الوثيقة الملفوفة بالسرية التي كشفها الصحفي غدي فايس في "هآرتس" أمس، ومفادها نفي "الشاباك" الحاسم لإمكانية "العملية الارهابية" عن المربي الشهيد يعقوب أبو القيعان، تكشف بمضمونها طبقات عدة من الفساد العميق: فساد القرارات التي تحركها العنصرية، فساد حيازة قوة السلطة دون كوابح ولا معايير، وفساد الاستهتار بحياة الانسان وقيمتها وعدم التردد في تشويه سمعته بحقارة (بلطخة "داعش") بعد رحيله..
الشهيد المربي يعقوب إبن قرية ام الحيران المهددة بالتهجير المجرم، كان في طريقه لمغادرة قريته حين هاجمتها القوات البوليسية وجرافات التدمير الرسمية، فجاءت سياسة\عقلية\نزعة الضغط التلقائي على الزناد حين يكون على المهداف عربي، لتقتله. هنا سارعت الشرطة، ممثلة بقائدها روني الشيخ والوزير المسؤول عنها غلعاد أردان، لاتهام الضحية بمهاجمة الشرطة، من خلال دمغه بالإرهاب والانتماء لداعش!
لكن الوثيقة التي صاغها مسؤول في جهاز الشاباك، وفقا للصحيفة، تنفي تماما تلك الاتهامات عن المربي يعقوب وتؤكد أن المسؤول عما حدث هو الشرطة وقيام عنصر فيها بفتح النار على الضحية دون مبرر، وتعريف هذا السلوك البوليسي كإخفاق ذريع! أما الأخطر فهو تجاهل المدعي العام شاي نيتسان هذه الوثيقة الواضحة، وترك الأمور مفتوحة مبقيا احتمالا لتحميل الضحية مسؤولية قتلها برصاص الشرطة وكأنه جاء دفاعا عن النفس..
لا توجد أوصاف كثيرة لهذا الفعل بل سلسلة الأفعال التي ضلع فيها وزير وقائد شرطة ومسؤول في جهاز القضاء، إلا الحقارة والعنصرية والفساد. فنحن هنا أمام تزييف وتشويه وتلفيق، وتلاعب بمعطيات وحقائق وحتى مواقف لا يتم تجاهلها عادة لأن مصدرها الشاباك... لكنها هنا تُرمى جانبا لأنها جاءت في غير ما تريده أذرع سلطة متنفذة، ولأنها تبرئ ساحة مواطن عربي وتدين الشرطة.
في كل دولة تستحق تعريفها، يجب فتح تحقيق رسمي في هذه الفضيحة ومحاكمة ومعاقبة كل من استغل سلطته لتشويه التحقيق ومستخلصاته والاجراء القضائي برمّته؛ ويجب أن تكون أولى الخطوات إبعاد الضالعين فيها عن مراكز القوة ريثما تتضح حقيقة ما حدث من تلفيق!