news-details

دروس التاريخ تحتم على روسيا معارضة انضمام أوكرانيا للناتو | أهارون بابو

كي تواصل روسيا في أن تكون قوة عظمى هامة، والا يترك امن مواطنيها سائبا لنزوة هجومية ما، كهجوم هتلر في العام 1941، فإن عليها أن تعارض انضمام اوكرانيا الى الناتو بكل الوسائل، بما في ذلك اعطاء استقلالية للمناطق التي يوجد فيها سكان روس كثيرون

في كل ما يتعلق بقرار غزو اوكرانيا، أنا مع بوتين لأنه محق تاريخيا بالنسبة لأوكرانيا في أنها في واقع الامر جزء من روسيا، ولم يسبق لها ان كانت دولة مستقلة قبل حل الاتحاد السوفياتي في العام 1991.
كما أنه محق في فهمه الاستراتيجي لحماية روسيا من غزو قوات اجنبية في وقت ما في المستقبل اذا ما انضمت اوكرانيا الى الغرب، الامر الذي سبق أن حصل في 22 حزيران 1941، في اثناء الحرب العالمية الثانية، عندما غزاها ثلاثة ملايين جندي الماني.
روسيا بوتين هي قوة عظمى كبيرة ملزمة بأن تحافظ على نفسها بحزام أمني حولها كي لا تعلق في وضعية سياسية، امنية مشابهة لتلك التي حصلت في العام 1941 مع الهجوم النازي الذي ورط روسيا في حرب عالمية قتل فيها 20 مليون سوفياتي. 
وقد حصل هذا كما هو معروف رغم أنه كان بين الدولتين، المعتدية والمعتدى عليها، اتفاق ملزم منذ العام 1939 بالتعاون، اتفاق ميلوتوف – ريفانتروف، والهجوم الالماني الذي اعد سرا وبدهاء كان خرقا فظا للاتفاق اياه من ناحية عسكرية وكذا من ناحية القانون الدولي. 
صحيح ان كل هذا حصل قبل 80 سنة، ولكن رئيس دولة هكذا هوجمت ذات مرة ملزم بان يتوقع اتجاه المستقبل وان يستعد لما من شأنه ان يحصل حتى بعد 80 أو 100 سنة. نحن نتوقع ان يقف على رأس الدول اناس منسجمون ومثقفون يتعلمون من الماضي كي يحضروا المستقبل. 
حينما يرى سياسي كبوتين ان منظمة الناتو والولايات المتحدة على رأسها تدعم اوكرانيا كي تضمها الى الناتو، حيث أن القوة العظمى الاولى في اوروبا هي مرة اخرى المانيا. فلا يمكن التوقع منه الا يفعل شيئا. شخص في رأس قوة عظمى ملزم بان يتخوف من ان ما حصل من شأنه ان يحصل مرة اخرى. من ناحية وسيا من شأن هذا ان يحصل لانه حتى حلف وارسو تفكك، وليس لروسيا حلفاء يحمونها كحزام امني اذا ما اعتدي عليها.
اسأل نفسي لماذا لم يستخدم بوتين بعد المثال الذي يثبت بانه محق في مواقفه. إذ انه في تشرين الاول 1962 فقط، وقعت حالة معاكسة. في حينه اضطر الرئيس جون كيندي لان يرد عندما تبين له بان روسيا تسلح بصواريخ نووية كوبا، دولة في جزيرة مجاورة قرب الولايات المتحدة على راسها يقف فيدل كاسترو حليف روسيا خروتشوف. 
فقد وثّق سلاح الجو الامريكي بالصور الصواريخ في كوبا موجهة الى الولايات المتحدة، والرئيس الامريكي وقف امام قرار مصيري: ان يوقف الاسطول الروسي في عمل حربي، كان من شأنه ان يؤدي الى نشوب حرب عالمية ثالثة ونووية، او ان يتجلد ويبحث عن صيغ دبلوماسية فقط – الامر الذي كان سيترك الولايات المتحدة في مكانة ضحية قابلة للابتزاز من الاتحاد السوفياتي. 
كيندي صمد امام الضغط واختار تهديد خروتشوف، بانه اذا لم يسحب الاسطول ولم يفكك الصواريخ التي سبق أن نصبت في كوبا، فسيكون صدام عسكري. وكان خروتشوف هو اول من تراجع واصدر امرا للاسطول الروسي للتراجع الى الوراء والعودة الى الوطن مع الصواريخ.
وها هي لم تمر الا 60 سنة منذ الانفجار شبه النووي بين الولايات المتحدة وروسيا. والان توجد وضعية مشابهة: الناتو والولايات المتحدة يطلبان من روسيا ان تتفكك من حزامها الامني الذي يتشكل من اوكرانيا، بيلا روسيا ودول اخرى كانت ذات مرة جزء من الاتحاد السوفياتي. ولكن كي تواصل روسيا في أن تكون قوة عظمى هامة والا يترك امن مواطنيها سائبا لنزوة هجومية ما كهجمة هتلر في العام 1941، فإن عليها أن تعارض انضمام اوكرانيا الى الناتو بكل الوسائل، بما في ذلك اعطاء استقلالية للمناطق التي يوجد فيها سكان روس كثيرون. 
وكان هنري كيسنجر بنفسه كتب مع انحلال الاتحاد السوفياتي: "لا ينبغي ان ننسى ان السبب الاساس للمواجهات الاوروبية في الـ 150 سنة الاخيرة كان يكمن في الارض السائبة التي بين الروس والالمان".
والان حان دور بوتين لان يكون في مكان جون كيندي في حينه. فيما أن علينا أن نتماثل مع من اعطى لنا يدا حرة للعمل في داخل سوريا، وفقا لمصادر اجنبية، كي نمنع سيطرة ايرانية. ليس لدينا الكثير من الاصدقاء، وبوتين اثبت بانه صديق حقيقي، على الاقل في عهد نتنياهو.

 

أهارون بابو
معاريف- 1/3/2022 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب