news

ألعرب العاربة والعرب المستعربة!!...

هل يدخل شافيز وموراليس وأردوغان وغيرهم من زعماء العالم في عداد العرب المستعربة، ومعهم  الجماهير العربية وغير العربية في كل مكان، الغاضبة على ما فعلته إسرائيل في غزة،  وينتصرون  للعرب العاربة؟!... بينما الزعماء العرب لا ينتصرون لأنفسهم!!...
الرؤساء العرب العجزة، المشلولون والمقعدون، عجزوا عن عقد مؤتمر قمة هزيل كغيره من القمم "الهابطة"!!... أسابيع ثلاثة بأيامها ولياليها الطوال وأطفال غزة يذبحون أمام أعينهم ذبح الخراف ودبابات "الغزاة الجدد" تمزق أجسادهم الغضة ومع ذلك لم يحركوا ساكنا...  وهم يعلمون جيدا أنه في كل يوم إضافي يمر كانت تزهق المزيد من أرواح أطفال غزة والحبل على الجرار... ولكنهم مع ذلك آثروا الاستمرار في خلافاتهم وانقساماتهم بإصرار عجيب...
اثنان وعشرون يوما بكاملها قامت إسرائيل خلالها بشن عدوانها الهمجي الآثم على شعب غزة، ولا من يوقفها،  وقتلت من قتلت من السكان الأبرياء من أطفال ونساء ودمرت ما دمرت من بنية وأبنية ومنشآت وأنهت مهمتها الإجرامية ثم عادت من حيث أتت، والزعماء العرب ظهروا غير قادرين على الاجتماع!!... الى ان  اجتمعوا اخيرا!!...
النظام العربي الرسمي عاجز وغير قادر على الحركة... غير قادر حتى على عقد اجتماع، فاشل سلفا، "لنصرة" الشعب الفلسطيني الذبيح ولو بالكلام، وهذا أضعف الإيمان!!... لم يجرؤوا على التهديد ولا الوعيد ولو من بعيد وان كان هذا التهديد خاليا من الرصيد كتهديد الفرزدق!!... وإزاء هذا الموقف العربي "المخزي"، على حد اعتراف عمرو موسى نفسه، لا يسع المرء إلاّ أن يقف مذهولا ومندهشا...
إن ما نراه اليوم من مشاهد إجرامية بشعة تقشعر لهولها الأبدان ومواقف عربية متخاذلة لوقف هذا العدوان، ولربما متواطئة معه إلى حد يندى له الجبين خجلا، والقادة العرب ما انفكوا يتخاصمون فيما بينهم وينقسمون إلى عربين ولربما إلى ثلاثة وأكثر ويتركون لحم إخوانهم ملقى على الطريق تنهشه وحوش البر!!... والفلسطينيون يصرخون ويستغيثون "كالمستجير من الرمضاء بالنار" وما من مجير!!... "لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي"... لقد فقدوا الشعور وتبلد الإحساس ومات منهم الضمير "ولم يعد لجرح بميت إيلام"!!...
وعلى مدار ستين عاما ولربما أكثر والعرب يجتمعون ويقررون ثم يعودون ويجتمعون وتبقى قراراتهم الفارغة الجوفاء حبرا على ورق... ويصدرون البيانات الإنشائية يحشونها تبنا وقشا ثم يجترون ما يكتبون... وفي كل مرة كان العرب يجتمعون ويقررون ما (يشاؤون!!) كانت إسرائيل تفعل ما تشاء!!... لقد ضاعت فلسطين وضاعت القضية والقادة العرب ما زالوا يعقدون الاجتماعات والمؤتمرات!!...
كانوا يلوحون بقبضاتهم في الهواء ويهددون ويتوعدون بالويل والثبور وعظائم الأمور ويرغون ويزبدون... وإذا بهم بعد هذا كله يذهبون إلى مجلس الأمن يستجدون ويستعطفون الغرب، علّه يمنحهم هدنة يلتقطون بها أنفاسهم وقد تعبوا من شدة الصراخ!!... وفي كل مرة كان الغرب يخذلهم ويماطل في استصدار قرار  بوقف إطلاق النار، لتستمر إسرائيل في ضربهم ولتمكينها من هزيمتهم واخضاعهم!!...
وأمام هذا العجز المزري والفاضح يفقد العرب قيمتهم ووزنهم النوعي رغم ما يملكونه من نفط
غزير ومال وفير وخيرات لا تعد ولا تحصى ولا يقيم لهم أحد في هذا العالم لا قيمة ولا وزنا... "إذا حمل النضار على نياق  فأي الفخر يحسب للنياق"؟!...
ويصبح العالم العربي في هذه الحالة مجموعة بائسة من أنظمة عربية صدئة مهترئة متخلفة جاهلة ضحكت من جهلها الأمم!!... "والجهل داء قد تقادم عهده في العالمين ولا يزال عضالا"...
إن كانت هذه الدماء الزكية وهذه المجازر الوحشية، التي لم يسبق لها مثيل، لا تحركهم فماذا يحركهم إذًا؟!... "أصخرة "هم" ما "لهم" لا تحركهم  هذي "المجازر" ولا تلك ألأغاريد"...
عشرون يوما ونيف وهم عبثا يزحفون على بطونهم للتوصل إلى اتفاق لعقد مؤتمر قمة هزيل فإذا بهم كما في كل مرة يتوافدون "من كل فج عميق" وبدل "أن يدخلوا في دين الله أفواجا" فإذا بهم يهبطون من قاع عميق إلى قاع أعمق...
يهمهمون بكلام غير مفهوم وبلغة لا يفهمها العالم ولا يعرف ماذا يريدون... ويتململون وهم يراوحون في أماكنهم، لا يقوون على النهوض عن كراسيهم المشدودين إليها كالعبيد بأغلال من حديد... وقد اخرست ألسنتهم فلم نعد نسمع لهم صوتا ولم نعد نسمع لهم كلمة احتجاج واحدة ولو همسا لا في السر ولا في العلن بينما بحت حناجر شعوبهم من الصراخ والتنديد...
وتستمر إسرائيل في عدوانها الغاشم على غزة هاشم وفي حصارها الجائر غير آبهة لهم ولا لغيرهم ولم تعمل لوجودهم، مجتمعين، أي حساب ويزداد حصاد الموت يوما يعد يوم... وفي كل يوم يتأخر فيه العرب العجزة، المتأخرون أصلا، عن فعل شيء، أي شيء، لإنقاذ أطفال غزة، كان عدد الضحايا البريئة في ازدياد مستمر لتروي بدمائها  تراب فلسطين...
آلاف القتلى وآلاف الجرحى قد سقطوا على مذابحك يا غزة ومئات الأطفال الأبرياء زهقت أرواحهم الطاهرة قرابين لرب الحرب!!... والرؤساء العرب ما زالوا يترددون في تنقلهم ما بين قطر والكويت عاجزين عن قطع هذه المسافة القريبة التي  تفصل بينهما!!...
يا سبحان لله!! وكأنهم إذا ما اتفقوا، لا سمح الله، على عقد قمة "إضافية!!" ولو صورية وشكلية خالية من كل مضمون، كأنهم سوف يستعيدون "راس كليب"!!... وكأنهم سيفعلون شيئا ما وكأنهم فعلوا شيئا من ذي قبل!!... وكما في كل مرة سيتخاصمون وينقسمون إلى معسكرات من المتطرفين والمعتدلين والمتخاذلين ويتهمون بعضهم بعضا وينحون باللائمة على بعضهم البعض!!... ثم ينفضون ويذهب كل إلى حال سبيله... هكذا فعلوا أيام العدوان على لبنان عام 2006 وهكذا فعلوا اليوم أثناء حرب "تدمير" غزة 2009!!...
وبعد أكثر من أربعين عاما من النضال "العنيد والشديد!!" وتحديدا في عام 1990 ذهبوا جميعا إلى مدريد وألقوا السلام على "أعدائهم" وبادروهم بالتحية والإكرام وقدموا لهم آيات الولاء والاحترام... ومنحوهم الأمان وعقدوا العزم على الاستسلام... وذهبوا إلى أوسلو بعد ذلك بثلاث سنوات ووقعوا الاتفاقيات وتبادلوا القبلات وطارحوهم الغرام... وحملت العشيقة، بصورة غير شرعية، بالمزيد من المستوطنات وأوقعتهم في شباكها وحبالها فأقامت عليهم الحواجز والجدران وأغلقت في وجههم المعابر والطرقات وأحكمت عليهم الحصار خوفا عليهم من أن يهربوا لتقتل منهم من بقي على قيد الحياة!!... 
رحم الله خطة "اللا طريق" واللجنة الرباعية ومؤتمر "أنابوليس" التعيس ورحم الله معه عام 2008 (عام بوش للسلام!!) ورحم الله خطة السلام العربية، المرفوضة علنا وسلفا والملفوظة لفظ النواة، ورحم الله من أصدرها وشمل الله بواسع رحمته كل المؤتمرات وكل القرارات وكل الاجتماعات منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا بما فيهم مؤتمر الدوحة الأخير، غير المكتمل النصاب، ومؤتمر الكويت "الأبتر" الذي خرج بدون بيان ختامي "وبدون ذيل يا أزعر"!!...
وكلمة أخيرة إلى الإخوة الفلسطينيين في كل مكان... ماذا تنتظرون من الدول العربية  بعد كل هذا الشقاق والنفاق وقد وضعتم قضيتكم بين أيديهم وماذا تتوقعون بعد كل ما حدث؟!... هل تنتظرون حتى تضيع فلسطين بأسرها وقد ضاع معظمها ولم يبق منها إلاّ القليل وهو في طريقه، مع الأسف الشديد، إلى الضياع عما قريب!!... هل تنتظرون حتى يأتيكم الترياق من العراق؟!... ربما كان من الأفضل أن تضعوا قضيتكم في أيدي تركيا وفنزويلا وغيرها من الدول الصديقة!!...
متى تنسون خلافاتكم وانقساماتكم وتشرذمكم؟!...  متى تعتمدون على أنفسكم أيها الفلسطينيون كباقي شعوب الأرض التي تحررت بقوى شعوبها الذاتية من ربقة الكولونيالية والاستعمار وبعضها قد تحرر بعد مئات السنين من الاحتلال والاستعباد كجنوب إفريقيا مثلا؟!... وهذه هي شعوب القارة السوداء قد تحررت إلا  أنتم!!...
متى توحدون صفوفكم وتشكلون قيادة وطنية واعية موحدة لإدارة هذا الصراع الرهيب؟!... خاصة وان الخيارات والوسائل المتاحة أمامكم لمقاومة الاحتلال عديدة ومتعددة والبدائل كثيرة  والطاقات التي تملكونها لتحرير بلادكم من هذا الاحتلال الطويل هائلة... إنكم تملكون قوة الصمود وعزيمة البقاء وإرادة الحياة، وهي أقوى وأبقى من كل احتلال، وسط دعم معنوي وأخلاقي من أوساط عالمية واسعة...
متى تأخذون زمام المبادرة بأيديكم وقد كان يجب أن تفعلوا ذلك منذ البداية ومنذ زمن بعيد لأنكم أصحاب قضية عادلة وأنتم أولى من غيركم في الدفاع عنها، ومن الخير لكم، عملا بالقاعدة الحكيمة، أن تفعلوا ذلك الآن، وان تأخرتم، من أن لا تفعلوا بالمرة!!...

 

(شفاعمرو)