يديعوت أحرنوت- 12/5/2020
*الاحلام المحطمة ليست نتيجة الوباء بل نتيجة سياسة اللا سياسة التي تنتهجها الحكومة*
أتتذكرون الحياة الطبيعية؟ تلك التي يتوقع الجميع العودة اليها؟ بالامر؟ تلك التي اغلقت، اقفلت، اخرجت الى اجازة غير مدفوعة الاجر، ادخلت الى التجميد، حللت لاصحاب الشأن، القي بها من تحت دواليب الوباء وعندها اختفت؟ تلك التي اذا وجدتموها فليس مؤكدا ان تستقبلكم، إذ صحيح حتى الان كيف يمكنكم ان تسمحوا بها لانفسكم؟
الحياة الطبيعية التي يطالبونكم بان تأخذوا بها في هذه اللحظة بكلتي اليدين المشغولتين على اي حال باطفال لم يعودوا بعد الى الاطر التعليمية، بالأبوين اللذين لم يتحررا بعد من حبسهما، بالمحاولة اليائسة للتمسك بما تبقى من خدماتكم؟
هذه الحياة الطبيعية، نعم. هذا الامر الاسرائيلي الذي نجحتم دوما في ان تبقوا الرأس، كيفما اتفق، فوقه، واحيانا تحته.
هذه الحياة الطبيعية آخذة في الابتعاد حتى عندما تجري ظاهرا عودة ما. بالنسبة لكل الاسرائيليين الذين لم يتمكنوا من الامساك بخدمة عامة ما، أو لمقعد السائق في قاطرة تكنولوجية عليا ما، لا يوجد ولن توجد قريبا حياة طبيعية. يوجد، وسيكون قريبا، فقط ملايين الشظايا من الانجازات الصغيرة، الامال الكبرى، الاحلام المحطمة والاستثمارات المصادفة التي لا يوجد اي سبيل للبدء بجمعها من أرض الواقع.
وهذه الشظايا في كل مكان حولنا. بقايا حياة صاحب قاعة مناسبات. سائق سيارة عمومية، حلاق، مصممة فساتين، صاحب مطعم، دي جي، نجار، كل باقي الاسرائيليين الطيبين، العاديين، الاسوياء، الذين بالاجمال سعوا لان تكون لهم حياة مناسبة. حياة بقاء.
كل الاشخاص الذين أمرتهم الدولة بان يوقفوا كل شيء، ان ينسوا كل شيء، ان يتركوا كل شيء، وعدم الانتظار الا للمكالمة في محاولة ضائعة لمعرفة كيف يمكن تعبئة النموذج الذي لن ينجحوا في تقديمه في موقع انهار في الوقت الذي يعد فيه وزير مالية مع نصف قدم في الخارج بان يكون كل شيء على ما يرام؛ وفي الوقت الذي يقول فيه لهم المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء بالبث الحي انهم بالذات لا يبدون له جوعى؛ والتأمين الوطني يواصل ارسال المطالب الجارية لهم؛ وضريبة القيمة المضافة لم تحسم نهائيا اذا كانت ستؤجل، ولكم ستؤجل، وفي واقع الامر لا تؤجل الدفع.
وبينما يعدهم الجميع بتعويضهم – وبالطبع بعد حسم الضرائب، وضريبة القيمة المضافة والديون المتراكمة – وبينما يروي لهم الجميع بان التعويض سرعان ما سيأتي حقا، الشيك في البريد، والبريد مغلق، والحجر الغي، وعودوا الى الحياة الطبيعية – فان كل هؤلاء الاسرائيليين ببساطة يداسون. جيئة وذهابا.
وهم لن يعودوا إذ ليس لهم الى اين يعودوا. حياتهم الطبيعية اعدمت، وليس فقط من قبل قوة عليا ما؛ من قبل حكم تميز دوما بالاقوال، بالاعلانات، بانتاج دقائق بث غالية كي ينفخ لنفسه الصدر وفشل تماما بالتنفيذ العملي. في القول: مهما كلف، نحن سنحرص على أن تواصلوا العيش. الا تجوعوا. الا تفلسوا وتنهاروا. وها هو، نقدا، 70% من مداخيلكم في كل شهر عادي.
وها هي المنح لتغطية الاجر وها هي الامتيازات والتأجيلات الضريبية للاعمال التجارية وها هي الشيكات للافراد وها هو بدل البطالة الموسع، وها هي الامتيازات للمقاولين المستقلين والاعمال الحرة، وها هي مخططات الانقاذ للعاملين وها هو بدل المساعدة لارباب العمل، وها هي المساعدة الاولية للمزارعين، وها هو صندوق الطوارئ لتمويل استمرار استئجار الممتلكاتـ، وها هو القرض غير المحدود بالزمن للعمال التجارية الصغيرة، وها هو الاعتراف والمساعدة في تغطية الخسائر. ها هو المال، مالكم لكم، مال الضرائب لكم، اذا لم يكن الان فمتى.
إذ لا توجد نهاية لامكانيات المساعدة – كلها، بالمناسبة، طبقت في الولايات المتحدة وفي قسم كبير من الدول الاوروبية. اما في اسرائيل فلا يزالون يعلنون النوايا ويتوقعون من منصات الخطابة بقايا الخناق ومنازعة الحياة لما كانت ذات مرة مرافق اقتصادية.
إذن ها هي؛ ها هي الاحلام المحطمة، ها هي الحياة المفرغة، ها هي نتائج ليس الوباء بل سياسة اللا سياسة. إذن عودوا الى الحياة الطبيعية، نعم؟ وربما ستكتشفون انها اصبحت بالنسبة لكم ايضا، بعد أن ترسب الغبار، غير قابلة للتحقق.
إضافة تعقيب