نقلها إلى العربيّة: ولاء هاني حايك - ترجمة خاصّة ل "الاتحاد"
السيناتور بيرني ساندرز عمل على التنظيم والتثقيف وساهم في تحويل فهمنا وقناعاتنا بما يمكن تحقيقه من خلال السياسة. وقد نجح بذلك.
عندما أخبرني بيرني ساندرز لأول مرة بأنه يفكر بخوض انتخابات للرئاسة، في شباط 2014، لم يكن مستعدًا في حينه لاستعمال اللغة النمطية للمتنافسين على الرئاسة. لقد لاحظت كيف تجنب استعمال مصطلحات مثل "عندما أصبح رئيسًا" أو حتى "كرئيس سوف...". عوضًا عن ذلك، كان يتحدّث عن بناء حراكات وتثقيف الناس حول الممكن تحقيقه من خلال منظومتنا السياسية. وقد أخبرني السيناتور ساندرز خلال مقابلة أجريتها معه مقولة تحولت إلى عنوان أساسي للجريدة في المجلة في حينه- بيرني ساندرز: "انا جاهز للتنافس على رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية" –وأضاف: "الحملة الانتخابية يجب أن تكون أكثر بكثير من مجرد كسب أصوات والفوز بالرئاسة. يجب على الحملة أن تساعد على تثقيف الناس وتنظيمهم. اذا تمكّنّا من فعل ذلك، نستطيع تغيير ديناميكية عمل المنظومة السياسة لسنين طويلة قادمة".
خلال السنوات السّتّ التّالية، ناضل ساندرز بعناد من أجل تحقيق رؤيته المذكورة. وذلك في خضم سعيه لنيل ترشيح الحزب الديموقراطي له عن طريق حملتين رسميّتين وأخرى غير رسمية وغير منقطعة حقًّا.
اضطر ساندرز أن يعدّل لغته قليلًا، مدركًا انه من الضروري في السياسة الأمريكية حثّ المصوتين على تصوّر رئاسة بإدارته. في النهاية استطاع ساندرز أيضًا تبنّي الفكرة بنفسه حيث أظهرت استطلاعات الرّأي مبكّرًا في 2019 ومرة أخرى في 2020 انه هو المتنافس صاحب الفرص الأوفر للفوز في سباق حاشد بالمتنافسين الديموقراطيين. ولكن، بعد سلسلة من الخسارات في الانتخابات التمهيدية في آذار-مارس، ومع أرقامه الآخذة بالهبوط باستطلاعات الرأي، عاد ساندرز الى الوضع الذي عرفه في نهاية حملة ال2016 الانتخابية وهو: كونه المتنافس الأخير الصّامد مقابل مرشّح مفترض. يوم الأربعاء، علّق ساندرز حملته الانتخابية بكلماتٍ طيّبة للمرشح المفترض نائب الرئيس السابق جو بايدن، وبرسالة موسّعة لداعميه التي جدّدت رؤيته عن بناء الحراكات والتثقيف.
أدرك ساندرز أنه لن يكون رئيس الولايات المتحدة الديموقراطي الاشتراكي الذي سيقود التغيير. أدرك انه لن يكون حتى المرشح عن الحزب الديموقراطي للرئاسة. سوف يكون سيناتور، واحد من مئة سيناتور في مجلس الشيوخ، يناضل بشدّة من أجل الدّفع قُدُمًا بسياساتٍ وسط جائحة الكورونا والأزمة الاقتصادية التي تلتها. "إننا متأخرون الان عن نائب الرئيس بايدن بحوالي 300 ممثّل، والطريق نحو النّصر مستحيلٌ نظريًّا"، هذا ما أخبر داعميه به يوم الأربعاء، من خلال تقنية بث مباشرة والتي أصبحت وسيلة الاتصالات المركزية في أيام الكوفيد-19. بالرغم من ذلك، بانت أكثر على السيناتور الحيوية عندما أعلن "في وصلت حملتنا الانتخابية في نهايتها، الا أن حركتنا ليست كذلك".
"دعوني أقول بشكل قاطع. كما تعلمون جميعًا، نحن لم نكن يومًا مجرّد حملة انتخابية" صرّح ساندرز. "نحن حراك متعدّد الأعراق والأجيال ذات قاعدة شعبية، حركة آمنت دومًا بأن التغيير الحقيقي لا يأتي من الأعلى الى الأسفل، بل دومًا من الأسفل الى الأعلى من القاعدة الى القمة. لقد تحدّينا وال ستريت، شركات التأمين، شركات الأدوية، شركات النفط، مجمّعات الصناعة العسكريّة، مصالح السجون وجشع الشركات النخبويّة كافّةً. هذا النضال مستمر."
ان النجاح الفوري للحراك – وقدرته على تحقيق المزيد من النجاح في هذه الأيام الحرجة – هو أكثر ما يزيد ساندرز حماسًا. فهو ينوي ان يكون قوة ضخمة في الحزب الديموقراطي، ويتوقّع ان المندوبين اللذين كسبهم في الانتخابات التمهيدية التي جرت حتى الان – بالإضافة للذين سيكسبهم في الانتخابات التمهيدية المزمع إجراؤها –سيصيغون البرنامج الأكثر تقدّميّة في تاريخ الحزب. على مستوى جوهري أكثر ، يتوقّع ساندرز ان هذا البرنامج الراديكالي سيكون الطّرح البديل لسياسات التقشّف التي ينوي المحافظون دفعها مع زوال الأزمة.
عندما تحدّثنا في الأسبوع المنصرم، تمحورت محادثتنا بالأساس حول جائحة الكورونا والسياسات التي يجب ان تُدفع قُدُمًا لمواجهتها بحسب ساندرز. ولكن السيناتور ادّعى ايضا أنه سيكون من الأسهل ضمان تغطية صحية لجميع من يحتاجها بدون مقابل، حماية العمال من خلال توفير دخل مضمون، الإبقاء على خدمة البريد، تعزيز ديموقراطية قويّة بفضل التغييرات في منظومتنا السياسية التي ساعدت حملته في تحقيقها.
"دعوني أبدأ من خلال وضع الأمور في سياقها الصحيح" بدأ ساندرز: "أظن ان بجعبة الحراك التقدّمي الكثير مما يجعله فخورًا من ناحية ما تمكّنا من تحقيقه في السنوات الأخيرة. حاليًّا، من الواضح جدًّا أننا ربحنا المعركة الايديولوجية. حول قضية تلو الأخرى من القضايا التي كانت تبدو قبل أربع او خمس سنوات متطرّفة، الرؤى التقدّمية تلقى الان دعمًا واسعًا من الديموقراطيين – وفي العديد من القضايا من الأمريكيين بشكل عام. لقد حوّلنا هذه الدولة بشكلٍ كبير جدًّا الى منحًى تقدّميٍّ، وفي النهاية هذا مهم جدًّا."
"لذا، أظن انني مرتاحٌ جدًّا حين أقول اننا على نطاق الحزب الديموقراطي، بل على النطاق الأوسع – الدولة، نفوز بالنقاش الأيديولوجي، وهذا أمرٌ يجدر بنا الاعتزاز به."
النقطة الثانية والتي لا تقل أهميّة، هي أن مستقبل هذه الدولة لا يرقد بأيدي أبناء ال75 – 80 من عمرهم. بل بأيدي الجيل الشّاب. من الناحية الأيديولوجية، اننا نفوز بالجيل الشّاب بشكل جارف.
لست أتحدّث فقط حول حملتي الانتخابية. انما أتحدّث عن المكان المختلف الذي يأتي منه الشباب. وأوضح ساندرز ان "الفوز بالجيل الشّاب" لا يقتصر على ضم أصواتهن ودعمهم لحملته الانتخابية فحسب. بل بُعد هذه الشريحة واختلافها العميق مع مؤسسة الحزب الديموقراطي.
أضاف ساندرز: "عندما تتحدث عن مستقبل هذه الدولة، وتتحدّث عن حراك متعدّد الأجيال، متعدّد الأعراق من أمريكيين – أفارقة الأصل، بيض، لاتينيين وأمريكيين أصليين واسيويين أمريكيين، هذا هو مستقبل الدولة! هم المستقبل، وهم يتوافدون بأعداد رهيبة نحو ايديولوجيّتنا وسياستنا وعقيدتنا حول مسار هذه الدولة". هذين انتصارين هائلين لنا.
بيرني ساندرز محقّ. ان الحركة التقدّميّة بوضعية مختلفة أقوى من وضعيّتها بسنة 2014 عندما بدأت إمكانية منافسته على الترشّح للانتخابات. السيناتور يبيّن ان حملته ليست لوحدها من قامت بإحداث التغيير. حركات غير انتخابية أعادت بناء مفهومنا وسياستنا العملية في السنوات الأخيرة، حول قضايا اقتصادية، اجتماعية وعدالة عرقية. على أيّة حال، إنّ الدور الذي لعبه ساندرز في إعادة البناء العظيمة هذه لا يستهان به. إنّ وجود مرشّح رئاسيّ ناصر حراكات وأعلى صوت رسائلها لهو أمرٌ بالغ الأهميّة.
بالرّغم من أن التقدّميين لم يحققوا مرادهم بوصول ساندرز إلى سدة الولايات المتحدة، ولكن – كما طرح ساندرز قبل ستّة سنوات – لقد غيّر التّقدّميون ديناميكيّة السياسة لسنين طويلة.
إضافة تعقيب