في مقال نشرته صحيفة لوموند الفرنسية تحت عنوان "منطق التصفية العنصرية في غزة" تساءلت الكاتبة دومينيك إدة، ماذا ينتظر الإسرائيليون في نهاية هذا القصف الذي يقومون به لغزة؟ مؤكدة أن طريق العنف لن يفيد إسرائيل وحليفتها إلا مزيدا من الغضب الشعبي.
وتساءلت الكاتبة الفرنسية اللبنانية هل المطلوب تأمين إسرائيل؟ هل هو إفناء حماس؟ مؤكدة أنه في جميع الأحوال لم يحقق هذا النوع من القصف أي هدف عبر التاريخ.
وضربت الكاتبة أمثلة بعملية "عناقيد الغضب" ومجزرة قانا اللتين قوتا حزب الله بدل أن تقضيا عليه، حتى اضطر الجيش الإسرائيلي إلى الانسحاب تحت ضغطه، وأضافت عملية السور الواقي في جنين وغيرها من العمليات التي يسقط خلالها كثير من القتلى.
وأشارت الكاتبة إلى تصفيات قادة حماس التي يعترف بها الإسرائيليون ويتباهون بها، مذكرة بما أعقب ذلك من نجاح حماس في الانتخابات الفلسطينية.
ثم عادت الكاتبة مرة أخرى لتسأل ماذا جنت حماس أيضا من رفضها الاعتراف بإسرائيل، الذي اعتبرته الكاتبة ورقة لو استغلت سيكون مردودها أهم للفلسطينيين، كما تساءلت لماذا تتمادى حماس في إطلاق صواريخ تجلب عليها وعلى شعبها وابلا من النار؟ رغم اعتراف بما لحق حماس من ظلم بعد فوزها.
ثم تحولت إدة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لتسأله ماذا قدم لشعبه مقابل كل الخضوع لأميركا وإسرائيل، ومقابل التنازلات المتتالية، والمصافحات التي لا تنتهي؟ هل حصل على شيء سوى البقاء في كرسيه؟
وقالت الكاتبة إن عباس لم يميز بين الانفتاح والاستسلام، وأضافت أنه قد مزق وحدة شعبه، وذكرته بأن الفساد الذي جعل حزبه يسقط في الانتخابات ما زال قائما ولم يعاقب عليه أحد.
وذكرت الفلسطينيين بأن شخصا يحمل قضية بعدالة قضيتهم ونبلها، ينبغي أن يتفاوض مع الإسرائيليين عالي الرأس مفاوضات الند للند.
وتحولت إدة إلى الولايات المتحدة لتسألها هي الأخرى ماذا تجني من دعمها السياسي غير المشروط لإسرائيل؟ وما هو حصاد السياسة الأميركية الإسرائيلية في السنوات الأربعين الماضية؟ هل يعزز هذا الحصاد خيار أميركا؟
وخلصت الكاتبة إلى أن الخطوط العريضة لهذه السياسة تبدو خطيرة وأولها البحث عن الهيمنة عن طريق القوة التي أدت إلى احتلال العراق والحرب على الضفة الغربية وقطاع غزة والحرب على لبنان، فلم تصل إلى نتيجة.
وثانيها خيار التحكم في الشعوب عن طريق تقسيمها، كما يحدث من تقطيع لأوصال الأراضي الفلسطينية، حتى إن إسرائيل لتفكر في طرد غير اليهود من أراضيها.
أما ثالثها فهي خلق ما لا نهاية له من الإستراتيجيات والتحايل للتهرب من استحقاقات القانون الدولي، مثل اتفاقية أوسلو.
وما نشهده الآن- كما تقول الكاتبة- هو النتيجة الحتمية لما يقوم به هذا الحلف من تعمد التعامل مع العرب بازدراء، ورفض التفاوض مع من لا يقبلون بالهيمنة، وبالتنازل تلو التنازل، والنتيجة الطبيعية لقضم الأراضي.
كل ذلك لا يجلب إلا غضب المستضعفين ونقمتهم، وهو ما يحول حامل الحجر عام 1987 إلى قنبلة بشرية اليوم.
وختمت الكاتبة بالتساؤل لماذا لا تسأل الولايات المتحدة نفسها هذا السؤال البسيط، "إذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة متحدتين لم تستطيعا حتى الآن تأمين مستقبل لإسرائيل أفلا يعني ذلك أن الطريق الذي يتبعانه خطأ؟".