news-details

الحصار | رياض خطيب

غرفة بحرية في منزل جريس أفندي (واسعة) تستطيع أن ترى من خلالها مياه بحر عكا المتلألئ..

زوجة جريس تقوم بوضع الزهور في زوايا البيت وهي تنظّف القناديل الملونة. والأولاد الثلاثة يجلسون على الأريكة يتحدّثون فيما بينهم. تُسمع أصوات وقع حوافر حصان. يظهر جريس من داخل البيت.

جريس: لا بد أنّ الشيخ ظاهر قد وصل..

[يفتح الباب يهمّ بالخروج، يدخل الشيخ ظاهر وهو يحمل هدية يضعها على الأريكة يلقي التحيّة على الزوجة والأولاد، يجلس على الأريكة متأملًا البيت الصغير الجميل المضاء بقناديل مميزة لا تضاء إلا في المناسبات السعيدة. حالة من الارتباك تبدو على زوجة جريس، وهي تتحرك من داخل البيت إلى حيث يجلسون، تنظّف القناديل وترتّب الزهور..]

ظاهر (موجهًا كلامه  إلى الزوجة): على مهلك يا أختي.!! لِمَ أنتِ مستعجلة إلى هذا الحد...!؟

الزوجة (بخجل وتصميم): كيف لا استعجل يا شيخ والحرب على أبوابنا.!؟

ظاهر (بهدوء وتصميم): انسي الحرب قليلًا، ولا تدعيهم ينتصرون علينا بسرقة هذه اللحظة الجميلة..

[تخرج الزوجة وهي تعود بسرعة وهي تحمل ستة كؤوس من شراب الليمون ناولت ظاهر إحداها، وأعطت لكل واحد من الأولاد كأسًا، وانتزعت  خاتم عرسها، أرادت أن تضعه بالكأس الخامسة، فأوقفها ظاهر بحركة من يديه].

ظاهر: أنتما لا تضعان خواتم بكأس ليمون أليس كذلك؟

الزوجة (بتردد): ولكن... لا يجوز ذلك بحضورك يا شيخ...!

ظاهر: الذي لا يجوز هو أن يكون حضوري سببًا في إفساد طقسكم الجميل الذي أعرف بأنّ أزواجًا يقيمونه بمثل هذه الذكرى!!

[خرجت زوجة جريس بتثاقل، وطال غيابها هذه المرة. وشرب ظاهر والأولاد من الليمون، ودخلت الزوجة وهي تحمل كأسًا في قعرها القليل من النبيذ وضعته أمامها وخلعت خاتمها ومسحته بقطعة قماش مبلّلة ووضعته في الكأس، وفعل جريس نفس الشيء]

جريس (وهو يرفع الكأس): ليغمر الرب حياتكم بالمحبة كما غمر حياتي وحياة أمّكم وعهدنا المقدس بأن نحبّ بعضنا البعض ونرعى ونخلص لبعضنا البعض [يشرب جرعة من الكأس ثم يمدّها إلى زوجته لكي تشرب جرعة، ثم امتدّت يد الأولاد وظاهر إلى كؤوس الليمون... تُطفأ الإضاءة تدريجيًا، ومن ثمّ ينهض ظاهر وجريس باتجاه الأسوار لاستنشاق هواء البحر]..

جريس: كأنّي أحس بأنّني أصبحت أقوى يا شيخ، وعلى استعداد أن أموت من أجل حماية لحظة كهذه..

ظاهر (يربت على كتفه): بل ستعيش كثيرًا من أجل لحظة كهذه...!

تُخفض الإضاءة تدريجيًا مع ارتفاع أصوات أمواج البحر.... (مستوحى من رواية قناديل ملك الجليل للكاتب إبراهيم نصرالله).

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب