news-details

سياسة حكام اسرائيل هي الخطر على أمن اسرائيل| توفيق كناعنة

ان العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية قد تغير الى الأسوأ بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ هذا العالم المعاصر، ونتيجة لهذه الكارثة تغيرت العلاقات الدولية ايضا حيث اصبحت الدول الضعيفة ليس لها سند يقف الى جانبها ويدافع عن حقوقها في الساحة الدولية. لأن العالم تغير واصبح هناك قطب واحد هو الذي يتحكم في مصير هذا العالم خاصة وان هذا القطب هو قطب عدواني كان وما زال من أسوأ وأخطر الدول على السلم العالمي في مثل هذه المرحلة التي نعيشها. ونتيجة لذلك نرى ان هذا القطب الذي هو الولايات المتحدة الامريكية والتي تضع أنفها في جميع المناطق في العالم وتخلق الصراعات من اجل استمرار سيطرتها على العالم ومن اجل ذلك تخلق الأزمات والصراعات في داخل العديد من دول العالم. وتخلق منظمات ارهابية وتدّعي انها تقاومها مثل ما عملت على خلق داعش وفي الوقت نفسه خلقت ما سُمي ب"الربيع العربي" وبمساعدة عملائها تتدخل في شؤون هذه الدول مثل ما جرى في العراق، سوريا وليبيا. وما زالت تلعب الدور التخريبي في هذه الدول ونراها ايضا تتمادى على روسيا وتخلق لها أزمة في أكرانيا، وعلى الصين وتخلق لها أزمة في تايوان وتموّل هذه الدول في السلاح ضد روسيا وضد الصين.

 وهي ايضا تمد اسرائيل بالسلاح ضد الشعب الفلسطيني وضد الشعوب العربية وضد منطقة الشرق الاوسط، والهدف الاساسي لها هو استمرار سيطرتها على العالم، مع ان العالم في مثل هذه المرحلة نرى فيه تغيّر الى الأفضل نسبيا، حيث ان هناك قوى جدّية بدأت تبرز على المستوى العالمي مثل روسيا والصين وحتى ايران، مع ان الولايات المتحدة ما زالت مستمرة في استفزازاتها لهذه الدول وتقوم بالاعتداءات المتكررة عن طريق خدامها في هذه المناطق من العالم. وفي الواقع ان سياسة الولايات المتحدة هذه قد تؤدي الى حرب مدمرة وربما الى حرب عالمية ثالثة حيث ستكون نتائجها وخيمة على عالمنا كله، وسيكون هناك شك في مثل هذا الوضع اذا بقيت حياة على وجه الارض لأن مثل هذه الحرب لن يكون فيها غالب ومغلوب لأنها ستحرق الأخضر واليابس.

من الأهمية بمكان ان يفيق العالم على مثل هذا الخطر وان تتوحد القوى العالمية ضد الولايات المتحدة وصنائعها التي تستعملها لشن الحروب بالوكالة عنها، وان الذين يجب أن يصحوا اولا هم الدول الاوروبية حيث يجب ان لا يبقوا أداة طيّعة بيد أمريكا، لأن مثل هذا الخطر سوف يطالهم قبل غيرهم، لأن ساحة الحرب الاولى ستكون في اوروبا وفي مثل هذه الحالة يمكن لجم امريكا وأدواتها الذين يشنون الحروب على الشعوب الاخرى بالوكالة عنها.

نحن نرى اليوم ان الولايات المتحدة تدعم بشكل مطلق وبدون تحفظ حكام اسرائيل بعدوانها المستمر منذ عقود من الزمن على الشعب الفلسطيني، وبشكل خاص هذه الحرب المجرمة في قطاع غزة والضفة الغربية عسكريا، سياسيا واعلاميا ولولا مثل هذا الدعم لما استطاع حكام اسرائيل الاستمرار بحرب الابادة هذه. ومن الناحية الاخرى تدفع للفلسطينيين والعرب ضريبة كلامية على انها من اجل قيام الدولة الفلسطينية وأنها ضد اقامة المستوطنات، كيف يمكن ان يتماشى هذا الكلام مع استمرار اقامة المستوطنات على الاراضي الفلسطينية والتنكر لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال. وفي الوقت نفسه تعلن حكومة اسرائيل وتتخذ قرارا انها لن تقبل ان يُفرض عليها قيام دولة فلسطينية لأنها خطر على أمن اسرائيل وان اسرائيل هي التي ستبقى المسؤول الأمني على الضفة الغربية وقطاع غزة! يا سلام على هيك قرارات!!

ان الحقيقة المطلقة انه لولا الدعم الكامل من قبل الولايات المتحدة، وها هي تستعمل حق النقض الفيتو للمرة الثالثة، لما استمرت الحرب ضد الشعب الفلسطيني. ومن المؤسف ان الاكثرية المطلقة من القيادات الحاكمة في العالم العربي ما زالت متّرتحة في قفا امريكا، ولذلك ولولا هذه المواقف الداعمة لحكام اسرائيل لما كانت هذه الحكومة الاسرائيلية لتتمكن من اتخاذ قرارها المشين بعدم موافقتها على قيام الدولة الفلسطينية، وانها تريد الاستمرار في السيطرة على شعب بأكمله وان يبقى محتلا الى الأبد كما يتوهمون. نتيجة لمثل هذه السياسة العمياء والمتعجرفة نرى ان الخطر الحقيقي على امن اسرائيل هم حكام اسرائيل وبشكل خاص هذه الحكومة الاكثر يمينية وعدوانية في تاريخ اسرائيل.

ان حكام اسرائيل يعرفون جيدا ان الشعب الفلسطيني لم ولن يقبل بأي شكل من الاشكال باستمرار الاحتلال وان يكون هناك أوصياء عليه. ويأتي وزير عنصري يقرر لهم مَن يدخل المسجد الأقصى ومن لا يدخل، وكيف يجب ان يقوموا ويسلكوا في شعائرهم الدينية.

اذا كنتم انتم ترفضون ان يُفرض عليكم شيء فكيف تريدون فرض احتلالكم وعدوانكم الدائم على شعب بأكمله الذي قاسى وما زال يقاسي من العمليات الاجرامية التي ترتكبونها بحقه يوميا في مختلف مدنه وقراه ومخيماته؟! أي شعب يمكن ان يقبل مثل هذا الواقع المشين الا اذا كان شعبا ميتا، والشعب العربي الفلسطيني ليس شعبا ميتا بل شعب حي وجبار ولا يمكن ان يسكت على الظلم والاحتلال وسيبقى يقاوم الاحتلال بكل الوسائل المتاحة له حتى كنس الاحتلال عن أرضه وتحريرها واقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف شاء من شاء وأبى من أبى! وهذه حقيقة التاريخ لأن كل احتلال مهما طال نهايته الزوال والجميع يعرف الحقائق التاريخية بالنسبة لأي احتلال مرّ على العالم وكل الاحتلالات زالت ولا يوجد احتلال الا الاحتلال الاسرائيلي، وبهمّة واصرار الشعب الفلسطيني سوف يزول هذا الاحتلال ايضا.

ان استمرار حكام اسرائيل في سياستهم العدوانية ضد الشعب الفلسطيني واستعلائهم القومي وتزوير الحقائق هو في الواقع الخطر على أمن اسرائيل وأمن الشعب الفلسطيني وأمن المنطقة بأجمعها ولا أبالغ اذا قلت ايضا انها خطر على أمن العالم كله.

ان الشيء الأفضل في مثل هذه المرحلة التي نعيشها ان يصل الشعب الاسرائيلي الى مرحلة ينتخب فيها حكومة يكون توجهها نحو السلام والعيش المشترك بين الشعبين الاسرائيلي والعربي الفلسطيني، عندها يضمن الأمن والاستقرار ليس فقط للشعب الاسرائيلي والفلسطيني بل لشعوب المنطقة ايضا وهذا في الحقيقة ما أتمناه على الشعب في اسرائيل ان يأخذ دوره من أجل تغيير الوضع الى الأفضل.

عرابة البطوف

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب