هآرتس- 24/1/2022
الاطلاع على افادات الجنود الذين نكلوا بالمسن عبد المجيد اسعد يثير الاشمئزاز. الجميع في هذه الحادثة قام بدوره: الجنود قاموا بالتنكيل والعجوز مات والامريكان احتجوا والجيش الاسرائيلي قام بالفحص. ولم يتم تقديم أي أحد للمحاكمة، وبالتأكيد لن يعاقب أحد كما يجب
لو كان بوسعي الالتقاء مع جنود كتيبة "نتساح يهودا" الذين نكلوا بالمسن عمر عبد المجيد اسعد ابن 80 سنة وتسببوا بموته، لكنت سألتهم سؤالا واحدا: ماذا كان سيحدث لو أن اسعد كان هو جدكم؟ لا يجب اعطاء مواعظ اخلاقية، وايضا ليس مسلسلات تربوية، كان هذا السؤال يكفي من اجل زعزعة عالمهم.
من تجربة الماضي، كانوا سيردون بصورة هجومية، وتشويش وفقدان اعصاب. هذا السؤال كان خارج حدود التفكير الذي دُجنوا به. لا يمكن الوقوف في الليل على الحاجز والتنكيل بمسن والتفكير بجدكم. كانوا سيقولون: كيف يمكن اصلا المقارنة. جدي ليس ارهابيا. لم يكن لنا خيار. هكذا كانت الاوامر، ماذا كنت تريد منا أن نفعل. أمن اسرائيل.
لكن هذا السؤال يجب سؤاله مرة تلو الاخرى لهؤلاء الجنود، وهم اشخاص متدينون متزمتون يخدمون في الكتيبة التي لها الاسم البهي الذي يبعث على السخرية، نيتساح يهودا، التي يوجد لها سجل غير قصير من اعمال التنكيل الوحشية بالفلسطينيين. ليس بالصدفة أن الجيش الاسرائيلي يرسل كتيبة متزمتة تحمل الاسم التوراتي، لتقف امام سكان فلسطينيين وتحتك بهم. لديهم التنكيل يتم باسم الله.
الاشمئزاز يثور عند قراءة افادات الجنود في التحقيق الذي اجراه الجيش، وهو تحقيق سريع وناجع لم يقم الجيش في أي يوم بإجراء تحقيق مثله. ولكن لسوء حظ جنود الكتيبة فإن ضحيتهم كان يحمل في هذه المرة جواز سفر امريكي، والامريكيون خلافا للاسرائيليين، يريدون معرفة الحقيقة. نوع من الميزة الغريبة. لذلك، الجيش الاسرائيلي كان يجب عليه أن يحقق، حتى بسرعة، تقريبا حدث من الخيال العلمي عندما يتعلق الامر بتحقيقات الجيش الاسرائيلي بالتنكيل وقتل الفلسطينيين.
ايضا السن المتقدم للضحية، 80 سنة، جعلت الجنود على وشك أن يرتجفوا. احدهم قال إن اسعد ظهر في نظره كأصغر بعشرين سنة من عمره الحالي. لذلك، اعتقد أنه مسموح له رميه على الارض في الليل البارد، مع فم مغلق وعيون معصوبة وأيدي مقيدة مثلما لم يكن ليفعله مع كلب ضال. ولكن ايضا من ليس في قلوبهم رحمة لم يستطيعوا البقاء غير مبالين ولو بسبب سن هذا الرجل.
لا يمكن أن تبقى غير مبال ازاء افادات الجنود. يتبين أنه ايضا للحيونة والوحشية توجد درجات. هنا تم تحطيم رقم قياسي آخر. من اجل الدفاع عن أنفسهم قال المتنمرون بأنهم لم يلاحظوا علامات ضائقة على الشخص الذي حولوه الى كيس بطاطا، ورموه على الارض وابقوه هناك اكثر من ساعة يختنق وهو مكبل.
وما هي علامات الضائقة التي يمكن لشخص مكبل وتم كم فمه وعيونه معصوبة أن يظهرها. هل يريدون أن ترتجف آذانه؟ وأن يتسمر شعره؟ اسعد المسكين صرخ عليهم بأنه ليس مخربا في الوقت الذي اعتقلوه فيه، وهو في طريقه الى البيت في الليل، ماذا كانوا ينتظرون منه؟ أن يسجد ويضع انفه على الارض وأن يقبل اصابع اقدامهم؟ وماذا كان سيفعل جدهم؟
ينيف كوفوفيتش كتب أن الجنود قالوا إنهم تلقوا أمر. ليس واضحا ممن، ربما من إله الجنود، لتكبيل كل من يأتي الى الحاجز وكم فمه، من اجل أن لا يعرفوا في القرية عن النشاط العملياتي للجنود. مصادر امنية قالت للصحيفة إن هذا "حدث غير جيد، حدث قاس"، كما يبدو بسبب السمعة السيئة التي من شأنه أن يلحقها بالجيش الاخلاقي في أمريكا. لا تقلقوا، حتى الامريكان سينسون بسرعة. على أي حال، في النيابة العسكرية سارعوا الى تعديل الانطباع والتنصل من كل أمر: "ظروف موته غير مرتبطة بسلوك القوة العسكرية"، قالوا. هم يعرفون، هم فحصوا. انتهى الامر.
الجميع نفذوا دورهم: الجنود نكلوا، العجوز مات، الامريكيون احتجوا، الجيش الاسرائيلي فحص. لم يتم تقديم أي أحد للمحاكمة. وبالتأكيد لن يعاقب أحد كما يجب. لأن اسعد مات بسبب نوبة قلبية، وكل ما سبق ذلك لم يكن مرتبط بموته، وايضا كل ما حدث كان سليم واخلاقي وقانوني.
فقط هناك طلب واحد من الجنود: رغم كل شيء، رجاء فكروا ولو للحظة ماذا كان سيحدث لو أن اسعد كان هو جدكم ومات بهذه الصورة.
إضافة تعقيب