاحتلال كمرض خبيث لا يعرف سوى التفشي. وعلى طرفي الحدود يلاحق (أساسًا وليس حصريًا) الفلسطينيين، بشتى ألوان هوياتهم!
ويجب التوضيح بأن من أشكال تعميق الأبرتهايد ليس الاستهداف المباشر لحقوق الفلسطيني فقط، بل التمييز ضده بالنتيجة، أي ذلك النابع من تقديم امتيازات لليهودي. وهو ما ينطبق بدقة على مشروع قانون جديد ينص على إعطاء أفضليّة للجنود المسرّحين ولخادمي الجيش في مناقصات سلك خدمات الدولة، ويقضي بأن تكون الخدمة العسكرية أحد اهم المؤهلات التي يتم بناءً عليها قبول المتقدمين للوظائف المختلفة في السلك العام.
الادعاء السائد هو أن مَن يخدم في الجيش يحق له مردودًا أكبر ممن لا يخدم. لكن الدولة هي من أعفى الفلسطينيين (عدا الدروز) من هذه الخدمة. هذه حقيقة. وهكذا فإن هذا الادعاء يسقط أوتوماتيكيا. ليبقى استخدام الخدمة العسكرية كامتياز، وسيلة علنية وواضحة لتعميق التمييز الذي يعمق الأبرتهايد في دولة اسرائيل. وكلما تعمق الأبرتهايد سيقترب بالضرورة من السقوط.. هذه عبرة التاريخ!
أخيرًا: لا للتمييز باسم الخدمة العسكرية ولا وألف لا للخدمة الإجبارية!