news-details

خطة ترامب اوضحت بأن اليسار يتهدده خطر الانقراض

بعد تأييد حزب "كاحول لافان" لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واجه اليسار حقيقة كونه جسم صغير ومعزول يهدده خطر الانقراض

 

لقد قال مناحيم بيغين في حينه عن خطة الحكم الذاتي التي عرضها على الفلسطينيين في اطار اتفاقات كامب ديفيد، بمبالغة معينة، إن "كل من شاهدها أثنى عليها". وعن خطة القرن لترامب، التي بمعان كثيرة هي أسوأ للفلسطينيين، يمكن القول إن "كل من شاهدها اهتز من الانفعال وسال لعابه وطلب تطبيقها الآن وعلى الفور"، على الاقل في اسرائيل. 

الردود الاكثر تحمسا على الخطة التي لا اساس لها والتي هي احادية الجانب للرئيس الأميركي، والتي تعتبر احتمالات قبولها معدومة، والتي يمكن أن تؤدي الى العنف والى اغلاق الدائرة على حل الدولتين، لم تأت من رؤساء اليمين. 

هؤلاء ذهبوا ضحية للوعود العبثية لبنيامين نتنياهو، التي تقول بأنه يمكن أكل الكعكة وابقائها كاملة، أي ضم مناطق بصورة فورية دون قبول الخطة بكاملها، بما في ذلك اعتراف بإقامة دولة فلسطينية، الى أن جاء جارد كوشنير وأيقظهم من حلمهم الجميل. 

هذه ليست حال رؤساء "كاحول لافان" الذين هم وخبراء معروفين في الامن القومي أعطوا موافقتهم على الخطة السياسية المهووسة التي لا مثيل لها، التي تهين الفلسطينيين وتزيد مواقفهم تطرفا. بيني غانتس واصدقاءه تبنوا الخطة بكامل بنودها، مع تنصل صغير ومتأخر من بند الترحيل الموجود فيها. لقد وصفوها كإنجاز سياسي لامع، انطلاقة تاريخية، قاعدة صلبة لعملية سلمية يؤيدونها.

مباركتهم اعطت شرعية لهذه الخدعة الانتخابية المكشوفة لنتنياهو. لقد حولت مباركتهم خطة القرن بين ليلة وضحاها الى اجماع كامل تقريبا في الرأي العام. ولكن سواء كان تأييدهم للخارطة القاتمة التي عرضها ترامب صادق، أو كان مجرد كلام ونتيجة ضغط، فان ما رجح الكفة هو الخوف. 

رؤساء "كاحول لافان" خافوا من السقوط في شرك نصبه لهم نتنياهو، الذي كان سيعرض تنصلهم من الخطة كدليل على يساريتهم ونواياهم الخبيثة للارتباط مع القائمة المشتركة. لقد ارتعشت ركبهم بسبب الضرر الانتخابي الذي يمكن أن يحدث لهم نتيجة مواجهة مع رئيس أميركي محبوب وشعبي، لا سيما اذا رد عليهم بتغريدات غاضبة ومهينة في تويتر.

إن تأييد الكثيرين والجيدين جدا لخطة ترامب لضم غور الاردن والمستوطنات واقامة دولة فلسطينية، ليست أكثر من وهم نزل على اليسار أو على بقاياه مثل الرعد في يوم صاف في نهاية سنة فيها تمتعوا بتحولهم الى جزء لا يتجزأ من معسكر سياسي كبير وموحد، فان خطة ترامب كشفت امام رؤساء اليسار وناخبيهم وضعهم الحقيقي. وحدة غير مفرحة.

رغم أن كثيرين احتجوا على ذلك، إلا أن غياب النقاش السياسي في الحملات الانتخابية التي جرت في نيسان وايلول 2019، مكن اليسار من نفي الفجوات الجوهرية والسياسية والانضمام الى رؤساء "كاحول لافان"، على الاقل عاطفيا، تحت راية مشتركة وموحدة هي هزيمة نتنياهو. وقرار غانتس تبني الخطة بحرارة مع تحفظاته التي هي بصعوبة ضئيلة، قلب الصورة رأسا على عقب، اليسار مرة اخرى يوجد في الهامش وصورته الظاهرة في المرآة لا تبعث على البهجة: أقلية ضئيلة، تقريبا معدومة، امام يمين موحد وكبير، الذي يختلف فقط بدرجة عبادته أو عدائه لرئيس الحكومة.

الوضع البائس لليسار ظهر حقا رياضيا بعد اندماج حزب العمل- غيشر وميرتس الذي يمثل بالاجمال 10 مقاعد من أصل 120 مقعدا، 8% تقريبا. ولمن وجد صعوبة في هضم الرسالة، فان الحماس من خطة ترامب أكمل ما هو ناقص: اليسار معزول، سياسيا وقيميا، وإذا لم ينهض في 2 آذار فهو سيجد نفسه في خطر الانقراض.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب