بدأ الاسبوع الاخير من العام 2019 في ظل السعي للبقاء: ففي الوقت الذي يستعد فيه رئيس الوزراء للنجاة من مغبة لائحة الاتهام التي تحوم فوق رأسه من خلال اجراءات الحصانة السياسية والقضائية، ينشغل مواطنو الدولة ممن يؤتمن هو على سلامتهم وأمنهم بمحاولات انقاذ أنفسهم واقربائهم من مغبة الانفلونزا.
هنا ينتهي وجه الشبه بين الامرين: بينما نتنياهو يتمتع بتأييد افضل المهنيين الذين يعملون ليل نهار لضمان حصانته السياسية وحريته، يبقى باقي سكان الدولة مكشوفين. فرغم الازمة المستمرة في الجهاز الصحي، والذي تفاقم دراماتيكيا مع الارتفاع في امراض الشتاء، ليس هناك من يمد لهم اليد للمساعدة. فالمستشفيات مليئة حتى التعب، وصناديق المرضى تنهار تحت عبء العجوزات، ولكن احدا من منتخبي الجمهور لا يقاتل حربهم، حربنا.
منذ اشهر طويلة والعقدة السياسية تلقي بظلالها على كل مجالات حياتنا. المعركتان تجريان بالتوازي، معركة رئيس الوزراء ومعركة كل اولئك الذين ليسوا هو، تشهدان على القطيعة الواسعة بين الجمهور وبين اولئك الذين يفترض بهم ان يمثلوه. ففي الوقت الذي ينشغل فيه مواطنو اسرائيل في البقاء الحقيقي، اليومي، في دولة لا توفر لهم خدمات طبية اساسية، يفضل سياسيون الاستسلام لحرب البقاء لنتنياهو. ولكن ليس فقط منتخبو الجمهور مذنبين بتقصير الاسابيع الاخيرة.
فللفوضى الطبية التي يتميز بها هذا الشتاء وما سبقه من شتاء، المسؤولون، هم اولا وقبل كل شيء موظفو المالية الملتزمون، كما يبدو، بصندوق الدولة اكثر مما هم ملتزمون بحياة سكانها. من يعتقد ان التمويل الناقص على نحو متطرف هو وسيلة شرعية وناجعة لادارة جهاز حيوي وحساس بهذا القدر – هو إما سادي أو غبي. وربما اثنان معا.
كما أن ادارة وزارة الصحة، التي لا تسارع الى اطلاق صرخة المرضى الا عندما تشتعل الارض تحت اقدامها، مذنبة بالقصور. انباء عن موسم من الانفلونزا الشاذة في خطورتها تأتي من استراليا منذ نيسان. وفي الاشهر الثمانية الماضية منذئذ كان يمكن وينبغي الاستعداد على نحو افضل للوقوع في الامراض في اسرائيل.
واخيرا، ينبغي أن نقول الحقيقة: الجمهور هو الاخر يتحمل مسؤولية لا بأس بها عن الازمة الحالية لانه رغم الشروحات المتكررة عن اهمية التطعيم في منع المصيبة لا يكلف نفسه عناء تلقي التطعيمات الا في حالة ان تكون الكارثة قد وقعت. وحتى في السنة التي تكون فيها استجابة عالية نسبيا للدعوى بتلقي التطعيمات ضد الانفلونزا، فان 20 في المئة من السكان فقط يفعلون ذلك.
في كل سنة تأمر وزارة الصحة بتدمير عشرات الاف الحقن التي لم يكن من يطلبها. وهذه السنة ايضا كانت تطعيمات متوفرة لسكان الدولة على مدى اسابيع، ولكن قلة فقط توجهوا لتلقيها وفقا للتعليمات. اما عندما تنفد احتياطات التطعيمات في كل العالم وبسرعة، فان من اختار تجاهل هذه التعليمات سيضطر لان يدفع الثمن بجسده. قبل لحظة من عودة المطر لعله من المجدي ان نتعلم مرة واحدة والى الابد من رئيس وزرائنا كيف ينبغي ان نهتم بأنفسنا: حصانة شخصية وتطعيم شخصي يسبقان كل شيء. وعندها فربما حقا لن يكون شيء.
إضافة تعقيب