يوجد لمن يعارضون محو القومية الفلسطينية ومن يعارضون خطة ترامب فرصة لترجمة معارضتهم الى قوة سياسية من خلال التصويت للقائمة المشتركة لأنها القوة الوحيدة التي تعلن تأييدها لمبدأ المساواة وتعارض العنصرية والاحتلال والابرتهايد
في الصفحات الاولى من وثيقة "خطة سطو القرن" لترامب يبحر كاتبو الوثيقة بقارب السلام الإسرائيلي- الفلسطيني نحو عهد ما بعد السيادة: "السيادة هي مفهوم غير متبلور مر بتطورات خلال الزمن"، كتب "بترجمة حرة". "مع زيادة التبعية المتبادلة بين القوميات، فإن كل قومية تختار أن يكون لها علاقات متبادلة مع قوميات اخرى عن طريق عقد الاتفاقات التي تحدد المعايير الاساسية لكل قومية.
والفكرة التي تقول إن السيادة هي مفهوم ثابت ومعرف بصورة غير مباشرة، كانت حجر زاوية زائد في المفاوضات السابقة (بين اسرائيل والفلسطينيين). والاهم من ذلك هو المصالح البراغماتية والعملية التي تجلب الأمن والازدهار".
والهدف من تكديس عصي ما بعد الحداثة واضح وشفاف. فمن جهة، اذا كانت السيادة هي مفهوم غير متبلور ومرن وديناميكي فانه في حالات معينة يمكن طيها الى ابعاد مقلصة لا يوجد لها مضمون. وهذه، على سبيل المثال، ستكون من نصيب الشعب الفلسطيني.
ولأنه كان من سوء حظه وجد نفسه في البلاد الموعودة لغيره عن طريق اله الافنغلستيين، يجب عليه التسليم بأن "المعايير الجوهرية" بالنسبة له في هذه البلاد لا يمكن أن تشمل التحكم الكامل بمصيره. وفي نفس الوقت، بفضل هذه الطبيعة غير المتبلورة والديناميكية لمفهوم السيادة، في حالات اخرى يمكن ايضا مد السيادة الى درجة غير نهائية مثلما هي الحال بالنسبة لشعب التوراة في بلاد التوراة.
هكذا، بمشاهدة بعض البقع الخضراء عديمة الشكل التي تنتشر هنا وهناك في خريطة دولة اسرائيل الكاملة لنتنياهو وترامب، البقع التي تسمى بلغة حلمهم "السلام والازدهار"، "دولة فلسطين"، فانه من الواضح أن حجم السيادة لمجال الموشاف الفلسطيني هذا في الدولة اليهودية لن يكون أكبر من الذي حظي بها قبل 150 سنة سكان الموشاف اليهودي في الدولة الروسية.
"دولة فلسطين هذه ستبقى مخنوقة من كل اتجاه من قبل الكتل الاستيطانية التي كان تصميم اسرائيل على بقائها من خلال منع التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية العتيدة أحد اسباب فشل محادثات السلام السابقة. واذا لم يكن هذا كافيا، فهي ايضا ستضطر الى تحمل المستوطنات المعزولة في اراضيها والتي حمايتها وترسيخها سيكون مرتبطا بوجود دائم للجيش الاسرائيلي حولها. والخضوع المطلق للفلسطينيين للسيطرة العسكرية الاسرائيلية.
ولكن رغم صرخات الفرح والخلاص لليمين البيبي والغانتس- لبيدي فانه مع تجسيد حلم ترامب – نتنياهو للتدمير النهائي للوجود الوطني الفلسطيني، ليس فقط "دولة فلسطين"، بل ايضا دولة اسرائيل يمكن أن تتحول على المدى البعيد الى دولة غير قابلة للحياة. مع ربط حبل السيادة الاسرائيلي حول عنق الشعب الفلسطيني في اعقاب ضم اراضيه، سيكون استمرار سيادة اسرائيل بين النهر والبحر مرتبط بالضرورة باستمرار معاناة واهانة الفلسطينيين. والدولة التي مستقبلها السيادي يعتمد على تقوية سلاسل الاستعباد لشعب آخر لا يوجد لها مستقبل.
ورغم الجهود الاعلامية اليائسة لاسرائيل من اجل شيطنة النضال ضد الاحتلال والاستيطان من خلال عرضه كتعبير عن اللاسامية، إلا أنه مع التخليد الرسمي والنهائي لالغاء سيادة الفلسطينيين، وهذا هو معنى خطة ترامب، لا يوجد أي شيء سيمنع تحويل المسألة الفلسطينية الى رمز للصراع العالمي بين من يؤيدون المساواة والحرية الذين سيرفعون راية تحرير الشعب الفلسطيني، وبين الاتحاد الدولي للعنصريين في الدول الذين سيقفون الى جانب المحتل الاسرائيلي.
إن فرص اسرائيل وحلفائها للانتصار في هذا الصراع تساوي تقريبا احتمالات النبلاء ورجال الدين في فرنسا في عهد الثورة الفرنسية من اجل التغلب على رجال الطبقة الثالثة.
ولكن كي تتحول معركة عالمية من هذا النوع على القضية الفلسطينية من حلم طوباوي الى واقع، يجب على من يعارضون الاستيطان والابرتهايد في اسرائيل وفي فلسطين عدم الجلوس مكتوفي الايدي. أولا، اذا وعندما تجددت جهود الضم في المجال التشريعي، وهي الجهود التي تم صدها بشكل مؤقت من خلال جهود البلاط لترامب – يجب على من يعارضون الضم، الاسرائيليين والفلسطينيين، البدء بعصيان مدني منظم ومنسق جيدا ضد سلطة التكنوقراط اليهودي في اراضي الاحتلال.
ثانيا، حتى قبل حدوث ذلك، يوجد لمواطني اسرائيل الذين يعارضون خطة نتنياهو – ترامب ما يفعلونه. في أيدي من يعارضون محو القومية الفلسطينية ودحرجة دولتهم الى هاوية نزع الشرعية الاخلاقية، توجد امكانية لترجمة معارضتهم هذه الى قوة سياسية في الكنيست. فهم يمكنهم التصويت في الانتخابات القادمة للقائمة المشتركة، الحزب الاسرائيلي الوحيد الذي يقف الآن بوضوح وثبات من وراء مبادئ المساواة المدنية والقومية بين النهر والبحر، وضد العنصرية والاحتلال والابرتهايد.
إضافة تعقيب